عالم وردي
شهر أكتوبر تَحَدٍّ حقيقي في الكشف المبكر عن سرطان الثدي
المريضة ليست امرأة خارقة كما نريد لها أن تكون
لتكن كل امرأة مرآة نفسها للحد من المرض بالتعرف على الأعراض
الإيمان بقدرة الله هي البداية الحقيقية للتغلب على المرض
99 % معدل النجاة من المرض عند اكتشافه مبكرًا
قصص النساء اللواتي انتصرن عليه بمثابة بداية للمصابات الجديدات
الحياة ليست مجرد أرقام في عمرنا ولكن هي الأمل
العمر واحد.. لنجعل منه مصدرَ إلهام حتى لو كان لحظة

ما زال في العمر بقية! حتى لو انقضى أكتوبر فالأمل بالحياة مازال قائمًا .. فشهر واحد قد لا يصنع الفرق لذلك لنجعل من أيامنا كلها شهر أكتوبر وننشر اللون الوردي في كل مكان..
شهر أكتوبر الذي يُعد شهر التوعية العالمي بسرطان الثدي هو التحدي الحقيقي في الكشف المبكر عن المرض، ولتثبت حواء للعالم أن كل الأشهر لها، وأن الأنوثة الحقيقية ليست مجرد لون وردي ولكن أن تعيش الحياة بكل ألوانها وعلى مدار العام.
إن عالَم مريضة سرطان الثدي قد لا يكون في الواقع عالمًا ورديًا! لأننا لا نعاني كما تعاني حواء ولا نشعر بما تشعر به. لذلك سوف أهمس في أذن حواء وأقول: ومَن عالمُه ورديٌّ أصلًا.. كلنا يعيشُ مأساةً خاصةً به، ويُعاني من مرض لا يريد الحديث عنه، لنكُن واقعيين مريضة سرطان الثدي ليست امرأة خارقة كما نريد لها أن تكون، ولكن هي إنسانة تمر بمرحلة ضعف فالأمر ليس بالهين. لأن بداية العلاج هي الحديث عن المرض بكل وضوح.
إن زائر الليل -إذا كان يحق لي أن أصف به هذا المرض- هو زائر غير مُرحب به، يختلس حياتنا في غفلة منا.. يقتحم منازلنا دون استئذان، ويرحل عن المكان مخلفًا وراءه الألم في كل ركن من الأركان ! كيف لا !! وهو يستهدف أمل كل امرأة.
هذه حكاية حواء مع زائر الليل التي لا تختلف تفاصيلها عن حكايا نساء كثر قد فقدن حياتهن، أو تساقط شعرهن، أو خسرن أزواجهن، أو حتى صرخن بصوت عال دون أن يسمعهن أحد.
إن مأساة حواء مع زائر الليل بدأت منذ أن كانت تسمع طَرَقات خافتة على أبواب جسدها، ولم تعطها أهمية، حتى بعد أن شاهدت آثار هذه الطَرَقات.
هذا الجرح الغائر الذي أحدثه زائر الليل أصبح طعنة في جسدها، وبدلًا من أن تستنجد بمن حولها، تراها تخجل من مجرد ذكر اسمه أمام الناس. وفي كل مرة تختلي مع مرآتها تعتصر من الألم.
لقد فقدت (حواء) أعز ما تملكه المرأة، ولكن إذا نظرت للأمر من زوايا أخرى، ستكتشف أن القلب الكامن خلف مرضها ما زال ينبض بالحياة،
لتكن كل امرأة هي مرآة نفسها للحد من المرض عن طريق التعرف على الأعراض، والعلاج، خاصة أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي قد يرتبط بمعدلات أعلى للبقاء على قيد الحياة.
وقد كشفَت مؤسَّسة حمد الطبيَّة عن إنشاء برنامج البقاء على قيد الحياة للمرضى، وبلغة الأرقام حتى لا يقال: إن عالمنا الوردي هو عالم مثالي! فإن معدل النجاة من سرطان الثدي في قطر وصل إلى 84٪ بفضل المعايير العالية في التشخيص وطرق العلاج، ويمكن لمرضاه البقاء على قيد الحياة إذا تم تشخيصهن وعلاجهن مبكرًا.
إذًا أنت يا حواء صاحبة القرار هل تستسلمين للمرض؟ أم تكونين الملهمة لك ولبنات جنسك؟ خاصة أن معدل النجاة من سرطان الثدي قد يصل إلى 99 بالمئة، إذا تم اكتشاف المرض في مرحلة مبكرة.
إن أحد أكثر أشكال هذا الدعم فعالية هو أن نتشارك قصص النساء اللواتي حاربن المرض وانتصرن عليه. فقصصهن بدايةٌ جديدةٌ تمنح اللواتي ما زلن يخضن معركة العلاج أملًا في النجاة من المرض، الذي ما زال في أذهان الكثيرين، مقترنًا بالموت.
لكن في غمرة احتفائنا بالناجيات، يحدث كثيرًا أن نتناسى أو نتجاهل، لكي لا نبث أي مشاعر سلبية في اللواتي ما زلن قيد العلاج، أن الطريق إلى الشفاء حافلة بلحظات اليأس والضعف، وربما الخذلان.
كثيرة هي القصص التي تنبض بالحياة من خلف جسم قد تراه ناقصًا ولكنه في الحقيقة مكمنٌ بل مصدرُ الفخر.. وهذه اقتباسات لنساء لن أقول ناجيات من المرض ولكن نساء واقعيات.. تقول إحداهن: «لقد استعدت عافيتي ونشاطي.. وقبل فترة قريبة رأيت زوجي السابق، سألني والدهشة على وجهه «يعني ما مُتّي؟ قلت له لا ! أعيش أحلى عيشة» .
وتقول أخرى: «كلمة قالها لي أحد الممرضين وأنا في واحدة من لحظات ضعفي: رح تشوفي كيف كله رح يصير ذكرى» .
ولعل جملة حواء هذه لها وقع خاص: «تعامل الناس معي كما لو أنني مرشحة للموت! وفي كل مجلس عزاء يجب أن تكون هناك واحدة تذكرني بأن هناك من لم يكن مريضًا ومات، في حين أنت المريضة ما زلت على قيد الحياة» .
من يعلم فقد يكون صاحب هذا المقال في العام المقبل من شهر أكتوبر في عداد الوفيات وأنتِ ياحواء ستكونين حاضرة في شهر التوعية بسرطان الثدي لذلك سوف أستمر في سرد قصص الناجيات.
تقول ناجية ولكن من زاوية أخرى: «صحيح بعد سنوات من العلاج، أشعر أنني جسديًا أضعف مما كنت عليه، ولكن اكتشفت مع سنوات من العلاج أن في نفسي قوة لم أكن أعرف أنها موجودة» .
وبلغة وردية تقول ناجية: «أصبحت أكثر قدرة على التحكم في استيعاب الآخرين، ربما لأنني بحاجة إلى أن يستوعبوني. بشكل عام ردة فعلي على ما يحدث «هذا ولا إشي جنب اللي شفته».
هنا تكون البداية الحقيقية للتغلب على مرض سرطان الثدي، عبر الإيمان بقدرة الله على كل شيء، حتى لو كان مجرد يوم واحد نعيشه، فالحياة ليست مجرد أرقام في عمرنا، ولكن هي الأمل.
جميعنا سنودع الحياة دونَ أن نعمل أشياء نرغب في تأديتها.. لن تتصفح كل الكتب التي تحبها، ولن تسير على كل تلك الأراضي التي تود زيارتها، ولن تقوم بكل التجارب التي ترغب في القيام بها.. القرار بيدك.
إن زائر الليل غير مرغوب به،، بيدنا أن نغلق الباب في وجهه، وأن نطرده دون خجل لكي نجعل هذا الألم أملًا بالحياة.
هنا تكون البداية الحقيقية للتغلب على مرض سرطان الثدي، عبر الإيمان بقضاء الله وقدره، والإيمان أكثر بقدرة الله على كل شيء، حتى لو كان مجرد يوم واحد نعيشه، فالحياة ليست مجرد أرقام في عمرنا.
فما زال في العمر بقية، وما زالت الشمس تشرق كل يوم، إذَنْ ما زال هناك يوم جديد في الوقت الذي نجد فيه أناسًا توقفت قلوبهم عن النبض بالحياة دون علة أو نقصان.
في الختام هي كلمة واحدة وأنت يا حواء صاحبة القرار فمهما قلنا أو كتبنا دون قناعة منك فلن ننجح، وتذكري هذه المقولة (بينما كنا ننتظر أن يمر الصعب مرَّ العمر) لا تَسمحي لهذه المقولة أن تأخذ من عمرك، فالصعوبات هي سُنَّة الحياة سواء من كان مريضًا أو متعافيًا..
العمر واحد.. لنجعل منه مصدر إلهام حتى لو كان لحظة،، لنعش هذه اللحظة بنظرة وردية للحياة حتى لو لم تكن كذلك،، من يعلم فقد يمر الصعب ويبقى لنا في العمر بقية. وتبقى هناك ضحكات لم نضحكها بعد.