دردشة.. قطر أنقذت المونديال

«قطر أنقذت المونديال من الإلغاء أو التأجيل».. قد تبدو هذه العبارة صادمة للبعض لأنه منذ أربعينيات القرن الماضي لم تتعرض بطولة كأس العالم لكرة القدم لأي إلغاء أو حتى تأجيل، ولكنني أتحدث عن واقع فعلي ونتيجة فعلية للأحداث التي تدور حولنا في جميع أنحاء العالم.
وحتى نبرهن على حقيقة أن قطر أنقذت المونديال، علينا أن نستعرضَ مثلًا النسخ الثلاث الأخيرة من المونديال والتي أقيمت في العَقد الماضي ونظمتها دول جنوب إفريقيا في 2010 والبرازيل في 2014 وأخيرًا روسيا في 2018، ونطرح تساؤلًا مهمًا.. لو كانت واحدة من هذه الدول الثلاث هي التي وقع عليها الاختيار لتنظيم نسخة 2022.. هل كانت تستطيع أن تنظمها بالفعل؟! أعتقد أن الإجابة حتمًا ستكون لا، باعتبار أن هذه النسخة جاءت في أعقاب أزمة كورونا التي ضربت العالم.
وبما أن جنوب إفريقيا والبرازيل واجهتا عقبات اقتصادية كبيرة قبل تنظيم موندياليهما رغم أن الظروف العالمية وقتها كانت طبيعية جدًا فإنه من البديهي جدًا أن تفشل أي منهما تمامًا في التصدي لهذا الحدث بعد أقل من عامين من تلك الجائحة التي ضربت العالم، خاصة أن معظم تجهيزات البنية التحتية تم إنشاؤها في فترة كورونا وما بعدها.
أما عن روسيا فالجميع يدرك استحالة التفكير في هذا الأمر في ظل أجواء الحرب والتوتر السياسي بين روسيا من ناحية وأوروبا وأمريكا من ناحية أخرى، ولنفس السبب أيضًا كان من الصعب جدًا أن تتصدى أي دولة أوروبية أخرى لتنظيم هذا الحدث، في ظل التوتر الكبير بين روسيا والصين من ناحية ومعظم دول أوروبا من ناحية أخرى.
وهناك العديد من الأدلة الأخرى على هذا الرأي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر اعتذار الصين مؤخرًا عن عدم استضافة نهائيات أمم آسيا التي كان مقررًا لها العام المُقبل 2023، بسبب تداعيات أزمة كورونا أيضًا، وبالتالي فلك أن تتخيل أن دولة بحجم وقدرات ومساحات الصين الشاسعة غير قادرة على تنظيم بطولة قارية، فما بالنا بكأس العالم الحدث الأكبر والأضخم من بين كل الأحداث العالمية بلا أي مُنازع.
وحتى الدول التي نافست قطر على شرف هذه الاستضافة وعلى رأسها أمريكا التي وصلت مع قطر للمحطة الأخيرة في مرحلة التصويت تعاني من أزمة اقتصادية واضحة فضلًا عن أنها بقيت تعاني من تداعيات جائحة كورونا حتى وقت قريب.
وقبل كل هذا وذاك لا ننسى أن قطر أنقذت بطولات كبيرة أخرى من الإلغاء مثل دوري أبطال آسيا في النسخة المُجمعة التي أقيمت داخل الفقاعة الطبية في ظل انتشار أزمة كورونا والإغلاقات الكبيرة في كافة أنحاء العالم، ونفس الأمر في بطولة كأس العالم للأندية في نفس الفترة.
مرة أخرى أكرر أن هذا الخطاب قد يبدو صادمًا، لكننا يجب أن نتبناه ونؤكد عليه حتى يدرك الجميع أننا قدمنا لبطولة كأس العالم أكثر مما قدمت إلينا، وهذا ليس تفضلًا ولا منة ولكنه حقيقة بازغة بأدلة دامغة حتى يعي الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA أن قطر أنقذته من سقطة تاريخية واستبدلتها بقفزة استثنائية في تنظيم البطولات الكُبرى.