فخ المباريات الودية ينسف أهداف جميع الأندية
الاستسهال في اختيار المواجهات يدمر طموحات الأجهزة الفنية
التنسيق ضروري بين الجهازَين الفني والإداري لاختيار الأنسب والمتاح
جني الأرباح هو الهدف الوحيد لسماسرة المعسكرات الخارجية
إذا أردت أن تكون كبيرًا فعليك بمواجهة الكبار قبل بداية المشوار
المكاسب المعنوية من مواجهة الهواة لا تسمن ولا تغني من جوع

متابعة- صابر الغراوي:
فِي الوقتِ الذي انطلقتْ فيه فعالياتُ المعسكرات الخارجيَّة للأندية القطرية خلال الأيام القليلة الماضية، والتي تستعد من خلالها لانطلاق فعاليات الموسم الكُروي الجديد 2022-2023، فإنَّ السؤال الأهم الذي يتبادر إلى الأذهان دائمًا في مثل هذه المناسبات يتعلق بحجم الاستفادة التي ستحققها هذه الأندية من تلك المعسكرات.
وعندما نتحدَّثُ عن هذه الاستفادة وتلك المكاسب فإن جميعها يتمركز حول المواجهات الودية؛ لأنَّها العنوان الرئيسي والمحك الحقيقي الذي يحدد حجم هذه المكاسب، لذلك كان لزامًا علينا أن نحذر مجددًا من فخ الاستسهال في اختيار الفرق التي نواجهها خلال تلك المعسكرات. فبعد أن حسمت جميع أندية دوري نجوم QNB أماكن معسكراتها، وحددت مواعيد بداية ونهاية هذه المعسكرات، جاء الدور بعدها على اختيار المباريات الودية والاتفاق مع فرق بعينها لخوض هذه المواجهات.
وفي هذه الأيام تحديدًا تحتاج الأندية لحسم بقية مبارياتها الودية سواء مع الأطراف التي تواجهها أو بالنسبة للمواعيد الأنسب لهذه المباريات، أو حتى الترتيب الأفضل لتلك المواجهات.
ضعف المباريات
والحقيقة أنَّ المشكلة الكُبرى التي يعلمها الجميع في كل معسكرات أنديتنا في الأعوام الماضية، كانت تكمن في ضعف المباريات الودية، حيث كان القائمون على هذه الأندية يتفقون على أي مباريات ودية متاحة أمامهم دون تكبد عناء التنسيق مع الأجهزة الفنية أو حتى البحث الجاد عن فرق قوية يمكن مواجهتها لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من تلك المواجهات.
والمؤكد أيضًا أنَّ ظاهرة الاستسهال في اختيار المباريات الودية أثَّرت بالسلب على مستويات الأندية التي انتهجت هذا النهج، في حين كان للأندية التي اختارت الطريق الصعب – وما أقلها بالطبع- شأن مغاير في جميع المنافسات.
سماسرة المعسكرات
والقصةُ مع مسؤولي الأندية تبدأ بكلِّ بساطةٍ من اختيارِ مكانٍ مثالي للمعسكر الخارجي، وفي هذا الجانب تحديدًا لا ننكر عليهم اجتهادهم الكبير لاختيار ملاعب جيدة للتدريبات وأماكن مميزة للإقامة وبجوارها صالات الجمنيزيوم التي تحقق الأهداف المنشودة لهذا المعسكر، ولكن كل هذه الامتيازات لا يوفرها «سماسرة» المعسكرات في الدول الأوروبية الذين يختارون الطريق السهل بترتيب المباريات الودية مع بعض الفرق من الهواة أو من أندية الدرجتَين الثالثة والرابعة من نفس المدينة التي تستضيف المعسكر.
وأحيانًا يكون هذا النادي أو ذاك محظوظًا في معسكره عندما يعسكر بجواره أحد الأندية القوية، وبالتالي يسهل الترتيب معه على مواجهته في مباراة ودية تحقق الهدف المنشود منها، ولكن بخلاف ذلك تخرج أنديتنا من المعسكرات الخارجية خالية الوفاض وتعود بخفَّي حُنين إلى الدوحة.
التدرج في المستوى
ونحن هنا لا ننكر على الأندية المختلفة حقها في خوض مباريات متدرجة المستوى؛ بمعنى أنه من الطبيعي جدًا أن أواجه فريقًا عاديًا أو ضعيفًا، أو بمعنى أدق فريق يكون في المتناول في أولى المباريات وذلك لتحقيق العديد من الأهداف أبرزها معنوية بالطبع، ولكن المنطق يؤكد أن المباريات التالية يجب أن تكون أكثر قوة حتى نصل في المباراة الثالثة أو الرابعة – حسب جدول الوديات – إلى المواجهة الأقوى والأشرس والتي تكشف بالفعل حقيقة كل نقاط القوة والضعف داخل الفريق. والغريب أن ما يحدث في معسكرات أنديتنا قد يكون مغايرًا تمامًا، فقد نجد المباراة الافتتاحية هي الأصعب رغم أن الفريق يكون في ساعاته الأولى بالمعسكر، وبالتالي لم يتمكن اللاعبون من استيعاب خطط المدرب، وقد نجد المباراة الأخيرة مع بعض الهواة الذين يتم تجميعهم من كل حدب وصوب لمواجهة أنديتنا، وبالتالي نسمع أخبارًا عن فوز هذا النادي أو ذاك في مباراته الودية الأخيرة بالخمسة والستة بل وربما بالعشرة أهداف دفعة واحدة، الأمر الذي يجعلنا نصفها بالمواجهة الترفيهية وليس التحضيرية.
والطريف أنَّ مثل هذه المواجهات الوهمية تدفع بعض مسؤولي أنديتنا لإخفاء أسماء الفرق المنافسة لها في المواجهات الودية؛ إما لأنها لا تعلم أسماء هذه الأندية، أو أنها ليست أندية من الأساس، وتكون عبارة عن مجموعة من الهواة لا يمكن أن نطلق عليهم مسميات الأندية.
والخلاصة التي يمكن أن نذكرها في هذه القضية أن مواجهة الفرق الضعيفة تكشف مميزات وهمية في الفرق، الأمر الذي يجعل مسؤولي الأندية يحلمون بنتائج رسمية رائعة ثم تتحطم هذه الأحلام على صخرة الواقع الفعلي، وعلى العكس تمامًا فإن المواجهات القوية تكشف جميع العيوب للجهاز الفني في أي فريق، وبالتالي سيعمل على علاجها قبل انطلاقة المواجهات الرسمية.
حسْم ملف المحترفين يضاعف مكاسب التحضير
إذا كنَّا ننتقد الأندية كثيرًا في العديد من الأمور التي تتعلق بالتحضيرات للموسم الجديد، فإننا هنا يجب أن نشيد بنقطة إيجابية مهمة تتعلق بملف المحترفين، حيث إننا على غير العادة نجد أن الأندية نشطت مبكرًا في هذا الملف، وبالتالي فإن بعض الأندية حسمت ملف المحترفين تمامًا وبقية الأندية باتت قريبة من حسْم هذا الملف. وخلال الأعوام الماضية كانت المعسكرات تبدأ رغم أن جميع الأندية ما زالت تبحث عن محترفيها الجدد، وبالتالي كانت الأهداف المنشودة من المعسكرات لا تتحقق على الإطلاق، وكنا نشاهد حسم ملف محترف واحد أو اثنين على أقصى تقدير.
أما الآن فالوضعيَّة باتت معكوسة تمامًا، فمعظم الأندية حسمت ملف جميع محترفيها، أما بقية الأندية فلا ينقصها سوى محترفٍ واحدٍ أو اثنين على أقصى تقدير، وبالتالي فإننا هنا يجب أن نشيد بالأندية التي حسمت ملف محترفيها مبكرًا، مثل: السد، والوكرة، والأهلي، والدحيل، والمرخية، وأم صلال. ونواصل مناشدة بقية الأندية التي ينقصها محترف أو اثنان بضرورة الاختيار السريع في هذا التوقيت المهم.
قدم دروسًا رائعة في الأعوام الأخيرة
هل تتعلم الأندية من سياسة المنتخب الأول؟
لَا يَختلفُ اثنان على أنَّ ما قدمه منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم في الأعوام الأخيرة تحديدًا يشكل نموذجًا احترافيًا رائعًا في قضية اختيار المباريات الودية والاتفاق عليها بما يخدم مصلحة الفريق ويصل به إلى أفضل نسبة جاهزية ممكنة، دون أن ينشغل كثيرًا بمسألة المعنويات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ولعلَّ الجميع يذكر ما فعله المنتخب قبل انطلاق منافسات بطولة الأمم الآسيوية الأخيرة التي أقيمت في الإمارات والتي توج العنابي بلقبها لأول مرة في تاريخه، حيث خاض المنتخب العديد من المباريات الودية القوية التي حقق منه الإسباني فيليكس سانشيز مكاسب بالجملة ساعدته في علاج معظم الأخطاء داخل الفريق قبل انطلاق البطولة.
وخلال هذه المرحلة التحضيرية واجه منتخبنا الوطني منتخبات بحجم المنتخب السويسري القوي والذي تفوق عليه العنابي بهدف نظيف ومنتخب أيسلندا وانتهت المباراة بالتعادل بهدفين لكل فريق ومنتخب الإكوادور والذي تفوق عليه العنابي بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، ثم كان مسك الختام مع لقاءَي العملاق الإفريقي منتخب الجزائر والذي تفوق على العنابي بهدف نظيف، والعملاق الآسيوي منتخب إيران والذي فاز بدوره على العنابي بهدفين مقابل هدف واحد. واستمرَّت هذه السياسة في العام الماضي عندما خاض العنابي العديد من المباريات الودية التي ارتدت ثوب المواجهات الرسمية، وذلك عندما شارك في التصفيات الأوروبية المؤهلة لنهائيات كأس العالم ضمن المجموعة الأولى التي ضمت منتخبات: البرتغال، وصربيا، وأيرلندا، ولوكسمبورج، وأذربيجان، وبالتالي فإن الطموحات كبيرة في ظهور العنابي بأفضل صورة ممكنة خلال نهائيات كأس العالم قطر 2022 رغم حالة التراجع التي أصابت الفريق في الأشهر القليلة الماضية.