كتاب الراية

لأنني أحب الحقيقة وأحبكم.. أقول: سياسة المجمع في الرقابة على غسل الأموال

إرشادات للمحاسبين المعنيين بتقديم خدمات تخضع لتشريعات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

لقد اجتهدنا في المَجمَع الدّولي العربي للمُحاسبين القانونيين -وبالتعاون مع طلال أبوغزالة العالمية- بالعمل على وضع دليل لمُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب (الإرشادات) بهدف توفير إرشادات للمُحاسبين المعنيين بتقديم خدمات تخضع لتشريعات مكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب في المنطقة العربية، وقد اعتمد المَجمَع الدّوليّ العربي للمُحاسبين القانونيين هذه الإرشادات.

وقد وجهت المُدير التنفيذي للمجمع -الأستاذ سالم العوري بصفته المُشرف على إعداد هذا الدليل- بأن يستهدفَ الدليل جميع العاملين في التدقيق أو المُحاسبة أو الاستشارات الضريبية أو الائتمان وخدمات الشركات في المنطقة العربية، وأن يتم اعتماده، من قِبل المَجمَع الدّوليّ العربي للمُحاسبين القانونيين (IASCA) وأن يتم إخضاعُه للتحديث المُستمر.

وبناءً عليه، يمكن أن يُساعد محتوى هذا الدليل المُحاسبين على الامتثال لالتزاماتهم، التي تفرضها قوانين وتشريعات مُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب في الدول العربية، بالإضافة للوائح وإرشادات مجموعة العمل المالي بهذا الشأن، وذلك لمنع عمليات غسْل الأموال والتعرّف عليها والإبلاغ عنها. ومع ذلك، على المحاكم اللجوء للقوانين واللوائح المحلية واللوائح الدولية للمُساعدة في اتخاذ قرار بشأن ارتكاب إحدى الشركات -التي تخضع لتلك القوانين واللوائح- مُخالفة من عدمها.

إن غسْل الأموال هو عملية «إضفاء الشرعية» على العوائد المالية غير الشرعية والناجمة عن الجرائم المُختلفة من خلال تسريب تلك العوائد إلى المُعاملات الاقتصادية المُعتادة لإخفاء مصادرها غير المشروعة حسب تعريف مجموعة العمل المالي (FATF) «غسْل الأموال» بأنه مُعالجة عوائد الجريمة لإخفاء مصادرها غير المشروعة لإضفاء الصفة الشرعية على المكاسب غير المشروعة الناجمة عن الجرائم.

لا توجد إحصاءات دقيقة تُحدد مبالغ الأموال التي خضعت لعمليات غسْل على مستوى العالم. وقد أصدر مكتب الأمم المُتحدة المعنيّ بالمُخدرات والجريمة في عام 2021 تقديرًا بأن تلك الأموال تتراوح من 2-5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أو 800 مليار دولار أمريكي- بما يُعادل 2 تريليون دولار أمريكي بالقيمة الحالية للدولار الأمريكي.

كان غسْل الأموال قاصرًا على المؤسسات المالية بشكل أساسي، وكان ينفذ من خلال سوء استغلال القطاعين المالي والمصرفي لإخفاء الطبيعة الإجرامية لبعض الأموال والتستر عليها. ومع ذلك، توسعت هذه الظاهرة لتشمل الأعمال والمهن غير المالية المُحددة (بما في ذلك المهن القانونية مثل المُحاسبين والمُحامين ومُقدمي خدمات الائتمان وخدمات الشركات) التي يتم استغلالها لنفس الغرض. أدى ذلك لدفع مجموعة العمل المالي، في عام 2003، إلى توسيع مجال توصياتها بخصوص مُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب ليشمل بعض الأعمال والمهن غير المالية، وتحديد التزام أصحاب تلك المهن بمُتطلبات مُكافحة هذه العمليات. لم يكن هذا التخطيط أو التوسع عامًا، بل كان قاصرًا على بعض الأعمال التي ينفذها هؤلاء المهنيون، والتي تتضمن مخاطر مُتعلقة بغسْل الأموال وتمويل الإرهاب.

بشكل عام، جرّمت الدول غسْل الأموال وتمويل الإرهاب وفرضت عقوبات على الجناة بسبب المخاطر البالغة المُرتبطة بتلك العمليات. ومع ذلك، وللمواجهة الشاملة لغسْل الأموال، لا بد من اتباع نهج وقائي إلى جانب النهج الجنائي الرادع. بحيث يتم وضع واجبات ومسؤوليات على المؤسسات المالية وعلى أصحاب الأعمال والمهن غير المالية المُحددة (بمن في ذلك المحاسبون) للالتزام بها للحد من عمليات غسْل الأموال أو تمويل الإرهاب أو اكتشافها، أو للتعرف على الجناة. ويتطلب نظام مُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب التكامل بين النهجين الوقائي والرادع.

يخضع المُحاسبون لمعايير مجموعة العمل المالي وتدابير مُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب بسبب الطبيعة المالية والاستشارية لعملهم. فقد تتاح لهم فرصة أكبر لمصادفة غاسلي الأموال أو التعامل مع الأموال غير المشروعة الناجمة عن غسْل الأموال أو تمويل الإرهاب. وقد يستفيد المُتورطون في هذه الأعمال من دعم المُحاسبين دون إدراك المُحاسبين لذلك. بعبارة أخرى، يمكن استغلال خبرة المُحاسبين في إخفاء المُعاملات غير المشروعة، وإظهارها كما لو كانت مشروعة – ولذا يستهدف مُرتكبو الجرائم المالية قطاع المُحاسبة.

توجد ثلاثة مؤشرات رئيسية، على المُحاسبين التنبه لها:

(1) تصرف عميل قديم بشكل غريب، أو في حال تقدمه بطلبات غير معهودة.

(2) إذا طلب منك العميل تنفيذ ترتيبات مالية لا تبدو معقولة من الناحية التجارية.

(3) إذا طلب منك العميل تقديم خدمات خارجة عن نطاق عملك، مع إعادة تكرار هذا الطلب في مُناسبات متعددة.

بإمكان شركات المُحاسبة (بداية من الشركات الفردية ووصولًا للشركات الكبرى) وكذلك العاملين فيها، المُساهمة في مكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب. ولذا، ومن الضروري أن تتعرف الشركات والعاملون فيها على مخاطر وجرائم غسْل الأموال وتمويل الإرهاب، وعلى دورها في الإبلاغ عن الأعمال المُشتبه فيها أو الفعلية في هذا الشأن. وتلعب الشركات أيضًا دورًا في مُكافحة تمويل انتشار التسلح، إلا أن هذا الدور يقتصر على العقوبات المالية المُستهدفة بموجب تشريعات مُكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

إننا نحث المُحاسبين وغيرهم من المهنيين على فهم مخاطر مُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب في القطاعات والمجالات الأوسع نطاقًا. وبالنظر لتلك المخاطر، ولتوصيات مجموعة العمل المالي، اختارت الحكومات إشراك المهنيين، في الجهود المُتضافرة لردع واكتشاف تلك الجرائم. فكلما زاد عدد المُراقبين لرصد المؤشرات (أو علامات الخطر) التي تدلل على هذه الأنواع من الجرائم، زادت صعوبة الاستفادة من الأعمال الإجرامية. وبتوسيع نظام مُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب ليشمل المهنيين، تستهدف الحكومات تمكينهم بصورة أفضل من حماية أنفسهم من العملاء المُتورطين في غسْل الأموال وتمويل الإرهاب. ونوصي أيضًا الدول التي تعد قوائم التحقق الخاصة بها بأن تُساعد المحاسبين على الامتثال لقواعد ولوائح مُكافحة غسْل الأموال وتمويل الإرهاب المحلية والدولية على حدٍ سواء، وأكثرها أهمية على الإطلاق: قوائم التحقق التي تُساعد المُحاسبين على تقييم المخاطر التي يتعرضون لها والمُرتبطة بقطاعاتهم وعملائهم ودوائر الاختصاص التي يعملون بها، بالإضافة إلى قوائم التحقق لمُساعدة المُحاسبين على تطبيق إجراءات العناية اللازمة تجاه العملاء بشكل مُناسب.

الرئيس والمؤسس لـ «طلال أبوغزالة العالمية»

الرئيس والمؤسس للمَجمَع الدولي العربي للمحاسبين القانونيين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X