بدء العمل بموازنة 2023 .. غدًا
مخصصات مليارية لتطوير أراضٍ جديدة للمواطنين
مؤشرات قوية على مواصلة نمو الاقتصاد القطري
ارتفاع مخصصات المصروفات التشغيلية يدعم التنمية المستدامة
تنفيذ 22 مشروعًا جديدًا بتكلفة 9.8 مليار ريال خلال العام الجديد

الدوحة- الراية:
يبدأُ غدًا الأول من يناير العملُ بموازنةِ العام المالي 2023 التي تحملُ مؤشراتٍ قوية على نمو الاقتصاد القطري بدعم الإنفاق الكبير على المشروعات الكُبرى وتطوير أراضٍ جديدة للمواطنين.
وأولت الموازنة اهتمامًا كبيرًا بالمشاريع الكُبرى والرئيسية، حيث تمَّ تخصيصُ مبلغ 63.9 مليار ريال، ما يؤكدُ استمرارَ عجلة التنمية وعدم ارتباطها بأحداثٍ معينة.
وتتضمنُ الموازنةُ تنفيذَ 22 مشروعًا جديدًا بتكلفة قدرُها 9.8 مليار ريال خلال العام الجديد ما يفتحُ المجالَ أمام القطاع الخاص لزيادة المشاركة في تنفيذِ هذه المشروعات الطَّموحة.
ويعزى الارتفاعُ في مخصصاتِ المصروفات التشغيلية بالموازنة الجديدة إلى تكاليف استدامة المرافق العامَّة والبنية التحتيَّة التي سيكون لها دورٌ مهمٌ في مرحلةِ ما بعد كأس العالم، حيثُ قامت الدولةُ ببناءِ بنيةٍ تحتيةٍ متكاملةٍ ستكون ركيزةً أساسيةً لتطوُّر الاقتصاد المحلي وازدهارِه.
وتبرهنُ الموازنةُ على مدى بُعد نظرِ القيادة في تأثير الأحداث العالميَّة والإقليميَّة على أسعار النفط؛ لذلك اعتمدت 65 دولارًا للبرميل رغم أن سعره حاليًا يتخطى 80 دولارًا، واستنادًا إلى ذلك فإن تقديرات إجمالي إيرادات النفط والغاز لعام 2023 تبلغ 186 مليار ريال، بالمقارنة مع 154 مليار ريال لعام 2022، وهو ما يمثلُ زيادةً بنسبة 20.8%.
وتمَّ الإبقاءُ على تقديراتِ الإيراداتِ غير النفطيَّة لعام 2023 ثابتة، بالمقارنة مع موازنة عام 2022 عند مبلغ 42.0 مليار ريال، ما يؤكد أنَّ مشاريع التوسع في إنتاج الغاز المسال تؤتي ثمارها وتنعش الاقتصاد القطري. وهذا يدل على أن الموازنة قادرة على إنجاز أهدافها مع التخطيط لتحقيق فوائض مالية تستخدم في تحقيق أهداف التنمية واستكمال المشاريع الرئيسية في إطار رؤية قطر الوطنية 2030.
ويعد الفائض التقديري (29 مليار ريال) في موازنة قطر للعام المقبل هو الأول بهذا الحجم خلال العشرية الأخيرة، ويعزى إلى ارتفاعِ الإيراداتِ النفطية بنسبة 20.8 بالمئة بفضلِ ارتفاعِ متوسط أسعار النفط عند 65 دولارًا للبرميل، الأمرُ الذي أفضى لزيادة الإيرادات الكُلية بنسبة 16.3 بالمئة، بالمقارنةِ مع موازنة 2022، إضافةً إلى انخفاضِ المصروفات بنسبة 2.6 بالمئة مع انتهاءِ المصروفات المُتصلة باستضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
وتثبتُ بياناتُ الموازنة أنَّ دولة قطر من الدول القلائل التي تستطيعُ تحقيقَ فائض في الموازنة ومواصلة النمو في الناتج الإجمالي على الرغم من انكماش الاقتصاد العالمي، وذلك بفضل جهود الحكومة المتواصلة لتنويع مصادر إيراداتها، وتعزيز كفاءة الإنفاق العام لا سيما فيما يتعلق بالسعر المتحفظ على مستوى سعر برميل النفط، ومنح فرص أكبر للقطاع الخاص ما يعزز الثقة لدى المستثمرين، وخلق المزيد من فرص العمل، ولتواصل دولة قطر دورها الريادي بأن تكون من أهم اللاعبين الأساسيين في الاقتصاد العالمي والمضي قدمًا في مسيرة النمو بمنأى عن مخاوف الانكماش التي تهدد الكثير من الاقتصادات العالمية.
زيادة مخصصات
وتشير مقارنة موازنتَي العام الماضي 2022 والحالي 2023 إلى زيادة مخصصات ثلاثة من أبواب الموازنة، هي: الرواتب والأجور والمصروفات الجارية والمصروفات الثانوية، لتشكل على التوالي 31 بالمئة و34 بالمئة و 3 بالمئة من إجمالي مصروفات موازنة 2023، بينما شكلت 29 بالمئة و33 بالمئة و 2 بالمئة على التوالي من إجمالي مصروفات موازنة 2022، وتراجعت مخصصات باب المصروفات الرأسمالية من 36 في المئة من إجمالي الإنفاق بموازنة 2022 إلى 32 بالمئة في موازنة 2023.
وكان سعادةُ السيد علي بن أحمد الكواري وزير المالية، قد أشار إلى أنَّ فائض موازنة دولة قطر للعام المالي 2023 والمتوقع أن يبلغ 29 مليار ريال، سيتم توجيهه لسداد الدين العام، ودعم احتياطيات مصرف قطر المركزي، وزيادة رأس مال جهاز قطر للاستثمار.
وكشفَ سعادةُ وزير الماليَّة عن أنَّ ارتفاعَ الإيرادات المقدرة لعام 2023 إلى جانب الانخفاض المحدود في المصروفات، أديا إلى تحويل رصيد الموازنة من عجز إلى فائض يقدر بمبلغ 29.0 مليار ريال.. مضيفًا: إنَّ وزارة المالية ستعمل على تعزيز الاحتياطات المالية للدولة من خلال تحويل الفائض إلى حساب الاحتياطي العام وَفقًا لأحكام قانون النظام المالي للدولة الصادر بالقانون رقم (2) لسنة 2015. أما فيما يتصل بالإيرادات غير النفطية، فأشار سعادته إلى الإبقاء على تقديرات الإيرادات غير النفطية لعام 2023 ثابتة بالمقارنة مع موازنة عام 2022، عند مبلغ 42.0 مليار ريال، موضحًا أن الوزارة تعمل حاليًا بالتنسيق مع الجهات المعنية على دراسة تطبيق بعض الإجراءات التي من شأنها زيادة تحصيل الإيرادات غير النفطية خلال عام 2023، من ضمنها توسيع قائمة السلع المشمولة بالضريبة الانتقائية ومراجعة بعض الرسوم الحكومية. ولم تتم إضافة تقديرات الإيرادات الناتجة عن التطبيق المحتمل لهذه الإجراءات خلال عام 2023 في الموازنة من مبدأ تقديم تقديرات متحفظة للإيرادات العامة، وأكد أن خُطة زيادة الإيرادات غير النفطية تحرص على مراعاة الظروف الاقتصادية ومراعاة الآثار المُحتملة للإجراءات على القطاع الخاص وأداء الأعمال.
وفي سياق حديثه، عن المصروفات في الموازنة العامة لعام 2023، أشارَ سعادةُ السيِّد علي بن أحمد الكواري وزير المالية، إلى انخفاضِ إجمالي المصروفات المخطط لها لعام 2023 بنسبة 2.6% عن عام 2022 لتبلغ 199.0 مليار ريال.. موضحًا أنَّ أهم متغيرين في مصروفات عام 2023 بالمقارنة مع عام 2022 هما زيادة الإنفاق على باب الرواتب والأجور وانخفاض الإنفاق على باب المشروعات الرئيسية. وقد ارتفعت مخصصات الرواتب والأجور في موازنة عام 2023 بمقدار 4.0 مليارات ريال عن عام 2022 لتصل إلى مبلغ 62.5 مليار ريال، ما يمثل زيادة بنسبة 6.3%. وتعزى هذه الزيادة إلى زيادة التوظيف في القطاع العام في ظل الهيكلة الحكومية الجديدة والتي تم اعتمادها من قبل حضرة صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدَّى في نهاية عام 2021، وإعادة صرف المنح وبعض البدلات خلال العام الماضي، بالإضافة إلى اعتماد قانون التقاعد الجديد وتوجيهات سُموِّ الأمير المُفدَّى باعتماد الحد الأدنى للمعاش التقاعدي.
مستويات الإنفاق
ويرى خبراءُ أنَّ من أهم ملامح الموازنة الجديدة وجود فائض مقابل عجز كان موجودًا بموازنة 2022، ويرجع هذا الفائض جزئيًا إلى اعتماد سعر متوقع لبرميل النفط عند 65 دولارًا مقابل 55 دولارًا للعام 2022، وهو ما ترتَّب عليه ارتفاع الإيرادات النفطية المتوقعة من 154 مليار ريال في العام الماضي إلى 186 مليار ريال في 2023.
وقالوا: إنَّ الموازنة تتميز بالمحافظة على مستوى إنفاق قريب جدًا من مستواه في العام 2022، وهي مستويات إنفاق إيجابية جدًا ومشجعة للأسواق، وستؤثر بشكل مهم ومباشر على أسواق المال، وعلى الحركة الاقتصاديَّة والتجاريَّة والاستثمارية بشكلٍ عامٍ.
ملامح قويَّة
وأشاروا إلى إنَّ أهم ملامح الموازنة الجديدة للدولة استحواذ قطاعَي التعليم والصحة على قرابة 20 بالمئة من المصاريف، الأمر الذي يوضح الاهتمام البالغ الذي توليه قطر للعنصر البشري والاستثمار فيه.
ورأوا أنَّ السعر المفترض في الموازنة (65 دولارًا للبرميل) منطقي كون أسعار النفط خلال العام الماضي كانت أعلى من هذا المستوى، مضيفًا: «هذه نقطة، النقطة الثانية أن دولة قطر تعتمد في معظم إيراداتها على الطاقة، وعلى مجال عقود الغاز، وهذه الإيرادات المتأتية منه هي أقل في تقلبات أسعارها من أسعار النفط، خاصة أن قطر تتبع أسلوب توقيع عقود طويلة الأجل مع الدول المستوردة للغاز القطري، وبالتالي فدرجة تذبذب أسعار الغاز في تلك العقود هي أقل من تذبذب أسعار النفط، ما يعني أن الاقتصاديات التي تعتمد بشكل كلي على النفط ستكون معرضة أكثر منها لتقلبات الأسعار».
ولفتوا إلى استمرار الدولة في نهجها بالإنفاق على المشاريع الرأسمالية واستكمالها، معتبرًا أن النفقات المرصودة لها شهدت تراجعًا ليس بكبير عن العام 2022، وذلك على الرغم من انتهاء المشاريع المرتبطة بكأس العالم، الأمر الذي يوضح حرص الدولة على الاستمرار في تحفيز النمو الاقتصادي.