
إنّ حظّي كدقيقٍ
فوقَ شوكٍ نثروهُ
ثمّ قالوا لحُفاةٍ
يومَ ريحٍ اجمعوهُ
صعُبَ الأمرُ عليهمْ
قلتُ يا قومِ اتركوهُ
إنّ من أشقاهُ ربِّي
كيفَ أنتم تسعدوهُ؟
يُصوِّرُ الشاعر حالة اليأس التي قد يمر بها الفرد منا حين يشعر أنه لم يحقق ما يتمناه من آمال في الحياة، وهذا ما يحدث فيمن يأتي لي في استشارة يقول: إنه يائس من كل شيء، ليس لديه أمل في شيء، فهو مُحبط وغير قادر على عمل أي شيء، لأن حظه سيِّئ.
إن النظرة السوداويَّة للأمور والتعبير التشاؤمي يجعلانه في حزن وألم، كيف سنجمع الدقيق في يوم عاصف؟ كيف ستتحسنُ الأوضاع في ظل المصاعب التي يمر بها؟.
هناك من ينسحبُ وهناك من يتخاذلُ أو يتكاسلُ، يتمارض، يهرب، يُدمن، أو يقوم بأي سلوك مُخالف، ليعلنَ يأسه وعدم قدرته على جمع ما تبعثر من دقيق، فتركه يطير في هذا الجو العاصف دون أن يفعلَ شيئًا فهو غير قادر.
وهذا صاحبنا استسلم وبقي دون أن يفعلَ شيئًا،
فهو يعلم أنه مستسلم «ما أصعب أن تستسلم دون أن تقاوم».
يؤكدُ الشاعر أهمية العلاقة الربانية في صلاح الحال:
فلا بأس مع حبك لله، لا ضياع والحافظ الله، لا قلق والمُعطي الله.
نتمتعُ بنعم كثيرة – ولكن عند لحظة اليأس يتجمد كل شيء وكأننا لا نملك أي شيء – إنك في نعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، إنك بين يدي رب كريم يعطيك ما سألت، اسأله، تقرّب منه ستجد دقيقك بين يديك حتى لو كان أمامك إعصار من الهم والحزن،
حقيقة وليست كلامًا نكتبُه ونرددُه: إن الله معك فكن معه.
يجد البعض أنه عمل وتقرّب ودعا الله كثيرًا، ولكن «الحال واقف»، يقولها في الاستشارات معي، لم يتحقق لي شيء، لم أبعد عن الله، ولكني لم أجد الفرج، أراه بعيدًا، وأنا الآن أشعر بيأس، لم يتحقق شيء، لله تدبيره وأمره وتقديره، الهدف أن تجعلَ الأمر بين يديه بعد أخذك بالأسباب لا تشغل بالك بالرد فللَّه تدبيره.
اصبر قليلًا فبعد العسر تيسير
وكل وقت له أمر وتدبير
وللمهيمن في حالاتنا نظر
وفوق تدبيرنا لله تدبير
( علي بن أبي طالب )
دكتوراه في الإرشاد النفسي