من حقيبتي.. التأثير الخارجي على الاستثمار في الداخل
هناك مؤثرات مفتعلة و طبيعية يجب أن تشملها دراسة الجدوى لأي مشروع

سأل أحد المُستثمرين المُهندس المُستشار «لماذا وضعت تأثير الحروب والمشاكل الخارجية في تقرير المشروع الذي يستهدف داخل البلد وليس خارجها»، وقد يكون صاحب المشروع مُحقًا لو كان الزمن غير الزمن الحاضر الذي نعيشه، حيث صار الاستثمار مُتداخلًا بشكل أكبر وأعمق، وهناك سؤال مُهم يجرّنا إلى مدى ارتباط أي مُجتمع أو بلد بالمُحيط الخارجي، وهذا يقودنا إلى موضوع واقعية الدراسات ذات العلاقة بجدوى المشاريع الاستثمارية، حيث الأصل فيها أنها تجلب لك في التقرير كل التوقعات الإيجابية منها والسلبية فيسحبها من المُستقبل إلى الحاضر ثم نجعل الميزان فيها بين كل العوامل والمؤثرات، فإما يرجح العامل الإيجابي فيكون مشروعًا ناجحًا وذا أرباح مُناسبة، أو ترجح كفة التوقعات السلبية فيكون مشروعًا خاسرًا لا جدوى من الاستمرار في التفكير فيه، لكن ما علاقة المشاكل والحروب في العالم بمُعادلة الربح والخسارة في أي مشروع، ولتوضيح ذلك نأخذ مثالًا واقعيًا، فلو كان لدينا مشروع مصنع بسكويت أو مخابز على مستوى كبير، وتم تسليم دراسة الجدوى في نهاية فبراير 2022 على أنه مشروع ناجح ويدر أرباحًا جيدة والمواد الخام في الدراسة هي القمح ومصدرها إما روسيا أو أوكرانيا، وفي نفس الشهر اندلعت الحرب بين البلدين وحوصرت محاصيل القمح في المخازن، فإن الدراسة أصبحت بلا معنى، حيث إن الأسعار تغيرت والكَميات المُصدرة اختلفت بين المتوقع الإيجابي والواقع السلبي، وهذا هو المقصود بالتأثير الخارجي، لهذا يجب تحديث الدراسة على حسب المُعطيات والتوقعات، وهنا تظهر خبرة الاستشاري الذي أشرف على الدراسة، فبعضها يشمل عدة سيناريوهات ومنها مثلًا عامل النقص في المواد الخام بسبب مشاكل عند المصدر فتعطيك الدراسة البديل الأنسب كما توضح متى يجب علينا إيقاف المصنع لأن الإنتاج لا يغطي المصاريف، خلاصة الموضوع إن هناك مؤثرات منها مُفتعلة كالحروب ومنها طبيعية كالجفاف المؤدي إلى نقص المحصول، وكلها يجب أن تشملها دراسة الجدوى حتى لا تضيع أموال المُستثمر بسبب عنصر المُفاجأة.