همسة في التنمية.. أثر الاقتصاد الأخضر على دولة قطر
التطوير الذي نشهده ليس بكافٍ لتحسين مستوى الدخل وإعادة توزيعه بالشكل الجيد

تهدفُ الدولُ في الوقت الراهن إلى تبني سياسات اقتصادية تصل بفضلها إلى تحقيق مُستويات عالية من النمو والتنمية المُستدامة، التي تعني ضمان مستوى حياة كريمة لأفراد المُجتمع، والمُحافظة على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية غير المُتجددة، لتستفيد منها الأجيال الحالية والقادمة، لكن بلوغ هذا الهدف تعترضه مُشكلة عويصة، تتمثل في بطالة شرائح واسعة من فئات المُجتمع، لا سيما الشباب منهم، وإهدار طاقاتهم وقدراتهم من دون استفادتهم من التنمية، أو استفادة بلدهم منهم، وهذا يُسبب لنا إهدارًا لهذه القدرات، ما ينتج لنا حالة من الافتقار الاقتصادي وعجزًا تنمويًا بسبب عدم الاستفادة من قيمتهم المُضافة.
التطوير الذي نشهده عبر قنوات العمل وديوان الخدمة المدنية المُرتكز على تنظيم آلية العمالة المُنتقاة ليس بكافٍ لتحسين مستوى الدخل وإعادة توزيعه بالشكل الجيد، لأن التطور الذي يهدف إلى رفع مستوى الاكتفاء الذاتي والتمكين لا يصل بنا للنتيجة المطلوبة، ولذلك نحتاج إلى تغيير الآلية التنفيذية وتكيّفها للعمل بصورة مثالية مع استخدام التكنولوجيات والعمليات والمُمارسات الحديثة للعمل المؤسسي، والذي يعتمد على اقتصاد مُنخفض الكربون يتبع نهجًا مُتعدد الاختصاصات، فيدمج بها الجوانب البيئية في مجال السلامة والصحة المهنية والصحة العامة، بينما يراعي في الوقت نفسه رفاه المُجتمعات المحلية والمُحيطة، وهذا الإجراء غالبًا ما سيتطلب خدمات مُستدامة بيئيًا، واحتياجات إلى مستوى أعلى من الأداء والكفاءة البيئية في الشركات والقطاعات المُتنوعة بالدولة، وهذا يُتيح لنا مناخًا وظيفيًا آمنًا مُنظمًا واختصاصًا ذا امتياز عالٍ للتفاوض الجماعي المُميز على الصعيد المهني، بالإضافة إلى أن الإجراء التنفيذي يُسهم في التحول إلى الاقتصاد الأخضر لدولة قطر والمنعكس بشكل إيجابي على مستويات الدخل وتوزيعه، والمُساهم بشكل جيد في رفع القوى الشرائية للفرد بسبب رفع نصيب دخل الفرد من الناتج المحلي مع ضبط سعر السلع الاستهلاكية المُناسبة للتركيبة السكانية المُعتمدة.
ومن هذا المنظور نجد أن هذا النهج سيؤدي إلى تزايد الطلب على المُنتجات والخدمات الأكثر اخضرارًا والاستثمار فيها، وكذلك المُعدات والبنى التحتية اللازمة لإنتاجها والتي ستعمل على توسع بعض الصناعات والمُنشآت، وسنجد أنه سيكون هناك زيادة طلب على اليد العاملة ذات المهارات العالية وستصبح العلاقات بين القطاعات الأخرى علاقة توسع، وستستفيد القطاعات الخدمية والاقتصادية على حد سواء، بسبب رفع الأيادي الخفية للمُنتفعين من التوظيف العالي في المؤسسات المُتنوعة، سيكون التوظيف انتقائيًا يعتمد على رفع مستوى الخدمة والتوطين الوظيفي، والاستثمار في العمليات الخضراء، ودراسة حجم السوق بشكل مُقنن، بشكل يُدير الوظائف المُباشرة وغير المُباشرة، وغالبًا ما سيكون لهذا التغيير أثر إيجابي على دخل الفرد، وإصلاح بيئي بسياسات سوق العمل والسياسات الاجتماعية بشكل يقضي على الخصومات الضريبية والإعانات والكلفة المُضافة في سبيل تدريب العمال وتعليمهم على المهن المطلوبة، وهذا ستتماشى نتائجه مع فرضية الربح المُضاعف التي تفيد بأن التدابير السياسية يمكن أن تُحقق فوائد اقتصادية وتحسنًا بيئيًا في الوقت نفسه، واستخدام الإيرادات المُتأتية في خفض الرسوم المفروضة على الشركات الصغيرة والمتوسطة وأفراد المُجتمع، وهذا بدوره يُحقق لنا مبدأ الرفاهية الاجتماعية وسيُسهم في توفير مناخ استثماري يمتاز بتنوع مصادر الدخل على صعيد الفرد والمُجتمع والاقتصاد وجهات الاختصاص ويحمي الجميع من الدخول في موجات جديدة من التضخم الاقتصادي في المنطقة.
خبير التنمية البشرية