الدوحة – محروس رسلان:
ذهبَ عددٌ من العلماء إلى أنَّ مُؤازرة المُسلمين إخوانَهم عند الأزمات والمحن والكوارث وتعاطفهم معهم ودعمهم بكل ما يحتاجونَه من معدّات إغاثيَّة وأطعمة وأكسية ومساكن وأموال من أعلى مظاهر الأخوَّة الإيمانية في دين الإسلام، لافتينَ في تصريحاتٍ خاصة لـ الراية إلى أنَّه يجب على المسلم أن يقفَ مع إخوانه في هذا المصاب الجَلل، فهناك مَن فَقَدَ أبناءَه، ومَن فقدَ زوجتَه، ومَن فقدَ قريبَه، ومَن فقدَ أسرته كلَها، ومن ثَمَّ فالمواساةُ في مثل تلك الظروف مطلوبة، وهي ليست موقوفةً على المواساة العاطفية فقط، بل ينبغي على المسلم أن يُواسي أخاه المسلمَ في تلك الظروف بالبذل والتبرُّع والوقوف معه في هذه الظروف الصعبة التي يعاني فيها البردَ وفقدانَ الأهل والبيت وكلّ شيء، مُتسائلين: إذا لم يقف المسلمُ مع أخيه المسلم في تلك الحالات، فمتى سيقف؟
وأضافوا: تصدّقوا وأرُوا اللهَ من أنفسكم خيرًا، فإنَّ «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُ بعضُه بعضًا» ، واعْلموا أنَّ الصدقات تدفع عن المرء مصارعَ السوء، فاجعلوها وقايةً لكم في الدنيا وذخرًا لكم في الآخرة.
ودعَوْا إلى إطلاق حملة إغاثة عالميَّة يتشارك فيها المُسلمون جميعًا، حتى نثبت للعالم كله أننا أُمةٌ عظيمة ومتفردة ومُتضامنة وأُمةُ رحمة، ويمكن أن تتولاها منظمة إغاثية مسلمة من أي بلد مسلم، وتشارك فيها الأُمة كلها على أن تكون لصالح إخواننا في سوريا وتركيا، مؤكّدين أنه من العيب وغير المقبول أن يمدَّ المسلمون أيديهم إلى غير المُسلمين، وإلى منظمات الصليب الأحمر وغيرها، فيما يقف المسلمون مكتوفي الأيدي.
وأكَّدوا أنَّه يجوز تعجيل الزكاة لضرورة قاهرة أو لمصلحة راجحة، حيث أجازَ العلماءُ ذلك اعتبارًا للمصلحة الشرعيَّة، وهذه المصلحة تتعلق بالذين يأخذون هذه الزكاة قبل وقتها؛ لأنه لو تُرك الأمر إلى حين وقت الزكاة لفاتت مصالحُهم وتعرضت أوضاعهم لخطرٍ ما، يمكن أن يدرأ بتعجيل الزكاة.
وأجازوا إغاثة المتضررين من الزلازل والكوارث بالدفع من أموال الزكاة الحاضرة أو المُعجلة لسنة أو لسنتين، بشرط أن تذهب هذه الأموال إلى المُستحقين ممن يدخلون تحت مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في سورة التوبة.
في البداية، أكَّدَ فضيلةُ الشَّيخ د. سلطان الهاشمي أستاذ الفقه وأصوله بكُلية الشريعة في جامعة قطر، أنَّ تضامن المُسلمين مع إخوانهم ضحايا الكوارث في تركيا وسوريا واجبٌ شرعيٌّ، خاصةً في الزلازل، وهذه الكوارث الكُبرى.
وقالَ: إنَّ النَّبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- يقولُ: «مَثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فالمسلمون جسدٌ واحدٌ، ويجبُ عليهم عند الكوارث وعند الأزمات أن يتعاطفوا وأن يقف بعضهم مع بعض؛ لأنَّ ذلك من أعلى مظاهر الأخوَّة الإيمانية والتي تعد أعلى درجات الأخوّة.
وأضاف: ولذلك يجب على المسلم أن يقفَ مع إخوانه في هذا المُصاب الجلل، فهناك مَن فقدَ أبناءَه، ومَن فقدَ زوجته، ومَن فقدَ قريبه، ومَن فقدَ أسرته كلها، ومِن ثَمَّ فالمواساةُ في مثل تلك الظروف مطلوبة، وهي ليست موقوفةً على المُواساة العاطفية فقط، بل ينبغي على المسلم أن يُواسي أخاه المسلم في تلك الظروف بالبذل والتبرع والوقوف معه في هذه الظروف الصعبة التي يعاني فيها البرد وفقدان الأهل والبيت، وكل شيءٍ، مُتسائلًا: إذا لم يقف المسلمُ مع أخيه المُسلم في تلك الحالات، فمتى سيقف؟
وتابع: الآن وقتُ المُؤازرة، ووقت المواساة لإخوتنا في تركيا وسوريا، لذلك أنا أدعو إلى أن تكون هناك حملة إغاثة عالميَّة، يتشارك فيها المُسلمون جميعًا، حتى نثبت للعالم كله أننا أُمَّة عظيمة ومتفردة ومتضامنة وأُمَّة رحمة، ويمكن أن تتولاها منظمة إغاثية مسلمة من أي بلد مسلم وتشارك فيها الأمة كلها على أن تكون لصالح إخواننا في سوريا وتركيا، ولنعلم أن من المعاني الشرعية الصحيحة أنه «من لم يهتم بأمر المُسلمين فليس منهم» ، وإن كان الحديث ضعيفًا.
وقالَ: على من عليه زكاةٌ سيقوم بإخراجها في رمضان من المسلمين أن يعجّل بإخراج الزكاة، فذلك جائز شرعًا، نظرًا للظروف القاهرة لإخواننا في سوريا وتركيا، وعلى الإخوة الذين يدخرون أموالًا للكماليات أن يستقطعوا منها مبلغًا لإخوانهم، واعلموا أن الله سيبارك لكم فيما تبقَّى.
وأضافَ: تصدقوا وأرُوا اللهَ من أنفسكم خيرًا، فإن «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُ بعضه بعضًا» ، واعلموا أن الصدقات تَدفع عن المرء مصارعَ السوء، فاجعلوها وقاية لكم في الدنيا وذخرًا لكم في الآخرة.
وأكدَ أنَّ إخواننا في سوريا أشد حاجة من إخواننا في تركيا، لأنهم يعانون من الفقر والبرد والزَّلزال والأوضاع الاقتصاديَّة والسياسية، فهم أشدُ حاجةً من غيرهم.
تعجيل الزكاة
إلى ذلك أوضح، د. نورالدين الخادمي أستاذُ الفقه وأصوله ورئيس وحدة البحوث والدراسات الإسلامية بكُلية الشريعة في جامعة قطر، أنه يجوزُ تعجيل الزكاة لضرورة قاهرة أو لمصلحة راجحة، حيث أجازَ العلماء ذلك اعتبارًا للمصلحة الشرعيَّة، وهذه المصلحة تتعلق بالذين يأخذون هذه الزكاة قبل وقتها؛ لأنه لو تُرك الأمر إلى حين وقت الزكاة لفاتت مصالحُهم وتعرضت أوضاعهم لخطرٍ ما، يمكن أن يدرأ بتعجيل الزكاة.
وأكد أن المعتبر هنا هو المصلحة، وما يعرف في الإسلام وعلومه بمعقولية المعنى، حيث إن الزكاة معقولة المعنى، وهي عبادة توقيفية في نصابها ومقدارها وفي أصنافها، غير أنها معقولة المعنى من جهة أنها تبنى وتدور مع المصلحة، وهي مصلحة الفقراء والمحتاجين والمُستحقين لها، وبناء على هذا أجاز العلماءُ تعجيل إخراج الزكاة للمصلحة الراجحة والضرورة المُلحّة.
ونوَّه بأنَّ موضوع الزلازل والكوارث من الأسباب التي تبيحُ التعجيل لمراعاة مصالح هؤلاء المُسلمين المتضررين وغوثهم، داعيًا من يتوجب عليهم إخراج الزكاة في رمضان المُقبل تعجيلَ إخراجِها كلها، أو جزءٍ منها إلى أهالي وضحايا الزلزال، على أن تصل إلى الجهة المعنية عبر جهات رسمية معروفة؛ لأن المسلم يتوجب عليه تحرّي وصول زكاة ماله إلى مُستحقيها.
وأوضحَ أن الأدلة كثيرةٌ في الشريعة الإسلامية بوجوب الإنفاق في سبيل الله، والتغريب فيه سواء في ذلك الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية، مبينًا أنَّ الغوث لا يتوقف على الزكاة بل من باب أولى غوث المُسلمين المتضررين بالصدقات، والصدقاتُ لا وقت لها، لأنها مطلقة في التوقيت.
مواساة المنكوبين
من جانبه، أوضحَ الشَّيخ د. محمد يسري إبراهيم عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن تكرر وقوع الزلازل والبراكين في مناطق متعدّدة من العالم هو من النذر والآيات الدالة على عظيم قدرة القدير سبحانه، وهي لمن اعتبر بها، فاستغفر وتاب وأناب من الخير الذي ساقه الله إليه فانتفع به، داعيًا الله عز وجل أن يلطف بعباده في تركيا وسوريا وأن يغيثهم وأن يرحم موتاهم، ويشفي جرحاهم، ويطعم جائعهم، ويؤوي مشردهم، وأن يسكِّن الأرض تحت أقدامهم.
وشدَّد على أن واجبنا هو مواساة المنكوبين، موضحًا أن المواساة للمؤمنين أنواع: مواساة بالمال، ومواساة بالجاه، ومواساة بالبدن والخدمة، ومواساة بالنصيحة والإرشاد، ومواساة بالدعاء، والاستغفار لهم، ومواساة بالتوجع لهم، مؤكدًا أنه على قدر الإيمان تكون هذه المواساة فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة، وكلما قوي قويت.
وأوضح أنَّ الزلازل المدمرة يقال فيها بقول الله تعالى: «لا تحسبوه شرًا لكم» ، فهي لا تخرج عن كونها آيةً من آيات الله، يرسلها الله تخويفًا «وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا»، وهي شهادة للمتوفى تحت الهدم من أهل الإسلام، وكفَّارة ورفع درجات للمصاب، وتنبيه وزجر للغافل، وعقوبة للكافر والفاجر، وعِبرة للمعتبر.
وأجاز فضيلتُه إغاثة المتضررين من الزلازل والكوارث بالدفع من أموال الزكاة الحاضرة أو المُعجلة لسنة أو لسنتين، بشرط أن تذهب هذه الأموال إلى المُستحقين ممن يدخلون تحت مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في سورة التوبة.