الدوحة – الراية:

طرحت فرقةُ الدوحة المسرحية آخر أعمالها الفنية «صانع الدمى» عبر موقعها الإلكتروني على الإنترنت www.dohatheater.net، وذلك بهدف تلبيه رغبات محبي المسرح، من خلال تقديم أبرز عروض الفرقة المسرحية بجودة عالية عبر الشبكة العنكبوتية. والمسرحية التي شاركت ضمن النسخة الأخيرة من مهرجان الدوحة المسرحي من تأليف جمال عبدالله، وإخراج وتمثيل فالح فايز، وتشاركه في التمثيل أيضًا الفنانة حنان صادق، وسينوغرافيا الفنان عبدالرحمن المناعي، والمخرج المساعد إبراهيم محمد، ومساعد المخرج خليفة جبر، والموسيقى التصويرية لـ خليفة جمعان. وتدورُ أحداث المسرحية في زمن الحرب، أما المكان فمجهول، والشخصيات تتراوحُ بين الآدمية والدمى التي يستنطقها البطل التراجيدي ليقولَ على لسانها ما لم يقل. ويتناولُ العمل قصة زوجين يعيشان صراعًا بين الهروب من جحيم الحرب وويلاتها، وبين البقاء ورفض الرحيل، وهي فكرة تحملُ أبعادًا فلسفية ووجودية وحضارية أيضًا من خلال ثيمة الوطن والأرض.

حيث يرفضُ خليل «صانع الدمى» مغادرة منزله والهروب إلى المجهول، فيما تتمسكُ زوجته بالرحيل وترك البيت مخافة أن ينهارَ عليهما من شدة القصف. ويتركزُ الصراع الدرامي في هذا الجانب، ويتصاعدُ ليتحولَ فجأة من القالب التراجيدي إلى الكوميديا السوداء حين يتذكرُ كل منهما ماضيه. وهو نوع آخر من الهروب، لكنه هروب في المكان والزمان نفسه، كمحاولة لنسيان المأساة التي فرضتها الحرب. تذكر أحداث المسرحية في جانب منها بمسرحية «في انتظار جودو» لصموئيل بيكيت، ففي حالة اليأس والإحباط والحزن تشعرُ «الريم» أن الهروب يحفظُ حياتهما، وأن «جودو» وهو الذي يمكن أن يكون المخلص من الحرب لن يأتي، فيما يقبلُ خليل بالأمر الواقع والمصير المحتوم وهو يرنو إلى الهدف الذي يريدُ أن يصلَ إليه دون حاجة إلى «جودو». والمتأمل في المسرحية يجد أنها احتوت على عدد من المضامين الفكرية الإنسانية لعل من أهمها فكرة الارتباط والأرض، ومشكلات الإنسان في هذا العصر، وحالة الضياع والعزلة التي فرضتها العولمة والحروب والكوارث والجائحة وغيرها.