
بقلم/ عبدالبديع عمر خلف الله:
في وقتنا الحاضر كثر النقاش عن التطورات المتسارعة لما يسمى بالذكاء الاصطناعي وأهميته الكبيرة في الارتقاء بالدول والمجتمعات، بعدما أصبح استخدام الكم الهائل من المعلومات والبيانات المتوفرة تمثل مواردَ بَديلة عن مَداخيل النفط والغاز، وذلك من خلال استخداماته المفيدة والمتنوعة التي تغطي الكثير من المجالات التي لها علاقة بإنسان القرن الواحد والعشرين، كالتعليم، والطب، والصناعة، والاتصالات، والاقتصاد، والتجارة، والإدارة، وغيرها؛ وذلك نتيجة للتطور السريع في الثورة التكنولوجية أو ما يسمى بالانفجار المعلوماتي حاليًا، لذلك فعلينا أن نفكر بأساليب وطرق جديدة في توظيف كل ذلك من أجل الارتقاء بقدراتنا الإبداعية والدخول إلى عالم الابتكار والإبداع الذي يمثل العلامة الفارقة للمجتمعات المتحضرة في عالم اليوم.
إن مفهوم الذكاء الاصطناعي الذي عرّفه كثير من الباحثين بأنه (سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها) يُظهر بجلاء أن الهدف الأساس منه المساهمة في حل الكثير من المشكلات التي تواجهنا بطريقة إبداعية، وذلك من خلال آلات تعتمد على برمجيات وخوارزميات متطورة، قادرة على تحليل البيانات والمعلومات؛ لتوظيفها في أداء مهمات عديدة ومختلفة.
بدون أدنى شك، يوفر الذكاء الاصطناعي الرشاقة المطلوبة خاصة للموظف الموهوب، لأنه يسهم في صقل موهبته وإكسابه الكثير من المهارات، إضافةً لتحديث مساره الوظيفي، فمن المطلوب استغلال القدرات الفائقة لهذه الفئة من الناس عن طريق الاستفادة من البرمجيات فائقة التطور.
يرى الكثير من المختصين في ميدان اكتشاف وصقل وتربية الموهوبين أن هذه الفئة تتصف بخصائص وإمكانيات عديدة تميزهم عن غيرهم من الأشخاص، منها قدرة الموهوبين على تحسّس المشكلات والظواهر، ورصدها في المجتمع، ومعالجتها بطرق إبداعية غير مسبوقة. لذا، يمكن القول إن الطلبة الموهوبين لديهم القدرة الفائقة على تشخيص مواطن الخلل، كما أن لديهم قدرات عقلية ومهارات مميزة في كيفية التعامل مع البرمجيات وتطويرها وتوظيفها في حل المشكلات التي تواجه المجتمع. ومن هذا المنطلق تحرص الدولة على رعاية ودعم الموهوبين من أبنائها لإعداد جيل قادر على تحقيق الرؤية والتي في جوهرها الاعتماد على ما ينتجه العقل البشري كمورد مالي بديل لما تنتجه الأرض من موارد طبيعية كالنفط والغاز والمعادن، والتي لها عمر زمني محدود، وفي المقابل فإن العقل البشري يعطي بدون حدود. لقد تقاتل الناس تاريخيًا فيما بينهم على الغِذاء والملجأ، وبمرور الزمن أصبحت تندلع الحروب بسبب المعتقدات والأديان، وحاليًا تدور الصراعات على التفوق الاقتصادي والتطور المعرفي.