
إسلام أباد – أ ف ب:
جعلَ الرئيس الأسبق لباكستان الجنرال برويز مشرف الذي تُوفي أمس عن 79 عامًا، بلادَه حليفة مُهمة للولايات المُتحدة في إطار «حربها على الإرهاب» عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.
تولّى آخر رئيس عسكري للبلاد، السلطة في انقلاب أبيض نفذه في أكتوبر 1999 وبقي يحكم باكستان حتى عام 2008، وتُوفي مشرف بعد صراع طويل مع المرض في دبي، حيث نُقل إلى مُستشفى.
وأطاح مشرف برئيس الوزراء نواز شريف بانقلاب أبيض، ونصب نفسه رئيسًا لباكستان في عام 2001.
بعد غزو الولايات المُتحدة لأفغانستان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، جعل مشرف سياسة بلاده تتماشى مع مواقف واشنطن. وظهر كحصن إقليمي منيع في وجه تنظيم القاعدة الذي لجأ قادته حلفاء طالبان، إلى المناطق القبلية الحدودية مع أفغانستان. ونجا من ثلاث مُحاولات اغتيال على الأقل قام بها التنظيم. خلال حكمه الذي استمر تسع سنوات، شهدت باكستان ازدهارًا اقتصاديًا ونمو الطبقة الوسطى وحرية وسائل الإعلام، ولجأ الجيش إلى التهدئة أمام الهند. لكنَّ مُعارضيه نددوا على الدوام بإحكام قبضته على السلطة وإقالة قضاة المحكمة العُليا «بشكل غير قانوني» وفرض حالة الطوارئ والهجوم الدامي على الإسلاميين المُدججين بالسلاح الذين لجؤوا إلى المسجد الأحمر في إسلام أباد في صيف عام 2007. كان هذا الجندي السابق في القوات الخاصة للجيش الباكستاني، المولود في دلهي في الحادي عشر من أغسطس عام 1943، أي قبل أربع سنوات من تقسيم شبه القارة الهندية، رئيسًا للأركان عندما أطاح بحكومة نواز شريف المدنية في أكتوبر 1999، دون إراقة دماء. نصب برويز مشرف نفسه رئيسًا في يونيو 2001، قبل فوزه في استفتاء مُثير للجدل في أبريل 2002. وفاقم إعلانه أن «الدستور مجرد قطعة من الورق يجب رميها في سلة المهملات» من انقسام الآراء حوله، في هذا البلد الذي شهد عدة انقلابات عسكرية منذ تأسيسه عام 1947. وفي مذكراته «على خط النار» اقتبس مشرف من أقوال نابليون بونابرت وريتشارد نيكسون على اعتبار أنهما مثلاه الأعليان في القيادة، وهما الرجلان المعروفان بعنادهما والغطرسة التي أسهمت في سقوطهما. ولم يواجه مشرف أي تحديات خطيرة إلا عندما حاول إقالة كبير القضاة في مارس 2007 ما أدَّى إلى احتجاجات في أنحاء البلاد قادت إلى أشهر من الاضطرابات التي أسفرت عن فرض حالة الطوارئ. وبعد اغتيال بوتو في ديسمبر 2007، تدهور الجو العام، وأصبح مشرف معزولًا بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرض لها حلفاؤه في انتخابات فبراير 2008.
وفي أغسطس 2008 استقال بعد أن بدأت بحقه إجراءات إقالته من السلطة من قِبل الائتلاف الجديد الحاكم. ثم بدأ منفى اختياريًا فاخرًا بين لندن ودبي، بتمويل جزئي من أجور سخية حصل عليها من مُحاضراته حول العالم. في مارس 2013، عاد إلى باكستان من أجل المُشاركة في الانتخابات و«إنقاذ» البلاد من الركود الاقتصادي وخطر طالبان. لكن طموحاته السياسية قوبلت بالسخرية وبوابل من القضايا الجنائية. ومُنع من الترشح للانتخابات التشريعية التي فاز بها نواز شريف، الرجل الذي أطاح به قبل 14 عامًا. أعلن نيته العودة عدة مرات لكنه كان يعدل عن ذلك خوفًا من إيداعه السجن عند وصوله.
في أغسطس 2017، اعتبرته محكمة باكستانية «فارًّا» في قضية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو، أول امرأة تقود دولة إسلامية. يشتبه في تورطه في مؤامرة واسعة لقتل مُنافسته قبل الانتخابات، وهو ما نفاه. في ديسمبر 2019، حكمت محكمة باكستانية غيابيًا بالإعدام على مشرّف بعد إدانته ب «الخيانة العظمى» بسبب فرضه حال الطوارئ في 2007. لكن الحكم أُلغي بعد فترة وجيزة.