اخر الاخبار

المخيمات الشتوية.. أصالة التراث القطري في البر

الدوحة – قنا:

يتجه القطريون مع دخول فصل الشتاء إلى الصحراء “البر” للتخييم والاستمتاع بالأجواء الشتوية والصحراء القطرية التي تمتاز بجمالها، هربا من ضجيج المدن، وازدحام الشوارع، حيث السماء المفتوحة والمناظر الخلابة.
ويحرص أهل قطر على تصميم مخيماتهم بطرق مختلفة عادة ما تكون بوضع لمسات تراثية حيث المفروشات التي ترمز للموروث القطري، مثل السدو وغيرها.
ووسط أجواء تراثية في بيوت الشعر، تنعكس جوانب من الثقافة القطرية، حيث تجهيز القهوة العربية على الطريقة التقليدية، لنجد بعض أصحاب المخيمات يقومون بتجهيزها على طريقة الآباء والأجداد، ويقوم الأصغر سنا منهم بتقديم القهوة للضيوف وكبار السن المتواجدين في المخيمات، ممسكا الدلة بيساره والفنجان بيمينه كما تعلم من والده. ويتجه نحو الضيف ليقف أمامه بعد وضع التمر و(الحلو) والمكسرات (الفواله) أمامه، ويقوم بصب القهوة في الفنجان وتقديمه للضيف، ولا يبرح الولد مكانه، حتى يهز الضيف الفنجان في إشارة على الاكتفاء من شرب القهوة.
وقال الدكتور سيف الحجري خبير في البيئة، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: تمتد الثقافة البيئية في دولة قطر منذ عهد الآباء والأجداد الذين كانوا قريبين من البيئة ويستمدون منها مواردهم من الماء والعلاج الموجود في بعض النباتات والأشجار البرية، علاوة على استفادتهم من ظلال الأشجار في الهرب من أشعة الشمس الحارقة خلال رعي الحلال في الصحراء القطرية، لذا كانوا يهتمون بالحفاظ على البيئة. ومن خلالهم وصلت إلينا اليوم، ثقافة الاهتمام بالبيئة والمساهمة في الحفاظ عليها من التخريب والعبث خاصة خلال موسم التخييم الشتوي الذي يعتبر أكثر المواسم إقبالا على البر، إذ نجد أن أصحاب المخيمات ملتزمون بالحفاظ على نظافة مواقع التخييم وعدم ترك المخلفات في البيئة وراءهم بعد انتهاء الموسم، وذلك يعود إلى الإجراءات والقوانين البيئية التي وضعتها الجهات المعنية ممثلة بوزارة البيئة والتغير المناخي ووزارة البلدية للحفاظ على البيئة.
وأضاف: لو قارنا العقدين الأخيرين من حيث الاهتمام بالبيئة لوجدنا أن هناك تحسنا ملحوظا عما كان عليه الوضع من قبل، حيث بات كل من يخرج إلى الصحراء يحرص على نظافة مكانه، ورغم وجود تصرفات فردية من قبل البعض في أعمال التخريب، إلا أن الغالبية حريصون على نظافة البيئة القطرية التي ظهرت خلال هذا الموسم بأبهى صورها من حيث انتشار المسطحات الخضراء والنباتات ومنابت العشب في الروض، بفضل أمطار الخير التي عمت بعض المناطق في البلاد ولله الحمد .

ومن جهته، قال محمد الجهني مختص في تجهيز القهوة العربية في تصريح مماثل لـ/قنا/: “تعلمنا تجهيز القهوة العربية التي لا تفارق مخيماتنا، من الآباء والأجداد وتناقلتها الأجيال فيما بينها، وإن تعددت طرق تجهيزها إلا أن نكهتها الممزوجة بالهيل والزعفران تبقى دليلا على أصالة التراث القطري والخليجي”.
وأوضح أن القطريين وأهل الخليج عامة، يحرصون على وجود القهوة العربية في مجالسهم، ويصطحبون مكوناتها معهم في حلهم وترحالهم لتجهيزها بعد أن اعتادوا على شربها يوميا في الصباح والمساء، منوها بأن عراقة وأصالة التراث القطري حاضرة بشكل واضح في مواقع التخييم التي أعلنت عنها الجهات المعنية مسبقا، لنجد أن اللمسات التراثية بارزة في تلك المخيمات التي تم تصميم خيامها من الداخل على الطراز التقليدي من حيث الفرش الذي تتخلله الأعمال اليدوية، والسدو وغيرها من الديكورات الأخرى.
وفيما يخص طريقة تجهيز القهوة العربية أشار الجهني، إلى أنه في بداية الأمر تتم عملية حمس حبوب القهوة على النار “الضو” لتعطي لونا أشقر أو بنيا غامقا، وبعدها يتم طحنها ومن ثم وضعها مع الماء الساخن في أداة تسمى “الخمرة” وإضافة باقي المحتويات الأخرى التي تسمى “القناد” مثل الهيل والزنجبيل والقرنفل والزعفران وغيرها كل على حسب ذوقه وطريقته في تجهيز القهوة، إلى أن تجهز ويتم صبها في الدلة، وبذلك تكون جاهزة لتقديمها للضيوف.
ولفت الجهني إلى أن القهوة العربية تكون جاهزة في المجالس القطرية وفي المخيمات لكونها ترمز للجود وكرم الضيافة التي تتميز بها الشعوب العربية جمعاء.
من جانبه، قال حمد سعود صاحب مخيم: تعتبر المخيمات متنفسا للعائلات والشباب من أهل قطر ويرتادونها بشكل يومي أو أسبوعي لقضاء أوقات فراغهم بها والاستمتاع بالأجواء الشتوية التي تتميز بها البلاد طيلة هذا الفصل، لافتا إلى أن العادات والتقاليد والتراث القطري حاضرة في مثل هذه المخيمات، بالإضافة إلى ممارسة بعض الألعاب الشعبية بالإضافة إلى كرة القدم على الطريقة التقليدية، حيث يقوم الأبناء بممارسة هذه اللعبة وهم يرتدون الثياب كما اعتادوا على ذلك.
فيما يرى علي حمد صاحب مخيم، أن المخيمات الشتوية في دولة قطر تتميز بوجود بيوت الشعر التي ترمز لعراقة التراث القطري والخليجي والعربي عامة، إذ يفضل رواد هذه المخيمات من كبار السن خاصة الجلوس في بيوت الشعر عن باقي الخيام الأخرى مستذكرين تلك الأيام الخوالي التي قضوها وسط الصحراء مع الآباء والأجداد ببيوت شعر كانوا ينصبونها بأيديهم ويعيشون فيها متنقلين في صحراء قطر الفسيحة بحثا عن الكلأ ومصادر المياه. منوها في الوقت نفسه، إلى أن المخيمات الشتوية اليوم، أضحت متنفسا للكبير والصغير ولا تخلو من التصاميم التراثية.
كما قال منصور محمد زائر لأحد المخيمات: إن المخيمات الشتوية تعتبر وجهة رئيسية للآباء من كبار السن وغيرهم، ويستغلها بعض المواطنين لإقامة مناسبات فيها مثل العزائم، واستقبال الضيوف أيضا وسط أجواء تراثية لا تخلو من أصالة وعراقة التراث القطري، بعيدا عن صخب المدينة وتكلفاتها، حيث تتواجد العديد من الأكلات الشعبية التي يتم تجهيزها في تلك المخيمات وتقدم للضيوف، علاوة على قيام البعض من أصحاب المخيمات بدعوة زوار البلد من مختلف الجنسيات لزيارة مخيماتهم واطلاعهم على جوانب من التراث القطري، حيث تجهيز القهوة العربية أمامهم وتقديمها لهم مع الفوالة، وإقامة المناسبات مثل الاحتفالات والعرضة في تلك المخيمات أيضا وسط مشاركة من قبل الزوار والضيوف الأجانب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X