همسة في التنمية.. النظام الرأسمالي وتأثيره على المجتمع
في الاقتصاد الرأسماليّ النقيّ تكون الأسواق حرة بدون تدخل من الحكومة

النظام الاقتصادي الرأسمالي هو نظام يمتلك فيه القطاع الخاص «الأفراد أو الشركات» السلع الرأسماليّة، كما أن معظم وسائل الإنتاج بالدولة تعتمد على إنتاج السلع والخدمات في السوق العام «اقتصاد السوق» وليس من خلال التخطيط المركزي للسوق، أي إنَّه يتم توجيه الإنتاج وتوزيع الدخل إلى حد كبير من خلال تشغيل هذه الأسواق، كما أن في الاقتصاد الرأسمالي النقي تكون الأسواق حرة بدون تدخل من الحكومة، أي إنَّ الأفراد غير مُقيدين، ويمكنهم تحديد مكان استثمارهم وما يجب إنتاجه أو بيعه، وتحديد أسعار التبادل للسلع والخدمات، لذلك فإنَّ السوق تحت النظام الرأسمالي يعمل بدون ضوابط أو قيود أو مُراقبة.
واليوم تُمارس معظم البلدان النظامَ الرأسمالي بشكل مختلط يتضمن درجة مُحددة من التنظيم الحكومي للأعمال التجاريّة وامتلاك بعض الصناعات المختارة، إلا أنه في ظل النظام الرأسمالي نجد أن هناك تنافسًا حقيقيًا في واقع القطاع الخاص ضد بعضهم بعضًا، لتحقيق أعلى ربح ممكن، أي يبيعون سلعهم بأعلى سعر ممكن مع إبقاء تكاليفهم منخفضة قدر الإمكان، ولا تُحافظ هذه المنافسة على اعتدال الأسعار وكفاءة الإنتاج، على الرغم من أنَّها يمكن أن تؤدي أيضًا إلى استغلال العمّال وإيجاد ظروف عمل سيئة، خاصةً في الدول التي لا توجد بها قوانين عمل صارمة.
كما تعمل الرأسمالية على التشغيل الحر لأسواق رأس المال أيضًا، ولذلك تحدد قوانين العرض والطلب، أسعار الأسهم والسندات والمشتقات والعملات والسلع، وتسمح الأسواق الرأسمالية للشركات بجمع الأموال للتوسع بصورة غير مُنضبطة المنهج، ولذلك تجادل النظريات الرأسماليّة الاقتصادية الحكومة لدفعها أن تتخذ نهج عدم التدخل في السوق، بحيث نجد في نهاية المطاف أن دور الحكومة يكمن في:
حماية السوق الحرة وليس المُستهلك، بحيث تمنع المزايا بشكل غير عادل.
تمنع التلاعب بالمعلومات من غير التأكد من توزيعها بشكل مُنصف وعادل.
حماية السوق من خلال الحفاظ على النظام الأمني مع الدفاع دون مُراعاة مصلحة المُستهلك.
العمل على الحفاظ على البنية التحتيّة في الدولة.
ومن هنا جاءت تسمية الاقتصاد الرأسمالي باسم اقتصاد المؤسسة الحرة، بحيث يحق للأفراد والشركات الخاصة امتلاك واستخدام المُمتلكات ولديهم الحق في كسب الدخل والادخار والإنفاق، ويُسمح لهم بالحصول على الموارد، من دون تنظيم خط الإنتاج وبيع المُنتجات بأيّ طريقة يرغبون بها ولأي طرف، ولهذا لن تكون هنالك قيود حكوميّة أو أيّ قيود أخرى على حرية الأفراد وقدرتهم على القيام بأي عمل تجاري، وتكون الحرية كاملةً للأفراد والمؤسسات باختيار أيّ نوع من العمل أو المهن أو المشاريع.
ومع ذلك نجد أن النظام الرأسمالي قد تسبب مع مرور الزمن بإحداث:
- نسبة فقر زائد لشريحة مُتلقي الخدمات أو المُستهلكين، بسبب طمع التجار وابتزازهم للأيدي العاملة بشكل يتناسب مع مصالحهم.
- جعل العالم أشبه بغابة يستغل القوي فيها الضعيف، ما أدى إلى انتشار العداوات والبغضاء والحروب.
- تضخم الدَّيْن بفائدة ربحية عالية عوضًا عن توفير الرفاهية المُجتمعية لأفراد المجتمع من أجل تحقيق مصالح خاصة.
وفي الختام نجد أن النظام الرأسمالي يحتاج إلى التوجيه الصحيح، من خلال تطبيق سياسات حكومية مُتكاتفة مع جهود الفئة المُستهدفة من أفراد المُجتمع المدني، علاوة على ضرورة إنقاذ الرأسمالية من الرأسماليين، من خلال اتخاذ الإجراءات المُناسبة لحماية الأسواق الحرة من سطوة جماعات المصالح الخاصة التي تسعى لعرقلة كفاءة أداء السوق.
خبير التنمية البشرية