عندما يذكرُ الشعرُ في قطر.. يذكرُ الشاعرُ الدكتورُ حسن علي حسين النعمة كرائدٍ من روَّاد الحركة الشعرية المعاصرة في بلادنا، وقد أحسنت المؤسَّسة العامة للحي الثقافي «كتارا» صنعًا بإصدار ديوان الشاعر، مع دراسة عن «المضامين الشعرية والأنساق الموسيقيَّة، دراسة فنية في شعر حسن نعمة» ، والكتابان من إعداد وتأليف الكاتبة والناقدة المعروفة الدكتورة مريم عبدالرحمن النعيمي، التي قدمت وبجهد كبير هَذين الكتابين كمرجعين مهمّين للمكتبة العربية، حيث قامت بجمع قصائد الشاعر وتقديم تفاصيل وافية عن حياة الشاعر وشعره، في كتابها الأول ديوان الشاعر كما قدَّمت في كتابها الثاني دراسة فنية معمقة ووافية عن المضامين الشعرية والأنساق الموسيقيَّة في شعره، وكلا الكتابَين يشكلان عملًا أدبيًا رائعًا عن شاعر عازف عن النشر، رغم قوة شعره وأصالته، وهو الذي يقول:

وما الشعر إلا نهلة واندفاقة

وفرط رجاء نبعه لم يزل ثرّا

نصوغ به الذكرى طيوفًا جميلة

وفيئًا وريف الظل يبترد الصدرا

ويقول الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي مدير عام المؤسَّسة العامة للحي الثقافي «كتارا» عن هذَين الإصدارَين في تقديمه للديوان: (إن مؤسَّسة «كتارا» بهذَين الإصدارَين تسعى إلى أن تظلَّ إضافتها النوعية إلى الثقافة القطرية والعربية والإنسانية متجددة، وهي طماحة لكل ما يعزز مسيرة التطور والتجديد والإبداع في مختلف المجالات الثقافية، بما فيه الشعر باعتباره فنًا إنسانيًا جميلًا حاملًا قيمنا التراثية، وحالمًا برؤيتنا المستقبلية الزاهرة، وما يحمل ديوان الشاعر حسن نعمة من مضامين.. خير شاهد على دور الشعر كرسالة سامية تنشر قيم العز والنبل والمحبة، بأسلوب بياني جذاب).

وتضمن الديوان في الفصل الأول: محطات مشهودة في حياة الشاعر، وفي الفصل الثاني: علاقته بأَعْلام عصره من الشعراء والفنانين الذين عرفهم وكان لهم أعظم الأثر في نفسه، وهم: الشاعر حجر بن أحمد البنعلي، والفنان عبدالعزيز ناصر العبيدان، والشاعر صلاح عبد الصبور، والشاعر عمر أبو ريشة، وفي الفصل الثالث: شخصية الشاعر حسن نعمة العلمية والأدبية، بما في ذلك نبوغه المبكر في الشعر، واشتغالاته النقدية، وملامح لغته الشعرية والنثرية، وهو المعروف كشاعر مبدع، ولكن: (للشاعر حسن النعمة في كتابة النثر تفنن، وله في أسلوبه دروب وطرائق عدة، فهو حاذق بأفانين الكتابة النثرية، عُرِف بأصول الأساليب، يراعي حدود الموضوع، ومستوى المتلقي، ويلائم خطابه المنثور طبيعة الجنس الأدبي الموضوع فيه، ففي النثر أنواع كثيرة، وللكتابة النثرية لدى حسن النعمة مقامات متعددة ومناسبات مختلفة، وفضاءات ممتدة).

بعد ثلاثة فصول من الدراسة والتحليل لحياة الشاعر وشعره، تبدأ قصائد الديوان من صفحة 127 حتى ص 462 تليها أهم المصادر والمراجع التي بلغ عددها أكثر من أربعين مصدرًا ومرجعًا، وقد اتسمت قصائد الديوان بالجزالة والعمق، ولم تخلُ من الاسترسال الذي غالبًا ما يكون ملازمًا للقصيدة الخَليليَّة المحافظة على أصالة الشعر العربي وإشراقاته المتميزة، وقوة بنائه في الشكل والمضمون، وكان للقضايا الوطنية والقومية نصيبها من قصائد الديون، وكذلك مراسلاته ومعارضاته الشعرية المتبادلة بينه وبين الشاعر حجر البنعلي. ومن قصائده الوطنية «هذا أبو حمد وتلك خصاله» و «ابتهالات في حب الوطن» و «فديت بلادي» و «جللت في الخلد» ، وهي رثائية في رحيل الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني وزير التربية والتعليم الأسبق، ومن قصائده القومية «يا أمة أثقل الجاني كواهلها» ، و «تحية لقدس الأقداس» ، و «في ذكرى تقسيم فلسطين» ، وعن علاقته بالشاعر يقول حجر البنعلي:

جزى الله عني صاحبًا لا عدمته

يشاركني الآداب والشعر والنقدا

وأشعارنا يا صاح غيث إذا همى

كسا الروض أزهارًا بدت فوقها بُردا

[email protected]