كتاب الراية
البطولة تجمّع إنساني أولًا وأخيرًا

الوعد المونديالي تحقق.. دعونا نحلم من جديد

اُنظر حولك وستشاهد حجم الإنجاز الذي تحقق على أرض الواقع

الكل تكاتف من صغير وكبير.. مواطن ومقيم لنجاح هذا الحدث

قطر تحقق كل الأحلام حتى ما لا يتصوره عقل.. فدعونا نحلم من جديد

قطر أوفت بوعدها بتنظيم بطولة استثنائية وكان لها ما أرادت

استيقظتُ من نومي بعد أن لبثت في فراشي اثنى عشر عامًا وازدادوا ستة عشر يومًا، بالتحديد منذ الثاني من ديسمبر عام 2010 وحتى التاسع عشر من ديسمبر في العام 2022 رأيت حلمًا جميلًا تمنيت أن لا أستيقظ منه.. حلمًا كأنه حقيقة، وحقيقة كأنها حلم.
سألت من حولي كم لبثت؟ فقالوا: يومًا أو بعض يوم! رأيت العجب العجاب هي أشبه بالأحلام التي كانت في منامي وكأنها أحلام العصر! رأيت الناس تتبادل عملة ورقية طبعت عليها نقوش ورسوم كأس العالم التي احتضنتها قطر في الحلم الذي رأيته! قلت سوف أخرج لسوق واقف فقد يعيد لي وعيي، شاهدت أقوامًا ملامحها لا تشبه ملامح أهل قطر من شتى قارات العالم لكن يرتدون الغترة والعقال والثوب القطري! بكل سعادة! الأدهى من ذلك أنهم كانوا يتناولون الطعام القطري التقليدي بكل تلذذ! وأخذوا يرحبون بكل حفاوة على طريقة عاداتنا، وتقاليدنا، ويدعونني لتناول الطعام معهم! كانوا ودودين وعفويين بعكس ماكنت أسمع عنهم! اكتشفت حينها أنه مثلما أتاحت استضافة قطر لكأس العالم تعرّف هذه الشعوب على حياتنا بعيدًا عن الأكاذيب أتاحت كذلك الفرصة لنتعرف نحن أيضًا على حياتهم.
هذه البطولة تجمع إنساني أولًا وأخيرًا، قبل أن تكون سببًا لإثارة النعرات والاختلافات.
والأعجب أنني سمعت منهم كيف أن حفل الافتتاح كان بالاستشهاد بسورة من القرآن الكريم تدعو للتعايش بين كل الشعوب والقبائل. كانت رسالة مفادها بقبول المختلف.
غادرت المكان وأنا غير مصدق لما يقال وأنا أحمل معي كوبًا من مشروب «المتة» بدلًا من «الكرك»! وفي طريقي إلى أصحابي.. استوقفني جمهور عربي غفير يجمعهم لسان الضاد من نجد إلى تطوان، وتوسطهم جمهور السعودية، والمغرب، فرحين مستبشرين فقلت: مابالكم ياقوم؟ فقال لي السعودي: الأخضر هو بطل العالم الحقيقي لأننا هزمنا الأرجنتين بطلة كأس العالم قطر 2022 ! وقال لي المغربي أما نحن أسود الأطلس فقد حققنا الإنجاز والإعجاز العربي بحصولنا على المركز الرابع على مستوى العالم! قلت ياالله هل أنا في حلم أو علم لم أر هكذا في منامي من قبل، مابال أحلام ما بعد العصر لا تفارق عيني! والله لو قلت لأصحابي ماشاهدته وماسمعته فلا شك أنهم سيسخرون مني، ويصفونني بالمجنون، أسرعت بالبحث عن طريق العودة حيث يتواجد أصحابي، لكن أضعتُ وجهتي بسبب طوفان من الجمهور الآسيوي من الهند وبنجلاديش وسيريلانكا وغيرهم الكثير من الجاليات من إفريقيا.. الكل كان يرتدي زي المنتخب الأرجنتيني وكانوا -كما عرفتهم في الحقيقة وليس الأحلام- محبين وبسطاء، هتفت معهم ليس حبًا في الأرجنتين ولكن في شخصهم فقد ساهموا من قبل في نهضة هذا البلد وما زالوا ومن حقهم أن يفرحوا حالهم كحالنا ونحن نشجع هذا الفريق أو ذاك..
هذا لم يكن سر استغرابي بل السبب هو.. صورة ميسي متوجًا بكأس العالم وهو يرتدي البشت القطري وقد كتبت تحتها عبارة: (العريس ميسي بطلًا للعالم) نعم لقد كانت لفتة عظيمة لما يمثله البشت من ثقافة عربية نعتز بها.. صورة لا تشاهدها إلا في الأحلام! حل الليل وأنا في ذهول من أمري مكتفيًا بما حدث لي اليوم من أحداث أذهبت ما تبقى من عقلي، فلم أعد ذلك الشاب، فقد بلغت من العمر عتيًا بعد مرور 12 عامًا لحظة نيل شرف استضافة المونديال وحتى صافرة الختام.
حاولت البحث عن طريق العودة، لكن هيهات كل شيء تبدل وتغير في قطر! الطرق، والمباني، والجسور، والفنادق! كان هو في الحلم! لم أجد بدًا من أن أستوقف أحد المواطنين وكعادتنا نحن في قطر نخجل من السؤال أو الطلب؟ فقلت له بأدب: أين المكان الفلاني وقبل أن أكمل حديثي أخذ بيدي وتعلوه ابتسامة كلها فخر فقلت له علامَ تبتسم ابتسامة النصر؟ فقال: لقد انتهينا للتو من تنظيم أعظم حدث عالمي حلم عشنا من أجله سنين، تعرضنا خلاله لكل صنوف التحديات والافتراءات.. واليوم نجحنا بالتنظيم بالتزامن مع احتفالنا باليوم الوطني رسخنا خلال مونديالنا شعار (وحدتنا مصدر قوتنا) هذا ليس من قبيل الإنشاء ولكن بشهادة الكل، وبلغة الأرقام، وحتى من هاجم المونديال هو نفسه من أشاد بالتنظيم.
قلت في نفسي قد يكون هذا من باب المبالغة! أو أن شيئًا من الهذيان مسه، فكل شيء من حولي يقول إنها أحلام مستحيل أن تكون حقيقة.
الشاهد.. توقعت أن يأخذني إلى حيث تقف سيارته لكن أخذني لمكان آخر وكأنني لست في قطر التي عرفتها ! قال هذا هو المترو مقرّب المسافات يأخذك حيثما تريد.. وما إن ترى الوجهة التي تريدها أخبرني، مررنا ب8 ملاعب كل ملعب يحكي حكاية قال لي هنا استاد البيت الذي كان شاهدًا على حفل افتتاح أسطوري للمونديال، وهنا استاد لوسيل الذي شهد حفل ختام البطولة.
اُنظر حولك وسوف تشاهد حجم الإنجاز الذي تحقق على أرض الواقع، الكل تكاتف من صغير وكبير، مواطن ومقيم على نجاح هذا الحدث، وتخيل معي أن يتم استقطاب 20 ألف متطوع ليس همهم تقاضي مبالغ مالية لخدمة ضيوف المونديال ولكن هدفهم إسعاد البشرية.
فقلت له خذني إلى أصحابي بسرعة.. لكي أزف لهم هذه البشرى، لكي أقول لهم أنني لم أكن في حلم! وأنني كنت أعيش الواقع بكل جمالياته.
لقد أوفت قطر بوعدها بتنظيم بطولة استثنائية وكان لها ما أرادت.. قطر تحقق كل الأحلام حتى ما لا يتصوره عقل لذلك دعُونا نحلم من جديد.

 

[email protected]

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X