وزير البيئة: نسعى للتوسع في البحوث العلمية لمعالجة وإدارة المياه العادمة والأملاح الناتجة من محطات التحلية

الدوحة – قنا :
أكد سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر بن أحمد بن علي آل ثاني وزير البيئة والتغير المناخي، أن الوزارة تسعى للتوسع في البحوث والتجارب العلمية لمعالجة وإدارة المياه العادمة والأملاح الناتجة من محطات التحلية.
وقال سعادته، في تصريحات للصحفيين على هامش ندوة علمية بعنوان “معالجة وإدارة المياه العادمة المرفوضة والأملاح الناتجة من محطات التحلية” نظمتها وزارة البيئة والتغير المناخي اليوم، إن البحث المتعلق بموضوع الندوة، من بين الحلول التي تسعى لها وزارة البيئة والتغير بالتعاون مع الجهات المختصة، بغرض إيجاد حلول مثلى للمياه التي تخرج من محطات التحلية، واستخلاص الأملاح الموجودة فيها، والعمل على الاستفادة منها، لما لها من جانب اقتصادي يهم جهات وشركات صناعية.
وأكد سعادته أهمية مثل هذه المشاريع والبحوث العلمية التي تهم جميع دول الخليج، باعتبار الخليج شبه بحر ومغلق، مشيرا إلى أن كمية المياه المالحة والعادمة الصادرة من محطات التحلية تمثل تحديا كبيرا يواجه كل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لأنها تتسبب في ارتفاع درجة الحرارة، وزيادة الأملاح المركزة في هذه مياه الخليج ما يؤثر بدوره على الأحياء البحرية، فضلا عن التأثير الضار على البيئة بشكل عام نتيجة ارتفاع الملوحة، وتأثر محطات التحلية نفسها بمرور الوقت ليصبح أداؤها أقل من المطلوب.
وقال إن الوزارة تسعى للتوسع في مثل هذه البحوث والتجارب التي أثبتت نجاحها حتى الآن على نطاق ضيق، وأيضا جمع الجهات المعنية البحثية والعلمية منها، وكذا الشركات الخاصة للاستفادة منها والعمل على تطبيقها بشكل تجاري يخدم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، علاوة على استخراج الهيدروجين باعتباره مستقبل الطاقة ويدخل في صناعات عديدة، دون أن تكون له مخلفات كربونية.
كما أوضح سعادته، من جهة أخرى، أن ظاهرة نفوق الأسماك من فترة لأخرى ليس سببها فقط ارتفاع درجة الحرارة، التي قال إن نسبتها طبيعية، مبينا أن أهمية هذا البحث تكمن كذلك في خفض نسبة ملوحة مياه البحر، وبالتالي تقليل نفوق الأسماك.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد بن سيف الكواري الخبير البيئي والمستشار الهندسي بوزارة البيئة والتغير المناخي، إن العديد من البحوث العلمية والدراسات المتخصصة في المياه أوضحت أن تحلية مياه البحر تعد مصدرا رئيسيا للمياه العذبة في أجزاء كثيرة من العالم، مشيرا إلى أن البلدان المطلة على الخليج تعتمد بصورة كبيرة على تحلية مياه البحر لإمدادها بالمياه العذبة، وأنها تساهم بـ 33 بالمئة من قدرة التحلية العالمية.
ولفت في كلمته بمستهل الندوة، إلى أن التخلص من المحلول الملحي الناتج عن محطات تحلية المياه في مياه البحر، يعد قضية بيئية بالغة الأهمية، لأنه يحتوي على ملوحة عالية ودرجة حرارة عالية أيضا، ومواد كيميائية متبقية من عمليات ما قبل المعالجة، تسبب أضرارا محتملة للموئل البحري والجوفي، ما يؤكد أن إدارة المحلول الملحي عالي التركيز قد طرحت تحديات تكنولوجية واقتصادية وبيئية.
وبين أنه في ضوء كل ذلك ارتأت وزارة البيئة والتغير المناخي مناقشة هذه المسألة البيئية الهامة، لا سيما وأنها تندرج تحت المحور الثالث وهو المياه ، من استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي، والذي ينص على ” قيام الوزارة بالمراقبة الدورية والفعالة لكل مصادر المياه مثل المياه الجوفية ومياه البحر والمياه الصالحة للشرب”، واعتبر الدكتور الكواري الندوة منصة علمية لتبادل الأفكار والمعلومات والبيانات الفنية، بهدف الوصول إلى نتائج عملية تطبيقية تعالج المياه العادمة المرفوضة والأملاح الناتجة من محطات التحلية، بما يتوافق مع التشريعات البيئية الدولية، ويتماشى مع استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي.
وقال إن وزارة البيئة والتغير المناخي سوف تشكل لجنة علمية فنية من بعض العلماء والخبراء والمستشارين من الجهات الأكاديمية وبعض المسؤولين من الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات ذات العلاقة، والمشاركين في هذه الندوة، لوضع خطة شاملة قابلة للتطبيق لمعالجة وإدارة المياه العادمة المرفوضة والأملاح الناتجة من محطات التحلية، موضحا أن هذه الخطة ستتضمن التوصيات والاقتراحات العملية والأفكار والمعلومات والبيانات التي تناقشها الندوة وتخدم الوطن والبيئة.
وناقشت الندوة في هذا السياق طرق معالجة المخلفات التي تخرج من عمليات تحلية المياه بمنطقة الخليج العربي، والتي تتسبب بضرر كبير للبيئة البحرية، فضلا عن طرق ووسائل معالجة تلك المشكلة، مع الاستفادة من تلك المخلفات في توليد الهيدروجين كمصدر نظيف للطاقة، والاستفادة أيضا باستخراج نوعين من الأملاح، أحدهما يدخل في العديد من الصناعات، والآخر يدخل في صناعة ملح الطعام.
وقد كرم سعادة الوزير بهذه المناسبة عددا من المسؤولين والباحثين والخبراء المتحدثين في الندوة.
ومن جانبه، أكد البروفيسور بدر شفاقة العنزي الكويت الباحث والأستاذ الجامعي في الهندسة الميكانيكية، أن من شأن البحث محل نقاش الندوة العلمية، أن يعمل على إيجاد حلول للمحلول الملحي المطرود من محطات تحلية المياه، والذي يؤثر على البيئة البحرية بعد عشرات السنين، ومن ذلك ترسب الملح في القاع ونقص الأوكسجين بمياه الخليج.
وقال، في تصريح للصحفيين، إن من شأن البحث يعمل على استخراج نوعين من الأملاح المهمة من المياه التي تخرج من محطات التحلية، النوع الأول منها رطب ويستخدم في بعض الصناعات النفطية، والآخر وهو الجاف وهو ملح الطعام، علاوة على استخراج الهيدروجين المستخدم حالياً كطاقة نظيفة، مع إعادة استخدام هذه المياه مرة أخرى.
من جانبه تحدث الدكتور يوسف بن محمد الحر رئيس مجلس إدارة المنظمة الخليجية للبحث والتطوير، عن إحدى براءات الاختراع الخاصة بالمنظمة، وتتعلق بالاستفادة من غاز ثاني أكسيد الكربون الناجم عن عمليات تصنيع الغاز والطاقة، ومن المياه العادمة الراجعة من محطات تحلية المياه، لتصنيع مُنتج جديد يشبه الأسمنت الأبيض، وله تطبيقات تشبه ألواح الجبس، دون أن تكون لديه أي آثار سلبية على البيئة.
وأشار إلى أن فكرة هذا البحث تقوم على إيجاد اقتصاد دائري، يمثل قيمة مضافة من مخلفات عمليات تحلية المياه والعمليات الصناعية الأخرى، لا سيما وأن الأسمنت الأبيض غير موجود في قطر.
ومن ناحيته، قال الدكتور محمد بن سيف الكواري الخبير البيئي والمستشار الهندسي بوزارة البيئة والتغير المناخي في تصريح للصحفيين، إن أهمية الندوة تكمن في وجود مشكلة بيئية ناجمة من المياه المفوضة والعادمة لمحطات التحلية، وذلك لأنها تحتوي على محلول ملحي مركز ودرجة حرارة عالية وبعض المواد الكيمائية المخلوطة بهذه المياه التي تخرج من محطات التحلية إلى الشواطئ أو تتسرب إلى البحر لتكون بحيرات خلف محطات التحلية، ملوثة للبيئة والمياه الجوفية والموئل البحري.
واستعرض الكواري البحوث والدراسات العلمية التي أجراها العلماء في شتى أنحاء العالم ومنطقة الخليج على مدى الـ 30 عاما الماضية لإيجاد حلول لمعالجة هذه المشكلة التي تؤثر على الحياة البحرية، ما يجعل قيعان البحار شديدة الملوحة وغير صالحة لمعيشة الأسماك الأخرى.
ونوه إلى أن الابتكارات الحديثة من شأنها الإسهام في حل هذه المشكلة التي وصفها بأنها نوع من النفايات، وبالتالي الاستفادة من المياه العادمة وإعادة تدويرها واستخدامها مرة أخرى بعد ذلك، وهو ما ينتج عنه “هيدروجين” الذي يمثل طاقة نظيفة، بجانب الأملاح الرطبة والجافة المفيدة.
وأكد الدكتور الكواري أن قطر ستنجح في هذه التجارب وستقدم هدية للعالم في كيفية معالجة مشكلة المياه العادمة المرفوضة والأملاح الناتجة من محطات التحلية، بعد أن أهدته مؤخرا آلية استدامة استادات المونديال.