
تاريخ اليوم 22 أغسطس 2022، يبدو مُميزًّا، لكنّه مجرد رقم مُتسلل لا يؤثّر في شيء سوى اقتراب نهاية الشهر.
تعددت المُسَميّات من «الفنج شوي» إلى علم الأرقام «الجُمَّل» وقانون الجذب والطاقة، بهدف تجنب السلبيات وجلب الإيجابيات كالحظ و»الوفرة» في المال والعيال، مع أن الأصَح هو «الكثرة» لقوله تعالى: «أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ».
منذ أكثر من 4000 سنة، ظهرت في الصين فلسفة «الفنج شوي» وتم تطبيقها في هندسة الأضرحة والمعابد والمنازل، وبالرغم من منع ممارستها إبان الثورة الحضارية عام 1960 بالصين، إلاّ أنّها استمرت، فالبعض يحبّون بائعي صكوك الأمل.
ولم تتمكن الحضارات المتتالية والعلوم البحثية من إلغاء الفكرة من عقول البعض، بلْ تم مزج العلاجات الشعبية والخرافات بالعقائد والمستجدات وطرح مفاهيم مُستحدثة تبدو أكثر إقناعًا.
فرغم معرفتنا بأن النظافة والتهوية وأشعة الشمس وعدم تكديس السجاجيد والتُحَف، والتخلص من الأواني والأثاث الزائد عن الحاجة، كلها أعمال بديهية تشرح الصدر، بدون مقترحٍ صيني أو أمريكي يحدد توقيت البناء واتجاه المبنى والألوان الأنسب لنا، إلاّ أن النفس أمّارة بالسوء، وتستقبل ما يُرسله الآخرون دون غربلة منطقية.
إذ يعيش أكثر من 90% من سكّان العالمِ في بيوت وعمارات مُستأجرة، وفوق بعضهم أكثر من خمسين طابقًا ومئة دورة مياه، فهل هناك دراسة تُبيّن أيّهم أكثر حظًّا لأن غرفته شماليّة شرقيّة، وأيّهم متعوس لأن نافذته جنوبية! ببساطة لا يوجد سوى الأوهام.
في السنوات الأخيرة، تركزّت الأنظار والدراسات على علم الطاقة الذي قضى «تسلا» حياته مُتَعَمِقّا فيه، ولم يتوقف عن البحث إلا بعدما أنفق كل أمواله، وأفلس مقابل شغفه بالاكتشافات، ومات وحيدًا بسبب رفضه للعلاج، وقيلَ إنّ من استولوا على أبحاثه وملفاته أهملوا علاجه حتى ماتَ، تاركًا للبشرية كمًّا مهولًا من الاختراعات المُنيرة، أهمّها الكهرباء، والإضاءة، والأشعة، وأجهزة التحكم عن بُعد، وغيرها. أنار العالم ولم يستنر قلبه ليُميّز بين المحتالين والأخيار.
كان «تسلا» يبحث عن أقل الاختراعات ضررًا وكُلفة، لكن هيهات أن يُسمح بذلك، فالربح مطلوب والإضرار بالأحياء مصدر ربحٍ لا ينقطع.
ثم سادت أقوال تنص على أنه اكتشف سر الأرقام «369» لنَيْلِ ما يصعب تحقيقه، رغم أنّه مات وحيدًا مُفلِسًا مُحطّمًا ومسروقًا فكريًّا، والسؤال هنا لمن يصدقون بِقُوةِ الرقم السابق، تُرى هل نَسِيَ المسكين أن يُطّبق على نفسه قانون الجذب والطاقة، فحالف الحظ غيرهُ، وهل تنطبق عليه مقولة باب النجار مُخلّع؟ أم أنّ التجارب علّمته أن النفس البشرية تجمع بين الفجور والتقوى، السالب والموجب، فاكتفى بتقديم الخيرِ مُعتَزِلًا شر البليّة.
«أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء» تختصر الدنيا وما فيها، فالإنسان إما أن يعيش متفائلًا مُحسنًا الظن بربه فيأتيه ما سعى إليه من الخير، وإمّا أن يُسيء الظن بعطايا الله فتسوء دنياه.
لقد تم استغلال العلماء والعلوم لتطويع الحجر والبشر، وأُسدل الستار على ما ينفع، وسُلِّطَ الضوء على ما يشغل الألباب والشهوات، ليزداد الكسالى كسلًا، والأغنياء مالًا. متى سنفهم أن السعادة ليست بالكثرة، فالكثرة تُطيل وقفة الحساب.
أليس الإيمانُ بالقدر خيرِه وشرِّه، من صميم عقيدتنا الإسلامية، ونحن مأمورون بالتفكر والتدبر والتوكل والسعي والعمل، وإذا احترنا وترددنا في الإقدام على خطوة مصيرية، نُصلّي الاستخارة، ونستشير عالم الغيب، هو أقرب إلينا من حبل الوريد، ويكفينا وعده «إنّي قريب أجيب الدعاء».
لا جُهلاء بيننا اليوم، وأخطر ما في الأمر عِلْمنا بأنّ كلّ نفسٍ بما كسبت رهينة.