في الصميم….ملحمة لوسيل وعثرة «البيت» ..!!
سيكونُ ملعبُ « لوسيل» القطري العالمي في ذاكرة السعوديين لسنوات طويلة، فبداخله سطر يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2022 لاعبو المُنتخب السعودي أعظم ملحمة كُروية أمام مُنتخب الأرجنتين بقيادة أفضل لاعب بالعالم لعدة مرات، ميسي الطامح في لقب مونديال 2022، ليُحولوا خسارتهم بهدف لانتصار تاريخي يشبه اليوم المُشرق الذي كان مُبتسمًا فوق الجماهير الهادرة، حيث لعبت المُباراة الساعة الواحدة ظهرًا.
ولأنه مونديال لكل العرب فقد كان الانتصار السعودي للعرب، والحضور لكسر هيبة المسافة الفنية بيننا وبين مُنتخبات العالم بعد أن استحق لاعبو الأخضر الفوز، مستوًى ونتيجة.
لم يهتز صقور السعودية وهم يتلقون هدف ميسي من علامة الجزاء في وقت مُبكر، حيث قاوموا طوال الشوط الأول ثم انفجروا في شوط ثانٍ ليدكوا مرمى ايمليانو بارتنيز بهدفين سريعين للشهري والدوسري ثم تفرغوا لإقفال مرماهم بكل الأسلحة حتى تحقق المُنجز الأهم والأقوى والأضخم بالبطولة.
الثقة لم تهتز والخبرة تسيَّدت، لذلك كان سهلًا على الفرنسي هيرفي رينارد أن يصنعَ مُنتخبًا مهيبًا.
في الجانب الآخر خسرت قطر المُباراة الافتتاحية أمام الإكوادور، لتعلو الدهشة الكثيرين وتتعالى أصوات الانتقاد، حيث كانت الآمال والطموحات أكبر بكثير مما قدمه اللاعبون، وكان الألم الحقيقي هو عدم تقديمهم الأداء الذي يشفع بالدفاع عنهم حتى لو خسروا ..!!
بعد المُباراة يمكن التعليق وإبداء الآراء والنصائح والانتقادات لكن ما الذي حدث قبل المُباراة؟
كان التفاؤل طاغيًا للحد الذي أخفى القلق، والطموح عاليًا حد نسيان الخصم، والتحدي قائمًا حد دفن واقع كرة القدم ..!!
خُطة اللعب التي بدأها الإسباني فيليكس سانشيز، هي نفس الخُطة التي انتهجها طوال فترة الإعداد للمونديال، اللاعبون لم يتغيروا، يلعبون داخل أرضهم وبين جماهيرهم، كل الإمكانات مُتاحة لهم، إذًا ما الذي حصل؟
في الرياضات التنافسية يُمكنك فعل كل شيء وتقديم كل شيء إلا أن تتحكمَ بالنفس البشرية الرياضية من الداخل، فالانهيار النفسي الجزئي أو الكلي، يحدث للرياضيين داخل الميدان بشكل مُفاجئ ودون سابق إنذار، حتى لو كانوا الأطول إعدادًا كما حصل لمُنتخب قطر أمام الإكوادور في افتتاحية مونديال 2022 ..!
أمام المُكيفات وداخل الأستوديوهات وخلف الميكروفونات وفي وسائل التواصل الاجتماعي، لا يمكن أن تعيشَ حالة لاعبي قطر وتتعمق بتفاصيل ما حصل إلا إذا كنت صاحب تجربة كُروية حقيقية تُدرك أن الأمر قابل للحدوث، ففي الأخير هم لاعبون من لحم ودم خسروا جولةً ولم يخسروا معركةً، والانتقادات التي أصابتهم من كل حدب وصوب لم تنظر لزاوية أخرى لتجد التبرير العلمي الأمثل للاعبين بدليل أنهم لو لعبوا مئة مرة أخرى أمام الإكوادور فلن يتكرر مشهد الافتتاح أبدًا، وهو ما يعكس أن القلق المعرفي والجسدي كان مُسيطرًا على اللاعبين وأدى لوقف نشاطهم المعتاد منهم، وبالطبع لا يمكن إغفال مستوى مُنتخب الإكوادور الجيّد، لكن الأمر هنا يتعلق بعدم ظهور اللاعبين القطريين بشكل جماعي بالشكل الذي توقعه الكثيرون.
يمكن للغاضبين أن ينتقدوا كل شيء بدءًا من سلبية تفريغ اللاعبين من الدوري المحلي، وانتهاءً بعدم استجابة سانشيز السريعة لإحداث أي شيء، لكن الحقيقة تقول: إن كرة القدم لا تلعب بالروبوت بل إنها مجنونة الأحداث والسيناريوهات، لذلك سيعود العنابي أقوى بحول الله.