كتاب الراية

وقفات قانونية.. مكافحة ظاهرة التعاطي والاتجار بالمخدرات

جريمة الاتجار بالمخدرات أشد خطورة على المجتمع لارتباطها غالبًا بجرائم أخرى

تعتبر ظاهرة تعاطي المُخدّرات والاتجار بها آفةً اجتماعيّةً خطيرةً أرخت بظلالها على العالم بأسره، حتى باتت تُهدّدُ لا فقط صحة الأﻓﺮاد، بل المجتمع بأسره من مختلف النواحي اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴّﺔ، اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴّﺔ، فضلًا عن إسهامها في ازدياد معدل الجريمة مع ما ينتج عنه من زﻋﺰﻋﺔ اﺳﺘﻘﺮار اﻟدولة وأﻣﻨﻬﺎ.

ومن هنا، دأبت دول العالم قاطبة وفي طليعتها دولة قطر، على مكافحة هذه الجريمة والحدّ من تداعياتها عبر إرساء منظومة قانونية متماسكة تُجرّم هذه الأفعال.

وبالفعل، وضع المُشرّع القطري القانون رقم 9 لسنة 1987، الخاص بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الخطرة وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، وحرص بموجبه على تجريم تعاطي المخدرات وحظر ﻛﺎﻓﺔ صور اﺳﺘﻬﻼك أو اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ بالمخدرات. حيث نصّت المادة (37) منه المعدلة بموجب القانون رقم 3/2020 على معاقبة كل من استورد أو حاز أو أحرز أو اشترى أو تسلم أو نقل أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية خطرة أو زرع نباتًا من النباتات الواردة في الجدول رقم (4) الملحق بهذا القانون أو حازها أو أحرزها أو اشتراها، وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي، أو تعاطى أيًا من هذه المواد أو المؤثرات أو النباتات، بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات ولا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على عشرين ألف ريال ولا تقل عن عشرة آلاف ريال، ما لم يثبت أنه قد رخص له بذلك طبقًا لأحكام هذا القانون.

غير انّه أجيز للمحكمة، استبدال هذه العقوبة، بإصدار أمر بإيداع من يثبت إدمانه على تعاطي أي من المواد المخدرة أو المؤثرات أو النباتات في إحدى المصحات التي تُنشأ لهذا الغرض ليعالج فيها. هذا واستثنى المُشرّع من أحكام هذه المادة، حيازة مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية خطرة للأغراض الطبية والعلاجية بما يتناسب مع حالة المريض وحسب وصف الطبيب له.

ولما كانت جريمة الاتجار بالمخدرات أشدّ خطورة على المجتمع، لارتباطها غالبًا بجرائم أخرى مثل غسل الأموال. ارتأى المشرّع فرض عقوبات صارمة بحق مرتكبيها تصل إلى الإعدام أو الحبس المؤبد وغرامة لا تزيد على خمسمئة ألف ريال ولا تقل عن ثلاثمئة ألف ريال. ويعتبر تاجرًا، على سبيل المثال لا الحصر، كل من استورد بقصد الاتجار أو قام بتصدير مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية خطرة قبل الحصول على ترخيص كتابي من وزير الصحة العامة. وكذلك، كل شخص تورط في إنتاج أو استخراج أو صناعة أو فصل مواد مخدرة بقصد الاتجار.

ولم تكتفِ دولة قطر بهذا القدر من الحماية، إنما استحدثت فرع إدارة مكافحة المُخدرات، بالدحيل، الذي يتيحُ للمواطنين الاتصال على رقم مكافحة المخدرات للإبلاغ أو الاستفسار عن أي مشكلة تواجههم في هذا الشأن.

ختامًا،

لا شكّ أنّ مُكافحة هذه الظاهرة والحدّ من انتشارها، تشترط فضلًا عن فرض تدابير صارمة بحق المُخالفين، تكاتف المُجتمع بأسره، من حكومات، ومدارس وأهل، لتوفير كافة وسائل الوقاية من أخطار المُخدّرات.

 

الشريك المؤسس لمكتب شرق

وعضو لجنة قبول المحامين

 

[email protected]

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X