عام أكاديمي جديد بنكهة المونديال.. زاخر بالمبادرات والطموحات
أكثر من 215 ألفا في 338 مدرسة وروضة خاصة
إبراهيم النعيمي: استعدادات الوزارة لبداية العام الدراسي الجديد 2022 / 2023 اكتملت
العام الدراسي الجديد يتزامن مع مرور 70 عاما على بدء التعليم النظامي في دولة قطر

الدوحة – قنا:
أيام قلائل ويبدأ عام دراسي جديد، والجميع من أطراف وشركاء العملية التعليمية والميدان التربوي والطلاب وأولياء أمورهم مشبعون بالثقة والتفاؤل، يحدوهم الأمل في أن يكون عاما كسابقيه، مليئا بالعمل والإنجاز والتحصيل الدراسي، ونيل أعلى الدرجات وصولا لمخرجات متميزة، قادرة على المنافسة في سوق العمل أو دخول أرقى الجامعات محليا أو دوليا.
أكثر من 225.118 طالبا وطالبة في 212 من المدارس ورياض الأطفال الحكومية، وأكثر من 215 ألفا في 338 مدرسة وروضة خاصة، يعودون إلى مقاعد الدراسة يوم 21 أغسطس الجاري، بعد أن أكملت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي كافة الترتيبات ومتطلبات بدء العام الدراسي الجديد، لأول مرة بنظام الحضور الكامل في أعقاب انحسار جائحة كورونا /كوفيد-19/، وقد سبقتهم الهيئات الإدارية والتدريسية في الرابع عشر من الشهر ذاته للقيام بالتحضيرات اللازمة واستقبال الطلاب وتوزيع جداول الحصص المدرسية والكتب والقرطاسية منذ أول يومي دراسي.
ولا يخفى على كل متابع النجاح الملحوظ الذي حققته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي وبامتياز في استكمال الأعوام الدراسية 2019 / 2020 و2021 / 2022 على الرغم من تفشي الجائحة على مستوى العالم، والذي على إثرة توقفت الدراسة أو تم إلغاء العام الأكاديمي في معظم الدول.
وساعد الوزارة بالرغم من الخشية من توقف الدراسة لفترة طويلة وعدم استكمال تدريس المواد والعام الدراسي ككل، وخوف أولياء الأمور والمجتمع على صحة وسلامة الأبناء الطلبة، اختيارها نظام “التعليم الإلكتروني عن بعد”، ما مكن الطلاب والطالبات مباشرة دراستهم عن طريق هذا النظام، عطفا على البنية التحتية الناجحة التي حققتها في مجال التعليم الإلكتروني، الذي يتوافق مع النمو المعرفي الهائل في عالم اليوم المعاصر.
كما لم تغفل الوزارة دور أولياء الأمور، وأهمية الشراكة الأبوية بينهم والمدرسة، سعيا نحو الوفاء بمتطلبات وأهداف منظومة التعليم في الدولة، وتعزيز الأداء الأكاديمي بما يفضي إلى مخرجات تعليمية تساهم في مسيرة التنمية بالدولة.
وتنطوي ترتيبات العام الدراسي الجديد على جملة من المحاور والمبادرات أعلنتها سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي لتطوير المنظومة التعليمية بدولة قطر خلال الأعوام الثمانية المقبلة، تحقيقا لرؤية قطر 2030، وذلك خلال اللقاء التربوي الأول الذي نظمته الوزارة تحت شعار “شعلة التعلم” بمناسبة قرب بدء العام الدراسي الجديد.
وتتركز المحاور حول الطلبة والمعلمين والمدارس والوزارة نفسها، في حين تعنى المبادرات التي تنطوي على طموحات كبيرة بتدريب وإرشاد المعلمين الجدد، والتركيز على جودة حياة الطالب، والتميز عبر تصميم مسارات تطويرية مختلفة للمدارس الحكومية، وكذا تطوير آليات دعم ومتابعة أداء المدارس، وفق أفضل ممارسات الشراكة الفاعلة بين الوزارة والميدان التربوي وبناء القدرات البشرية والمؤسسية، لدعم جهود التحول الإيجابي في المدارس لأجل تطوير أداء المنظومة التعليمية في قطر، وتحقيق الكثير من الإنجازات في العام الأكاديمي الجديد.
ومن المعروف أن العام الأكاديمي الجديد تتخلله بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وهو حدث عايشته قطر ومعها محيطها العربي على مدى 12 عاما، شهدت فيها البلاد تغيرات كبيرة في البنية التحتية، وأصبحت محط أنظار العالم، وهي تحتضن لأول مرة هذه البطولة في منطقة الشرق الأوسط، كما يتزامن هذا العام مع مرور 70 سنة على تأسيس التعليم النظامي في دولة قطر.
وفي هذا الصدد، يقول سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي وكيل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: إن استعدادات الوزارة لبداية العام الدراسي الجديد 2022 / 2023 قد اكتملت مع تطلع الجميع لعام مميز، مليء بالجد والمثابرة.
وأشار سعادته إلى أن انطلاق العام الدراسي الجديد يتزامن مع مرور 70 عاما على بدء التعليم النظامي في دولة قطر، موضحا أن الوزارة ستنظم العديد من الفعاليات والأنشطة ذات الصلة طوال هذا العام.
وتابع: “يبدأ العام الدراسي الجديد ودولة قطر قد أصبحت محط أنظار العالم، وقد استعدت تماما لاحتضان بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وعلينا في الوزارة اغتنام هذه الفرصة التاريخية لإبراز نظامنا التعليمي على أرض الواقع لكل العالم، الذي سمع وأشاد به وبمخرجاته في شتى التخصصات”.
ونوه النعيمي بالمبادرات التي أعلنتها سعادة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي خلال منتدى التعليم الأول مؤخرا، وقال إنها مهمة للغاية كونها تركز على تطوير البيئة المدرسية والمعلم المتميز ذي التدريب العالي، والمباني المدرسية والبيئية التدريسية للطلاب.
وقال: إن الوزارة ستفتتح 8 مدارس جديدة خلال العام الدراسي 2022 / 2023، منها 5 يبدأ تشغيلها مع انطلاقته في 21 أغسطس الجاري للبنين والبنات في عدد من مناطق التمركز السكاني بالدولة للمرحلتين الإعدادية والثانوية، علما أن كلا منها ستستوعب 786 طالبا، منهم 36 من ذوي الاحتياجات الخاصة، يتوزعون على 6 فصول في كل مدرسة، بينما تتوزع البقية وعددهم 750 طالبا على 30 صفا دراسيا.
وعلى الرغم من تدني منسوب تفشي فيروس كورونا /كوفيد-19/ حول العالم، والخبرة التراكمية التي اكتسبتها الوزارة في التعامل مع تطوراته وتداعياته، فإنها لم تركن للنجاحات التي أحرزتها على هذا الصعيد، بل ظلت أكثر حرصا على سلامة الأبناء الطلبة والطالبات والهيئات التدريسية والإدارية، فأصدرت تبعا للمؤشرات الصحية الحالية للجائحة، وبالتنسيق مع وزارة الصحة العامة، بيانا حول الإجراءات الاحترازية المتعلقة بمكافحة الجائحة منذ بداية العام الدراسي 2022 / 2023، وأكدت بهذه المناسبة حرصها والتزامها باستمرار العملية التعليمية بما يتناسب مع كافة الظروف، مع التشديد على الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية للطلبة والكوادر الإدارية والتدريسية، وفقا للبروتوكولات المعتمدة في هذا الشأن، ودعت أولياء الأمور والطلبة للالتزام بالإجراءات الاحترازية حفاظا على صحتهم، بما يسهم في استمرار العملية التعليمية بشكل منتظم.
ويوضح السيد محمد عبدالله المراغي مدير إدارة الصحة والسلامة بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، في تصريح لـ /قنا/، أنه مع بداية كل عام دراسي تقوم الإدارة بإعداد خطط متابعة تتعلق بجوانب الصحة والأمن والسلامة في المدارس، والتي تتضمن متابعة المدارس في جوانب: المقاصف المدرسية، أمن وسلامة البيئة المدرسية، إجراءات الإخلاء والسلامة في الحالات الطارئة، بالإضافة إلى متابعة الالتزام بالإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا /كوفيد-19/ في المدارس.
وذكر المراغي أن من أبرز وأهم تلك التدابير هو الالتزام بالإجراءات الاحترازية بشكل عام، وبارتداء الكمام والتباعد الجسدي والمسافات الآمنة بشكل خاص، مشيرا إلى أنه بالنسبة للفحوصات حاليا، فالمطلوب واحد فقط منها مع بداية العام الدراسي للكوادر الإدارية والتدريسية والطلبة في جميع المراحل الدراسية، وهو الفحص السريع المنزلي.
وبالنسبة لخطط الحوادث والطوارئ بشكل عام، فأوضح أن الإدارة قد أصدرت في السنوات السابقة “الدليل الإجرائي للأزمات والطوارئ”، الذي تم توزيعه على جميع المدارس، ويتضمن الإجراءات المطلوب القيام بها في حال حدوث أي طارئ، أما بالنسبة للإصابات المؤكدة بـ /كوفيد-19/، فإن الإدارة تقوم بالتنسيق مع الجهة المختصة في وزارة الصحة العامة لفحص المخالطين عن طريق المدرسة.
وعن ما إذا كانت الإدارة تقوم بتنظيم ورش وبرامج توعوية للطلاب والموظفين والهيئات الإدارية والتدريسية، قال السيد المراغي: إن ذلك هو أحد أهم اختصاصاتها، حيث يتم في كل عام دراسي وضع خطة شاملة للبرامج التوعوية، التي يتم تنفيذها خلال العام الدراسي بالتعاون مع الجهات المختصة المختلفة، مشيرا إلى أنه يتم أيضا توزيع حقائب الإسعافات الأولية في الأماكن المخصصة في مختلف مرافق المدرسة والحافلات المدرسية، في حين يتم بالنسبة للتدريب على الإسعافات الأولية كل عام دراسي استهداف فئة معينة للحصول على بطاقة المسعف، بالتعاون مع مركز التدريب والتطوير التربوي بالوزارة. كما تقوم بالإضافة إلى ذلك لجنة الصحة والسلامة في كل مدرسة بإعداد الأنشطة والبرامج التوعوية المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية في المدرسة.
واستعدت المدارس ورياض الأطفال الحكومية والخاصة لاستقبال طلابها إيذانا بانطلاق العام الدراسي الجديد، بدءا من دوام الهيئات الدراسية والإدارية مبكرا، إلى الانتهاء من التجهيزات الأخرى ذات العلاقة التي تجعل البيئة المدرسية أكثر راحة وجاذبية.
وتقول السيدة وضحى هادي الهاجري مديرة مدرسة المرخية الابتدائية للبنات: إن الاستعداد لبدء العام الدراسي الجديد بدأت منذ نهاية العام السابق، حيث تم رفع كل احتياجات المبنى المدرسي ، وتحديد الشواغر في الهيئة الإدارية والتدريسية لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ليتم إجراء اللازم خلال الإجازة الصيفية، بحيث تكون المدارس جاهزة كبيئة تعليمية آمنة وجاذبة لاستقبال الطلاب.
وأوضحت الهاجري، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أنه تم الاستعداد لاختبارات الدور الثاني، وإرسال جداول الاختبارات منذ نهاية العام الأكاديمي الماضي، وتحديد لجان الاختبارات، والتي يتزامن موعدها مع بدء دوام الكادر التعليمي في المدرسة.
وبينت أن الوزارة حرصت على إرسال جميع التعاميم الخاصة ببدء العام الدراسي قبل بدايته بوقت مناسب، ليتم استعداد قيادات المدارس بشكل سليم، حيث تم البدء باستلام الكتب الدراسية لجميع المراحل، وكذا توضيح الإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها خلال الفترة المقبلة للموظفين والطلاب، لافتة إلى أن المدارس قامت في هذا السياق بدورها من حيث تعميمها ونشرها للموظفين وأولياء الأمور من خلال الرسائل النصية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكدت الهاجري استعداد إدارات المدارس الدائم للرد على استفسارات أولياء الأمور، وتذليل أي تحديات تواجههم خلال الفترة المقبلة، سواء في تنقلات الطلبة أو ما يتعلق بتسجيل المستجدين منهم.
وفي إطار استعداداتها لانطلاق العام الأكاديمي 2022 / 2023، نظمت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي حملة العودة للمدارس للعام الأكاديمي 2022 / 2023 تحت شعار “بالعلم نبني قطر”، بمشاركة عدد من الجهات الداعمة والراعية.
وأسهمت هذه الحملة السنوية، والأبناء الطلبة على مشارف عام دراسي جديد، في تهيئتهم على استقباله بتشوق وبصورة أكثر فاعلية، وفي تعزيز التواصل مع جميع أطراف العملية التعليمية والتربوية، بما فيهم أولياء الأمور، والاستفادة كذلك من خدمات الدعم والمساندة المقدمة للطلبة والمدارس، والتذكير والتأكيد على أهمية الاستعداد المعنوي والنفسي لبدء الدراسة، وشحذ الهمم لانتظام الطلبة بالدوام المدرسي منذ أول يوم بكل جدية وحيوية.
كما أطلقت الوزارة مبادرة /إضاءات/ تحت شعار /نتحاور – نستنير – نرتقي/، وهي مبادرة طموحة وجادة، تجسد قناعاتها وإيمانها بحوار هادف وشفاف مع جميع أطراف المنظومة التربوية والتعليمية.
ولم تقتصر الاستعدادات لبدء العام الأكاديمي الجديد 2022 / 2023 على القطاع التربوي والتعليمي، العام والخاص، بل شملت جهات أخرى معنية ومنها الإدارة العامة للمرور، والتي دأبت مع بدء كل عام دراسي جديد على إعداد خطة شاملة لاستقباله، ضمن سعي وزارة الداخلية المستمر لتحقيق بيئة مرورية آمنة وخالية من الحوادث، والمحافظة على سلامة الطلاب ومستخدمي الطريق، لا سيما في محيط المدارس، حيث يشتد الزحام مع حرص أولياء الأمور على توصيل أبنائهم للمدارس في الأيام الأولى للدراسة.
وشهدت المكتبات ومحلات بيع القرطاسية والزي المدرسي هذه الأيام أيضا إقبالا كبيرا من الأسر لشراء حاجيات أبنائهم ومستلزماتهم المدرسية بأصناف شتى تناسب ذوق وخيارات الجميع لمختلف المراحل الدراسية، في وقت رتبت فيه الأسر من جانبها أمورها للتكيف مع ظروف ومتطلبات العام الجديد.
ولا شك أن الاستعدادات المبكرة لبداية العام الدراسي الجديد بعد عطلة صيفية امتدت لزهاء شهرين، تؤكد إيمان الوزارة بأن التعليم يعد “مفتاح التنمية”، وبأن الاستثمار في تنشئة وحماية الأطفال وضمان توفره بصورة مميزة ومستدامة يعد أولوية في استراتيجياتها للفترة 2017 / 2022، الهادفة إلى إنشاء نظام تعليمي عالمي يقدم فرصا منصفة للالتحاق بالتعليم والتدريب عالي الجودة، ويوفر الكفايات اللازمة للمساهمة في تطوير وتعزيز قيم المجتمع القطري.
وبناء على ذلك كله حققت دولة قطر إنجازات كبرى في نظامها التعليمي، ووضعت خططا واستراتيجيات طموحة في هذا المجال، مع الاستفادة من العلوم والتكنولوجيا والابتكار، إيمانا منها بضرورة توظيف كل ذلك في خدمة التنمية، لتحتل تبعا لذلك مراتب متقدمة مشرفة في جودة التعليم على المستويات العربية والإقليمية والدولية، في وقت يجمع فيه كل من يزور قطر من وزراء ومسؤولين وخبراء معنيين، على جودة المنظومة التعليمية والتربوية في البلاد، وريادتها وإسهامها في تخريج نخبة متميزة من الشباب القطريين يتبوؤون الآن مناصب مرموقة بالدولة، ويسهمون بفاعلية في تطورها ونهضتها على شتى الصعد والمجالات والقطاعات.
وبالتأكيد أن التعليم والنهوض به يعد إحدى أبرز ركائز ومحاور رؤية قطر 2030، التي تحض على بناء نظام تعليمي يواكب أفضل المعايير العالمية العصرية، ويوازي أفضل النظم التعليمية في العالم.
وبناء على ما حققته المنظومة التعليمية والتربوية في قطر خلال السنوات الماضية من تميز وتطور لا تخطئه العين بدعم القيادة الرشيدة، فإن الجميع على ثقة بأن العام الأكاديمي الجديد سيكون عام خير وتحصيل نجاحات ثرية ومثمرة، وقطر تستعد لاستضافة أهم حدث رياضي عالمي FIFA قطر 2022، غير أن المهم مع استمرار عملية التطوير والتحديث هذه، ربط التعليم بحاجة سوق العمل، وبمخرجات متسلحة بالمعايير العلمية العالمية المطلوبة التي تضيف إلى الوطن، وتحقق طموحاته وتطلعاته التنموية المختلفة.