المحليات
الشيخ د. محمد حسن المريخي خلال خطبة الجمعة بجامع الشيوخ:

قضاء الحوائج يُعمر الدنيا ويُصلح الدين

الأجر والثواب لمن سعى في توفير واستجلاب الحوائج

عباد يسارعون لإسداء المعروف والتفريج عن المكروب

الدوحة – الراية:

أكد فضيلة الشيخ د. محمد حسن المريخي خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الشيوخ أنه من فضل الله تعالى أن تفضل على العباد بحوائجهم وحاجياتهم وما يعينهم على أمر دينهم ودنياهم، فبهذه الحوائج تعمر دنياهم ويصلح دينهم وتطيب حياتهم وتفرح قلوبهم وتنشرح صدورهم ويصلح حالهم ومجتمعهم.

وأضاف الخطيب: ومن فضل الله بهذه الحوائج أن رتب الأجر والثواب لمن سعى في توفيرها واستجلابها لأهلها، وشجع على القيام بها، وأثنى على الساعين فيها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سأله رجل عن أي الناس أحب إلى الله، فقال: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا .. حتى قال: ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له، ثبّت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وقال: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وكالقائم الذي لا يفتُر، وكالصائم الذي لا يُفطر» رواه البخاري، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم.

تفريج المكروب

وأردف: ومن فضل الله ورحمته أن جعل عبادًا يسارعون لإسداء المعروف بالمحتاج والتفريج عن المكروب، يسعون في قضاء حاجة المضطرين ونفوسهم ممتلئة بالرضا، فالسعي لقضاء حوائج الناس هو من أَجَلّ الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، فهو نعمة تستحق الشكر على من ألهمه الله إياها، قال تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى».. وقال: «وافعلوا الخير لعلكم تفلحون»، وحوائج الناس نفائسهم وأثمانهم والغالي عليهم والنفيس عندهم حسيًا ومعنويًا.

نعم ومنن

وقال الشيخ د. محمد المريخي إن حوائج الناس نعم ومنن وهبها الله إياهم، غالية نفيسة بها حياتهم ومعيشتهم وسرورهم، حوائج الناس فلذات أكبادهم ومدخراتهم، وذرياتهم وآمالهم وغاياتهم وأهدافهم، وحق هذه الحوائج أن تُشكر ويُحمد عليها المولى جل وعلا، وأن تُحفظ وتُصان، وتُبذل دونها الأرواح والمهج يقول تعالى «وأما بنعمة ربك فحدث» يتحدث المرء بنعم الله بصفة عامة ويحث نفسه وإخوانه على شكر المولى جل وعلا بالقول والعمل، ويحذر من كفرانها ولا يحدث بها عند وجود الحاسدين والحاقدين وحين الفتن والمحن.

كتمان الحوائج

وذكر الخطيب أن كتمان الحوائج وسترها وعدم التحدث بها إلا لمن يحب ويبارك خير وعافية، ففي الكتمان حفظ للنعمة ودفع للبليّة، وحماية وحراسة من زوالها وتبدلها أو منع وصولها، وفي كتمان الحوائج سبب للنجاح والبلوغ وقضائها وسلامة من الفساد، وفي الكتمان دفع للحاقد والحاسد وإبعاد للفاسق والفاجر والسفيه، وشأن الحوائج ومقامها أن تصان وتغطى ولا تترك لأعداء النعم وخصماء المنن، ولمن في قلبه أمراض وأضغان وأحقاد على نعم الله وعباد الله، يقول الله تعالى: «أهم يقسمون رحمة ربك، نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات..».

الحسد والعين

وأكد الخطيب أن من أشد ما يُخاف منه على الحوائج هو الحسد والعين والحقد الذي هو تمني زوال نعمة الله على الناس وتمني تبدلها وتغيرها وذهابها، وليست الحاجيات في الشؤون الحياتية والدنيوية ولكن حتى النفوس والذرية والأبناء والملك، فهذا يعقوب عليه السلام يأمر أبناءه بالدخول من أبواب متفرقة ولا يدخلون من باب واحد، خشية أن يعيّنهم الناس ويحسدونهم ويصيبوهم بأعينهم، فيقول: «يا بنيّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون»، وقال ليوسف عليه السلام «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا إن الشيطان للإنسان عدو مبين» حتى لا تصيبهم العين لكثرتهم وبهاء منظرهم، وجمال خلقهم وكونهم أبناء رجل واحد، وكانوا مظنة لأن يصابوا بالعين، ونهى يوسف عليه السلام عن أن يقصّ رؤياه على إخوته خشية الحسد والمعاداة ومحاولة قتله وإهلاكه ولأنه بان تعبير الرؤيا لأن يكون يوسف هو الرئيس الشريف عليهم، وسينال منصبًا جليلًا وعطاءً عظيمًا، ولأن صاحب النعمة شأنه أن يحسده الناس ويحقدون عليه، والشيطان عدو مبين يغري الناس للكيد والحسد، وهذا أمر حقيقي فإن إخوة يوسف عليه السلام لما تبين لهم حب أبيهم ليوسف خططوا للخلاص منه وإهلاكه ليفرغ لهم أبوهم «إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب على أبينا منا ونحن عصبة، إن أبانا لفي ضلال مبين، اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضًا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قومًا صالحين».

نفوس مريضة

ولفت د. المريخي إلى أنه في دنيا الناس نفوس مريضة ودنيئة مهمتها تتبع العورات وكشف السوءات وحب تتبع حوائج الناس، يحبون ويشتاقون للاطلاع على خفايا المخبوء من الحوائج، أقوام لا يذكرون الله ولا يعرفون المباركة على الحوائج والنعم، ولا يعرفون أن الرزاق هو الله وهو الذي قسم الأرزاق، وهذه من أرذل الأخلاق وأحطها. وقال: هؤلاء المفسدون في المجتمع حذرهم الله ورسوله وهددهم، يقول الله تعالى: «لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلًا، ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلًا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلًا» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته» رواه أبو داود.

وليعلم هؤلاء الفسقة أن الناس لا يحبون أن يطلع أحد على شؤونهم وأسرارهم ويكشف مخبوءاتهم ولا حوائجهم التي تتطلب الستر والحفظ والتغطية، وهؤلاء يحبون فضح الأسرار وتتبع العورات وكشف كل مغطى، هكذا فضولًا، وقلة أدب وسوء خلق وصفاقة وجه وحالًا سيئًا تربوا عليه.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X