قطر داعية سلام لاستقرار العالم
الدوحة دعت إلى تجنب التصعيد في تايوان ودعمت الصين الواحدة وَفقًا للشرعية الدولية
دعوة صريحة لكافة الأطراف للحفاظ على مكتسبات اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان
قطر تميزت بدبلوماسية المسافة القريبة والنفَس الطويل وحسن قراءة الواقع
دعم إحياء مفاوضات النووي الإيراني باتفاق عادل يراعي مخاوفَ الجميع
رعاية مباحثات سلام تشاد أحدث محطات الوساطة القطريَّة لخير الشعوب

الدوحة- إبراهيم بدوي:
أكَّدت تحركاتُ الدبلوماسيةِ القطريةِ في الأيامِ القليلةِ الماضية التزامَ دولة قطر بمبادئ القانون الدولي ودورِها الإيجابي كداعيةِ سلامٍ واستقرارٍ للمنطقة والعالم.
وترصد الراية أبرزَ الملفات الإقليميةِ والدوليَّة التي تحركت فيها الدوحةُ بمواقفَ بارزةٍ تعكسُ ثوابتَ سياستِها الخارجيةِ، رغم تعدد الأطراف بدعمها حلَّ الخلافات بالحوار، ونبذ العنف، فيما لم تتوقف محركاتُ الدبلوماسية القطرية عن الدوران على مدار أيام حافلة بالتطوُّرات الفارقة إقليميًا ودوليًا.
وتبرزُ إيجابية موقف قطر رغم اتِّساع نطاق التطوُّرات الدولية ما يؤكد حفاظَها على فاعليةِ وديناميكيةِ دورِها لسلام واستقرار الشعوب من أقصى شرق القارة الآسيوية في المسألة التايوانية، والتطورات الأفغانية، والملف النووي الإيراني، وهدنة اليمن، مرورًا بمحادثات تشاد شديدة الأهمية لأمن واستقرار القارة الإفريقيَّة والعالم، لما تلعبه وساطةُ قطرَ من دورٍ في تخفيفِ وطأة نزاعات عابرة للحدود لا تقتصر تداعياتُها على أطرافها، وصولًا إلى أقصى غرب الأمريكتَين بمدِّ وتعزيز جسور الصداقة والتعاون مع دول تلك المنطقة الغنية بشعوبها وإمكاناتها.
وتميزت تحركاتُ السياسة الخارجية القطرية شرقًا وغربًا بدبلوماسية المسافة القريبة والنَّفَس الطويل مع حُسن قراءة الواقع والالتزام بالثوابت دون خلطٍ للأوراق في عالم صار الثابت الوحيد فيه هو التغيُّر.
المسألة التايوانيَّة
لم يكد العالمُ يتنفسُ الصُعداء باستئنافِ تصدير الحبوب الأوكرانية بعد اتفاق روسي أوكراني بوساطة تركية ورعاية أمميَّة دون أن تضع الحرب أوزارَها، حتى فُوجئ ببوادر أزمة جديدة في شرق آسيا حول المسألة التايوانية. ومع انطلاق تدريبات عسكرية صينية كبيرة في المياه المحيطة بجزيرة تايوان، اعتراضًا على زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى الجزيرة، أكَّدت قطر التزامها الراسخ بمبادئ القانون الدولي كموقف ثابت ومبدئي في سياستِنا الخارجية. ودعت كافةَ الأطراف إلى تجنب التصعيد والاستناد إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما أكدت على الدور الهام والمحوري للولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية الصين الشعبية الصديقتَين في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
وشدَّدت الخارجيةُ القطريةُ، على موقف دولة قطر الداعم لمبدأ الصين الواحدة، وضرورة احترام مبادئ القانون الدولي، بما فيها مبدأ سيادة الدول والعلاقات الودية بينها. وذلك بناءً على قرار جمعية الأمم المتحدة رقْم 2758، باعتبار جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للكيان السياسي السابق والذي عرف بجمهورية الصين الموحدة قبل نشوب الحرب الأهليَّة عام 1949.
التطوُّرات الأفغانيَّة
تسارعتْ تطوراتُ الأحداث في أفغانستان بعد مقتل أيمن الظواهري زعيمِ تنظيم القاعدة بضربة أمريكيَّة داخل الأراضي الأفغانية. وقبل احتدام الجدل والتصعيد بين الجانبَين الأمريكي والأفغاني- لما يمثله وجود الظواهري داخل أفغانستان من انتهاكٍ لاتفاق الدوحة المبرم بين واشنطن وطالبان فبراير 2020، والذي ينصُّ على التزام طالبان بعدم استخدام الأراضي الأفغانية كملاذ للإرهابيين، حيث أكدت طالبان أنه لم يكن لديها أي معلومات عن وجود الظواهري في أفغانستان وأبدت استياءها من تنفيذ الضربة الأمريكية داخل أراضيها- أكَّدت قطر على موقفها المبدئي ودعت كافة الأطراف إلى الحفاظ على مكتسبات اتفاق الدوحة والالتزام به، ومنها ألا تكون أفغانستان ملاذًا للأفراد والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة. وجدَّدت وزارة الخارجية موقف دولة قطر الثابت والداعم للجهود الإقليمية والدولية في مكافحة الإرهاب وتمويله، وكل ما من شأنه تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
النووي الإيراني
أكَّدت دولة قطر في أكثر من موقف على التزامها الثابت بكل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار على كافة المُستويات الإقليمية والدولية، وتتعاون في ذلك مع كافة الشركاء فيما تبقَى على مسافة قريبة من الجميع من أجل الحفاظ على الأمن والسلم العالميين كواحد من أولويات السياسة الخارجيَّة القطرية.
وفي أحدِ أهم الملفات التي تشغل بال العالم في السنوات الأخيرة، ممثلًا في محاولة إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، اتخذت قطر كعادتها موقفًا عقلانيًا دون تهويل أو تهوين، وبادرت بمساعٍ صادقة لدعم أطراف محادثات إحياء الاتفاق النووي للوصول إلى اتفاق عادل للجميع، مع الأخذ بالاعتبار مخاوف جميع الأطراف. وبالإضافة إلى المباحثات والجولات المكوكية بين عواصم العالم، استضافت الدوحةُ جولةَ محادثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية بهدف كسر الجمود الذي ساد مفاوضات فيينا وبث روح من الإيجابية لدى جميع الأطراف نحو إعادة إحياء الاتفاق الموقع عام 2015. ولم تقدم قطر نفسها وسيطًا أو بديلًا لمفاوضات جنيف الماراثونية؛ لأن الوساطة ليست هدفًا في حد ذاتها بالنسبة للدوحة، وإنما إرساء الأمن والاستقرار الذي يُعاني بغيابه المُجتمع الدولي ككل.
هدنة اليمن
في موقفٍ قطري مبدئي ومتجددٍ لدعم السلام والاستقرار في الجمهوريَّة اليمنية، رحبت دولة قطر بإعلان الأمم المتحدة تمديد فترة الهدنة في اليمن شهرَين إضافيَّين.
وأعربت قطر عن أملها في أن يمهد تمديد الهدنة الطريق لاتفاق هدنة موسع، واستئناف العملية السياسية، وصولًا إلى سلام عادل ومستدام، يحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق في الأمن والتنمية. وجدَّدت موقفها الداعي لحل الأزمة اليمنية استنادًا إلى المبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبخاصة القرار رقم 2216.
سلام تشاد
ومن ملفاتِ القارة الآسيوية إلى قلب قارة إفريقيا المنهك بنزاعات فرقاء البيت الواحد، حيث المحاولات القطرية المخلصة من أجل رأب الصدع، وتقريب وجهات النظر بين ممثلين للمجلس العسكري الانتقالي والحركات المسلحة لتحقيق السلام في تشاد.
وتتعاظمُ أهمية الدور الذي تلعبه الدوحة في أحدث ملفات الوساطة القطرية لتحقيق سلام تشاد منذ مارس الماضي، لما له من مردود على الأمن والاستقرار والتنمية في هذا البلد المهم في القارة الإفريقية، ومردوده على السلم والأمن الدوليين، فلا تخفى التداعيات الكارثية التي تخلفها النزاعات من أزمات عابرة للحدود لا تتوقف على أطراف النزاع، لاسيما قوافل الهجرة غير الشرعية هربًا من الصراع وبحثًا عن حياة أكثر أمانًا.
مد جسور التعاون
برزت ملفاتُ تعزيز التعاون والصداقة جنبًا إلى جنب مع بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية وسبل إرساء الأمن والاستقرار العالمي في جولة مكوكية قام بها سعادةُ الشَّيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة، في دول الأمريكتَين، شملت فنزويلا والمكسيك والدومينيكان، حيث أكدت الزيارات على مبادئ السياسة الخارجية القطرية القائمة على الاحترام المتبادل، والإسهام بإيجابية في المجهودات الدولية لتحقيق التنمية والأمن والاستقرار والسلام، بما يحقق المصالح المشتركة للشعوب.
ولم يكد محركُ طائرة الدبلوماسية القطرية يهدأ في منطقة الأمريكتَين في أقصى غرب الكرة الأرضية حتى انطلقت إلى كمبوديا جنوب شرق آسيا للتوقيع على انضمام قطر لمعاهدة الصداقة والتعاون مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، لترسيخ أواصر التعاون في مُختلف المجالات، ودعم كل الجهود لتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي.