كتاب الراية

رأيت ذات فيلم.. خورشيد (Sun Children)

فيلم إيراني جميل مُهدى إلى 152 مليون طفل يعملون في كل أنحاء العالم!

فيلم «خورشيد»، أو «أطفال الشمس» حسب عنوانه المُعتمد عالميًا، هو فيلم إيراني جميل ومؤثر، للكاتب والمُخرج «مجيد مجيدي»، وقد عُرضَ الفيلم في مهرجان البندقيَّة السينمائي خلال جائحة كورونا في سبتمبر 2020، وبعدها بشهرَين عُرِض في مهرجان أجيال السينمائي الذي نظّمته مؤسسةُ الدوحة للأفلام، وحقّق أصداء طيّبة.
لطالما كانت الأفلام الإيرانية تجذبني ببساطتها وعفويتها في السرد، ولعل أكثر ما يجذبني هو التمثيل المُذهل من الجميع. المُمثلون الإيرانيون يمتلكون موهبة نادرة في التمثيل، ومعظمهم لم يسبق لهم دراسة التمثيل أساسًا، واعتمدوا فقط على موهبتهم، وبالطبع أي مُخرج مُتمكّن يستطيع قيادة المُمثلين لإظهار أفضل ما عندهم.
مستوى تمثيلهم يفوق وبمراحل مُتقدمة مستوى تمثيل معظم المُمثلين الخليجيين والعرب الذين درسوا وامتهنوا التمثيل، بل وقد يُنافس المُمثلين العالميين في أوروبا وآسيا وأمريكا، حيث من النادر أن نُشاهدَ فيلمًا يُبدع فيه جميع طاقم المُمثلين، صغارًا وكبارًا، دون استثناء، وخير مثال على ذلك الفيلم العظيم «A Separation» للكاتب والمُخرج «أصغر فرهادي» .
أفلام المُخرج «مجيدي» دائمًا ما تكون قريبةً من المُجتمع الإيراني البسيط، ويتناول من خلالها قصصًا مُهمة وتلقي الضوء على وضع المُجتمع في إيران، وفي فيلمه هذا يسرد قصة بسيطة ظاهريًا ولكنها تحمل معانيَ عميقة.

تدورُ الأحداثُ في إحدى القرى الإيرانية حول «عليّ» وأصدقائه الثلاثة، الذين يُكافحون في الحياة ويعملون ويكدحون لإعانة عائلاتهم، بالرغم من أنهم أطفال ولا تتجاوز أعمارهم الثانية عشرة، إذ ينخرطون في أي عملٍ كان، ويلجؤون أحيانًا لبعض الجرائم البسيطة كالسرقة للحصول على المال بسهولة.
يقومُ أحد رجال القريَّة بتكليف «عليّ» بالبحث عن كَنز مدفون تحت الأرض، فيضم أصدقاءَه معه في هذه المُهمة، التي تتطلب منهم جميعًا الالتحاق بمدرسة الشمس لإتمامها، حين يُفترض أن موقع الكَنز قريب من المدرسة أو يقبع أسفلها. هذه المدرسة تأسست بتبرعات خيرية من بعض الأفراد في القرية، والتي تهدف لاحتواء الأطفال العاملين وأطفال الشوارع لتعليمهم وحماية مُستقبلهم.
ما يبدو في بادئ الأمر أنه فيلم دراما تربوي يهدف إلى تحفيز الأطفال للدراسة يتحول شيئًا فشيئًا إلى فيلم مُغامرات كما في قصص الأطفال الخيالية لنتوقع له نهاية هوليوودية طفولية، حتى يصدمنا لاحقًا بحبكته العميقة واللاذعة التي تؤكد لنا مدى عمق الرسالة التي يودّ «مجيدي» إيصالها للجمهور، وقد أبدع في ذلك حقًا.
مستوى إنتاج الفيلم مُتقدّم من النواحي التقنية بالنسبة للأفلام الإيرانية البسيطة، فقد كان التصوير جميلًا، والإضاءة أيضًا والمونتاج. أداء المُمثلين دون شك هو سر جمال الفيلم، وعلى رأسهم النجم الواعد «روح الله زماني» ، الذي قدّم أداءً رائعًا وآسرًا للحواس بشخصية البطل «علي» ، بالرغم من أنها التجربة الأولى له كمُمثل، فكما ذكرت السر يكمن في الموهبة ومن يصقلها فقط. بقية النجوم، بمن فيهم «علي نصيريان» و «جواد عزتي» والأطفال الموهوبون، جميعهم قدّموا أداءً مُميزًا.

 

[email protected]
Twitter: @alqassimi88

 

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X