اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تؤكد على التزام دولة قطر بالعهود والمواثيق الدولية وتعزيز حقوق الإنسان
الدوحة – قنا :
أكد سعادة الدكتور محمد بن سيف الكواري، نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، التزام دولة قطر بمبدأ التضامن الدولي القائم على حقوق الإنسان، إعمالا لأحكام الدستور، مشيرا إلى أن المادتين السادسة والسابعة من الدستور قد أكدتا على احترام العهود والمواثيق الدولية، وتوطيد السلم والأمن الدوليين، وتعزيز حقوق الإنسان، والتعاون مع الأمم المحبة للسلام.
وأشار سعادته خلال جلسة نقاشية حول “حقوق الإنسان وبلوغ أهداف التنمية المستدامة”، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، إلى أن الرؤية الوطنية لدولة قطر لعام 2030 أعادت التأكيد على هذا المبدأ بصفته ركيزة التنمية المستدامة وطنيا وإقليميا ودوليا، لافتا إلى أن قطر لا تألو جهدا في نشر ثقافة السلام والتعايش المشترك وقبول الآخر، ورفض كل أشكال التطرف والعنف والإرهاب، وتقديم العون والمساعدة للتنمية والتعاون الدوليين القائمين على حقوق الإنسان التزاما بمشروع إعلان الحق في التضامن الدولي.
ونوه بأن استضافة قطر لمؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل الدول نموا، وتنفيذ برنامج عمل الدوحة لأقل البلدان نموا للعقد 2022 – 2031 يعد دلالة واضحة على انخراط دولة قطر في الجهود الهادفة إلى تفعيل الهدف الإنمائي الدولي السابع عشر المتعلق ببناء الشراكة الدولية من أجل التنمية المستدامة، كمسؤولية جماعية مشتركة تتفاوت بحسب القدرات بين الدول بهدف تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة الأخرى، سواء من خلال المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة للدول الأقل نموا، أو عبر المساعدة الإغاثية والإنسانية في حالات الأزمات البشرية الناجمة عن الصراعات أو الكوارث الطبيعية.
وشدد على ضرورة استحضار عدد من المبادرات الريادية لدولة قطر في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة التي تنسجم مع أعمال هذا المؤتمر الدولي، لافتا إلى أن دولة قطر عام 2012 أطلقت مبادرة عالمية لتوفير التعليم الجيد للأطفال الذين يصعب عليهم الوصول إليه، وبالأخص في المناطق الفقيرة، ومناطق الكوارث الطبيعية والنزاعات.
وأشار إلى أن دولة قطر نفذت برنامج التعليم في حالات الطوارئ، الهادف إلى تعليم مليون فتاة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2021، إضافة إلى مساهمة مؤسسة صلتك في التصدي لأزمة البطالة بين الشباب في العالم، وتوفير فرص العمل لهم، لا سيما النساء والمحرومين، مضيفا أن دولة قطر قدمت مئة مليون دولار لأقل البلدان نموا والدول الجزرية الصغيرة والنامية من أجل مواجهة التحديات التي يطرحها تغير المناخ.
وقال الكواري: “إن المتتبع لمسار العمل الدولي في مجال حقوق الإنسان والتنمية يلحظ بوضوح الكثير من التحديات التي تحول دون التحاق العديد من الفئات المستضعفة والدول الأقل نموا بالركب إذ لا يزال التمييز وعدم المساواة بين الجنسين قائما، بجانب أن الفجوة شاسعة بين الأغنياء والفقراء، وبين المناطق الريفية والحضرية، وبين الدول المتقدمة والدول النامية، بما يعنيه ذلك من وجود الملايين من البشر الذين يعيشون في حالة فقر وجوع ومرض وجهل”.
ولفت إلى أن الكوارث الطبيعية والصراعات المسلحة تشكل الخطر الأكبر على التنمية، بالإشارة إلى أن ظاهرة تغير المناخ والتدهور البيئي تعيق أي تقدم، لتكون الفئات الأضعف والفقراء هم الأكثر معاناة منها.
وأوضح سعادة الدكتور محمد بن سيف الكواري، نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أن الجهد الدولي قطع شوطا مهما في هذا المجال، ولكن هناك حاجة ضرورية من الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، والقطاع الخاص، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني، من أجل: التزام سياسي وقانوني يوفر آليات فعالة للمساءلة، وتخصيص الموارد المالية الكافية، ونقل العلوم والتكنولوجيا، فضلا عن الحصول على بيانات دقيقة حول تنفيذ خطة التنمية المستدامة، والتقدم المحرز بشأنها، وعدم إهمال أي أحد حتى يتحقق مبدأ التضامن الدولي.
بدوره، قال سعادة الدكتور تركي عبد الله آل محمود مدير إدارة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية: إن احترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان يشكل إحدى ركائز سياسة دولة قطر، التي تدرك أن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى السلم والأمن، هي عناصر مترابطة ويعزز بعضها بعضا، وتنعكس هذه الأولوية في منظومة دستورية وتشريعية ترسخ مبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتكفل احترامها وحمايتها للجميع، وتنعكس في إطار مؤسسي يشمل العديد من المؤسسات والأجهزة المعنية بحقوق الإنسان، التي تسهم على نحو فاعل في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وأوضح سعادته، في كلمة خلال جلسة نقاشية حول “حقوق الإنسان وبلوغ أهداف التنمية المستدامة”، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، المنعقد بالدوحة، أن احترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان خيار استراتيجي تستند إليه دولة قطر في عملية الإصلاح الشامل التي تنتهجها، مشيرا إلى أن “رؤية قطر الوطنية 2030” انطوت على محاور مهمة خاصة بالقضايا الرئيسية لحقوق الإنسان في مجالات التعليم والصحة والبيئة وحقوق العمالة، وتمكين المرأة، وحقوق الطفل، وكذلك في استراتيجية التنمية الوطنية، لافتا إلى أن حكومة دولة قطر تعتبر موضوع تعزيز وحماية حقوق الإنسان ركنا أساسيا ومحوريا في سياستها الخارجية.
وتابع أنه وفق هذا المنظور، انتهجت دولة قطر سياسة متقدمة لترسيخ مفاهيم وثقافة حقوق الإنسان عبر اتباع النهج المبني على سيادة القانون والشفافية والعدالة والكرامة الإنسانية، واتخذت طائفة واسعة من الإجراءات المحددة والملموسة والرائدة خلال السنوات الماضية بهدف جعل مسائل حقوق الإنسان اتجاها سائدا على المستويين الوطني والدولي.
وأشار مدير إدارة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية إلى أن دولة قطر حرصت خلال فترات عضويتها في مجلس حقوق الإنسان على المشاركة الفعالة والتعاون البناء مع الدول الأعضاء من أجل تمكين المجلس من الاضطلاع بولايته على أفضل وجه، وتحقيق الأغراض النبيلة التي أنشئ من أجلها.
ومن ناحيته، قال السيد ناصر مرزوق سلطان المري مدير إدارة الشؤون القانونية باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان: “إن التنمية لم تعد قضية يمكن للاقتصاديين اختزالها في معايير مادية محسوسة من قبيل إجمالي الناتج القومي، ومعدلات النمو الاقتصادي، والإنفاق، وحجم الادخار والاستثمار وغيرها من معايير اقتصادية، بل أصبحت مسألة مركبة ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وإنسانية وسياسية”.
ونوه المري خلال جلسة نقاشية حول “حقوق الإنسان وبلوغ أهداف التنمية المستدامة”، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا”، بأن التنمية البشرية المستدامة قد انبثقت في ظل التأكيد على أهمية الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للتنمية بوصفها العنصر المهيمن الرئيسي، دون التقليل من أهمية النمو الاقتصادي في تحسين ظروف المعيشة، موضحا أن التنمية البشرية المستدامة وحقوق الإنسان يتم إدراجهما ضمن (محورية الإنسان)، والعلاقة بينهما علاقة عضوية تلازمية لكونه لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة ناجزة من دون إعمال وتأمين حقوق الإنسان، والعكس صحيح.
وأضاف أن جوهر التنمية البشرية المستدامة يكمن بتوسيع خيارات الناس في (غذاء وخدمات صحية أفضل، وأمن أفضل، وتعليم أفضل، ووصولا أسهل إلى المعرفة والمعلومات، وحريات سياسية وثقافية أرسخ، ومشاركة في نشاطات المحيط الاجتماعي أوسع، وبيئة نظيفة أنقى وأكثر استدامة).
وعن دور اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، أوضح المري أنه قد تم إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب المرسوم بقانون رقم 38 لسنة 2002 المعدل بالقانون رقم 17 لسنة 2010، بوصفها هيئة وطنية مستقلة تعمل على متابعة ضمان حقوق الإنسان على اختلافها سواء كانت مدنية وسياسية، أو اقتصادية واجتماعية وثقافية في دولة قطر، وذلك بموجب مبادئ باريس لعام 1993، التي تحكم عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
وأشار إلى أن اللجنة تشغل حيزا حيويا وفاعلا في المجال العام لكونها حلقة الوصل البناءة والداعمة لحقوق الإنسان، ما بين منظمات المجتمع المدني وفئات المجتمع، مؤكدا أن رؤية قطر الوطنية 2030 تعد الإطار العام الذي يمكن من خلاله إعداد الاستراتيجيات والخطط التنفيذية التي تصل الحاضر بالمستقبل لأنها ترسم تصورا لمجتمع حيوي مزدهر تسوده العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
بدورها، قالت السيدة اشراق بنت عبداللطيف بن الزين، مسؤولة حقوق الإنسان بمركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية: إن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أسهمت مساهمة بالغة في دمج حقوق الإنسان في عملية إعداد خطة 2030، وتحديد أهداف التنمية المستدامة التي تسعى بأهدافها الـ 17، وغاياتها الـ 169، ومؤشراتها الـ 23 الفريدة إلى تحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنية بالتنمية، وإلى تقديم خيارات وفرص جديدة لسد الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية، وضمان بقاء الاستراتيجيات والسياسات المعتمدة لتنفيذ خطة العام 2030، متجذرة في حقوق الإنسان، وتشمل الجميع من دون أي استثناء.
وأوضحت، خلال الجلسة، أن خطة 2030 متجذرة تجذرا تاما في حقوق الإنسان، ومترسخة بشكل واضح في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان وغيرها من الصكوك المعنية الأخرى، مثل: إعلان الحق في التنمية، لافتة إلى أن أهداف التنمية المستدامة تسعى إلى إعمال حقوق الإنسان للجميع”، كما ورد بخطة عام 2030، بالإشارة إلى أنها قابلة للتطبيق عالميا على جميع الأشخاص في جميع البلدان، سواء إن كانت متقدمة أو نامية على حد سواء.
ولفت إلى أن خطة عام 2030 ملتزمة بتحقيق سلسلة واسعة من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال بناء مجتمعات أكثر سلاما وعدلا واحتضانا للجميع، وخالية من الخوف والعنف، ومهتمة بشكل خاص بالحوكمة الديمقراطية، وسيادة القانون، والوصول إلى العدالة، والأمن الشخصي.
وأضافت السيدة إشراق بن الزين أن خطة عام 2030 تسعى إلى شمول الجميع من دون أي استثناء، وتحرص على بناء عالم يسود جميع أرجائه احترام المساواة، وعدم التمييز بين البلدان وداخلها، بما في ذلك المساواة بين الجنسين، وإعادة تأكيد مسؤوليات جميع الدول عن احترام حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها، دون تمييز من أي نوع.
وفي السياق ذاته، أشاد الدكتور بيبلوف شودري، الممثل الفني ورئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدوحة، خلال الجلسة، بجهود دولة قطر بتنظيم مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل الدول نموا، مؤكدا أن التنمية حق مكتسب للجميع. وشدد شودري خلال جلسة نقاشية حول “حقوق الإنسان وبلوغ أهداف التنمية المستدامة”، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، على ضرورة إشراك الأشخاص بالتنمية المستدامة التي تعد المحطة الرئيسية لتحقيق العدالة، لافتا إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يساعد الحكومات على تحقيق التنمية المستدامة وتقديم المبادرات والتوصيات.
وأشار إلى أن قضية التغير المناخي أثرت سلبا بشكل رئيسي وكبير على حقوق الإنسان، الممثلة بالحياة والصحة والغذاء والهواء النظيف، محذرا من خطورة هذه المشاكل التي تعد التهديد الأخطر والأبرز على الإنسان.