
تونس- الأناضول:
دونَ مأوى ودون عائلةٍ، هكذا هي حياة أناسٍ اتخذوا من شوارع العاصمة تونس «مسكنًا» لهم، نسيهم أقاربُهم، لكنَّ شبابًا دفعهم حب الخير والعمل الإنساني إلى مساعدتهم. شباب جمعية «متحدون من أجل الإنسانية» في تونس، يعملون منذ 8 سنوات على تقديم عشرات الوجبات الغذائية بشكل يومي للأشخاص فاقدي المأوى. كان هؤلاء الشباب يعدون الوجبات سابقًا في منازل المتطوعين قبل أن يفتحوا مطعمًا يقدم أطباقًا مختلفة للزبائن، وتخصص مداخيلها للعمل الإنساني. هنا في «مطعم الحب» تبدو الحركة على أشدها، فريق يعد تشكيلة أطباق ومأكولات متنوعة يوميًا، وآخرون ينظمون الوجبات حسب الطلب وحسب عدد المنتفعين بها. يأتي ذلك قبل أن تبدأ رحلة الشباب نحو شوارع العاصمة حيث يوجد الأشخاص الذين لا مسكن لهم ولا أقرباء يساعدونهم. «مطعم الحب» هكذا أراد الشباب تسميته في إشارة إلى حبهم فعل الخير وتشجيعًا منهم للناس على مساعدة الآخرين وإسعادهم ولو بأبسط الأشياء.
علاقات إنسانية
وقال نزار خذاري، رئيس جمعية «متحدون من أجل الإنسانية»: إن «مطعم الحب هو أول مطعم اجتماعي إنساني في تونس يقدم وجبات يومية لفاقدي السكن، كما يقدم أكلات لعامة الناس ممن يرتادونه لتخصص مداخيله للعمل الإنساني». وأضاف: «كنا سابقًا وعلى مدى 8 سنوات نعمل ضمن الجمعية ونعد أكلات في أماكن مختلفة، إلى أن اقترح متبرعون أن يتم تخصيص مطعم لهذا الغرض الإنساني». العمل التطوعي تجاوز تقديم خدمات للمحتاجين بالنسبة إلى نزار ورفاقه، إذ أصبحت تجمعهم علاقات خاصة بفاقدي السكن لا سيما أنهم على تواصل يومي بهم حتى أن غياب أحد أعضاء الجمعية لسبب خاص أو خارج عن نطاقه يدعو بعض هؤلاء إلى السؤال عنهم وافتقادهم. ويقول نزار بهذا الخصوص: «نعرفهم جيدًا ونعرف قصصهم وأماكن وجود كل فرد منهم، حتى إننا أصبحنا أصدقاء نفتقدهم ويفتقدوننا».
العمل التطوعي
لا يقتصر عمل جمعية «متحدون من أجل الإنسانية» على مجرد تقديم وجبات للمحتاجين، بل أصبحت تدرس حالات هؤلاء كل واحد على حدة بهدف إيجاد حلول لهم. كما تعمل الجمعية على مساعدة فاقدي السند على استخراج وثائقهم الرسمية على غرار بطاقات التعريف الوطنية، ومساعدتهم على الخروج من وضعياتهم الصعبة وإيجاد عمل لبعضهم. ويقول خذاري: إن «الجمعية تعمل بتواصل مع وزارة الشؤون الاجتماعية التي توفر فريق الإسعاف الاجتماعي، ويضم طبيبًا ومرشدًا اجتماعيًا وطبيبًا نفسانيًا وممرضين». وأفاد بأنَّ العمل الإنساني والتطوع غيَّر حياته إلى الأفضل، كما علمه الكثير عبر العطاء ومساعدة الآخرين، مشجعًا الشباب على الانخراط ضمن جمعيات خيرية، «حيث سيفيدهم ذلك حتى في حياتهم العملية»، وفق تعبيره. بدورها، ذكرت الكاتبة العامة للجمعية، هبة الشاهر، أنَّ «العمل التطوعي من شأنه أن يغيّر الكثير من النظرة إلى فاقدي المأوى أو من الأحكام المسبقة بشأنهم». وأضافت: «العمل الإنساني ساعدني وغيَّر شخصيتي نحو الأفضل، وجعلنا أقرب من فاقدي المأوى بالدخول إلى عالمهم والتعرف على ظروفهم الصعبة التي يمرون بها وقصصهم الإنسانية».