كتاب الراية

نبضات.. «إشراقة»

لا يحمل همَّ المسرح سوى من ارتمى في حضنه

اعتقدتُ للوهلة الأولى أنَّه احتفاء برمز من رموز مسرحِنا القطري النواخذة بو إبراهيم، عندما قدمت عبر القناتَين عملَين خلال الشهر الماضي لهذا الفنان القدير، وهما «ها الشكل يا الزعفران، وياهل الشرق»، وكأنما الهدف أنَّ يتم التأكيد لهذا الجيل، أننا كنا نملك إبداعًا مسرحيًا، ومع الأسف فإن «كان» فعلٌ ماضٍ ناقص، كما أخذنا ذلك في المرحلة الابتدائيَّة عبر قواعد اللغة العربية، وإن البيات الشتوي قد طال، لولا محاولات هنا وهناك، ومع ذلك فلا يحمل همّ المسرح سوى من ارتمى في حضنه من أمثال الإخوة الأعزاء: «محمد بوجسوم والدكتور مرزوق، وصالح غريب وصالح المناعي وفالح فايز، ومُعظم أبناءِ هذا الجيل الذين حُرِموا من هذا الفنّ عبر قرارٍ جائرٍ بإغلاقِ المركز الشبابيّ للمسرح. وماذا نقولُ حولَ غيابِ نجوم اللبنة من الشَّباب، مثل: أحمد مِفتاح، وفهد الباكر وشباب الجامعة مثل المُؤلف تميم البورشيد، والمُخرج الفنان فيصل العذبة، هذا الأمر أدَّى ولا شكَّ لخلْق فجوةٍ في ذاكرة المَسرحيين.

أعودُ إلى تحفتين من تحف النواخذة تأليفًا وإخراجًا، وأتوقف قليلًا لأقدم الشكر للإعلامي تيسير عبدالله، وهو عبر جهد شخصي يعيد إلى الذاكرة بعضَ رموز المسرح بدءًا بالنجم الكبير علي حسن، الذي ساهم بدورٍ بارزٍ في الدراما القطرية عبر الإذاعة والتلفزيون لسنوات، وشارك مع كبار نجوم اللعبة في العالم العربي في تقديم الأعمال التي تُعتبر علاماتٍ مضيئةً في مسار الدراما المحلية، كما أنَّ الأستاذ تيسير استحضر عبر لقاءٍ قصيرٍ واحدًا من أبرز المساهمين في حراكنا المسرحي في البدايات الأولى، يوسف سلطان، وأتمنى أن يواصل ما بدأه.

أمَّا الغائب الحاضر، فهو الفنان علي سلطان، هذا النجم الذي ساهم عبر نصف قرن في العطاء بإخلاص وتفانٍ في مسار مسرحنا، كان بحق واحدًا من فرسان المسرح، كما أن إيمان النواخذة بقدراته نموذج لارتباط الكاتب والمخرج بنجمه المطواع، نعم، إن الفنان علي سلطان نجم يملك ناصية الغوص في أي دور يوكل إليه القيام به.

وعبر هذه السنوات تعدَّدت النماذج والشخصيات التي قدّمها، ففي «ها الشكل يالزعفران» نجد الأسلوب البسيط والمسالم، بنموذج أقرب إلى شخصية جحا، كما في الحكاية الشعبية عند أمم الشرق، وفي «يا هل الشرق»، هي حلقة الوصل بين كل الشواهد والشخصيات، بنموذج حيّ، وشاهد على ما يجري في الحيّ من نزاعات بين الحب من طرف واحد، لنموذج حياته المرتبط بالكأس، وامرأة تتعرض لقسوة الزمن، وفتاة تبحث عن تحقيق حلم تاريخ علي سلطان، تاريخ طويل وهو أحد فرسان وجنود المسرح أسوة بعدد من الفنانين على أُهبة الاستعداد للمُشاركة في أي عمل يضيف لحراكنا المسرحي خطوةً إلى الأمام من أمثال محمد حسن، على سبيل المثال لا الحصر، وهم جميعًا في انتظار الآتي، الذي قد لا يأتي في مثل هذه الظروف أبدًا.. لماذا؟ لأننا جميعًا قد وصلنا إلى حالة اليأس في ظل واقع مغلف مع الأسف بالضبابيَّة، وفي ظل حكم جائر، إن المسرح أمره أمر هامشي، ويكفي لتلك الأعمال المستوردة.. وأهلًا وسهلًا بهم.. وعلى مبدعينا اجترار الألم!!

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X