3 أسباب وراء تأخر سن الزواج في قطر
8.6 % من الرجال فوق الثلاثين لم يسبق لهم الزواج
الضغوط الاجتماعية من الأسرة العامل الرئيسي في تأخر الزواج لدى معظم الرجال
ارتباط وثيق بين ارتفاع مستوى المعيشة وزيادة تكاليف الزواج
12.9 % من النساء فوق سن الثلاثين لم يسبق لهن الزواج

الدوحة – محروس رسلان:
أكَّدت د. نورة لاري، مُديرُ إدارة السياسات، بمعهد البحوث الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة المسحيَّة في جامعة قطر، أنَّ الزواج التقليدي وزواج الأقارب، وتكاليف الزواج ونفقاته، والوضع المعيشي للأُسرة وراء تأخر سنّ الزواج في قطر، مُنوهةً في تصريحاتٍ خاصة لـ الراية بأنَّ متوسط العُمُر في سنّ الزواج الأوَّل شهدَ زيادةً ملحوظةً في قطر خلال الفترة من 1990 – 2017 بنسبة 8.6% من الرجال، و12.9% من النساء فوق سنّ الثلاثين، والذين لم يسبق لهم الزواج من قبل.
واستعرضت مُديرُ إدارة السياسات بمعهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية (SESRI) في جامعة قطر، ورقةً بحثيةً بعنوان «نحو استدامة الزواج: آثار تأخر سن الزواج في قطر»، كما قدَّمت عددًا من الحلول المُقترحة.
وتهدفُ الورقةُ إلى تعزيزِ أنماطِ الزواج المُبكّر من خلال وصفِ العوامل المؤثرة على المُستوى الفردي (التعليم والمهنة)، والعوامل المؤثّرة على المستوى الاجتماعي (الثقافة والعادات والتقاليد)، والتي تُساهم في تأخير الزواج.
واقترحت الورقةُ البحثيَّةُ توفير برامج توعوية للمُتزوجين حديثًا من خلال التَّعليم والسياسات المؤسسيَّة، مثل: تقديم المنح والبدلات، أمَّا بالنسبة لدعم الأُسرة فيتم ذلك من خلال توفيرِ ساعاتِ عمل مرنة ودعم رعاية الأطفال.
وقَالت د. نورة لاري: ما زالت أنماط الزواج التقليدي سائدةً في المُجتمعات الخليجية، وعلى الرغم من ذلك، شهدت دول المنطقة تغيُرات اجتماعية واقتصادية كبيرة بسبب عائدات الهيدروكربونات وإنتاج النفط والنمو الاقتصادي، وتسببت هذه التغيرات التقليدية بإعادة تشكيل ديناميكيات الأُسرة ونظم الزواج والسلوك الاجتماعي، على سبيل المثال بعض العوامل المؤثرة في تأخر سن الزواج: تعليم المرأة، والحالة الوظيفية، والوضع المعيشي، ورعاية الأطفال وغيرها من المُتغيرات.
المنهج الكيفي
وأوضحت أنَّه تمَّ اعتمادُ المنهج الكيفي لإجراء المُقابلات شبه المنظمة في عام 2020 لمعرفة عوامل تأخر الزواج بين القطريين، وتمَّ تقديمُ تحليلٍ موضوعي تفصيلي للعوامل الاجتماعية والثقافية لتأخر الزواج في المُجتمع القطري، حيث تعرض الورقة البحثية نتائج الدراسة بعد تحليل البيانات بشكل موضوعي يُحدد العوامل الثقافية والاجتماعية المُتسببة في تأخر سنّ الزواج في المُجتمع القطري.
وتمثَّلت النتائج الرئيسية في «الزواج التقليدي وزواج الأقارب، تكاليف الزواج ونفقاته، والوضع المعيشي للأُسرة».
وأبانت أنَّ الزواج التقليدي وزواج الأقارب يُعدُّان وسيلة للحفاظ على ثروة الأُسرة وروابطها القبلية وهُويتها من خلال الأُسرة الممتدة في المُجتمع القطري، كما يُساهم تخطيط الوالدين لزواج أبنائهما بدرجة كبيرة في تحديد وقت زواجهم.
وقالت: لقد تمَّ الطلب من المُشاركين في المُقابلات الاستشهاد بتجربتهم الشخصيَّة بطريقة زواجهم واختيار شريك الحياة، فأوضح المُشاركون أنَّ توقعات أُسرتهم في المحافظة على النمط التقليدي من الزواج – الأقارب – تؤثر على قراراتهم، فعارض بعضهم زواج الأقارب، وفضَّل بعضهم الزواج من غير الأقارب، مؤكدين أنَّ خياراتهم الشخصية للزواج من شخصٍ من خارج القبيلة أو العائلة كانت محدودة، لافتة إلى أنه من الملاحظ أنَّ الضغوط الاجتماعية للزواج التقليدي أو الزواج من الأقارب كانت سببًا رئيسيًا لتأخير سنّ الزواج لدى المُشاركين.
العبء الاقتصادي
أمَّا بالنسبة للعبء الاقتصادي «تكاليف ونفقات الزواج» فذكرت أن تكاليف ونفقات الزواج (غلاء المهور وحفلات الزفاف) وصعوبة الحصول على مساكن مُستقلة بعد الزواج تعتبر من أهم الأسباب المُرتبطة بتأخر سنّ الزواج لدى الرجل.
ولفتت إلى أنَّ هناك ارتباطًا وثيقًا بين ارتفاع مستوى المعيشة وزيادة تكاليف الزواج، كما تُشكِّل الضغوط الاجتماعية من الأُسرة العامل الرئيسي في تأخر الزواج لدى معظم الرجال، حيث يجب أن يكون الرجل مُستعدًا لدفع تكاليف باهظة لتغطية نفقات حفل الزفاف وقاعات الحفل واحتياجات المرأة وتكاليف الحياة المعيشية، ما جعل الرجال يقومون بتأخير سن الزواج أو الزواج من الخارج بسبب المهور وتكاليف الزواج المُنخفضة، لافتة إلى أن المُشاركين من الذكور أكّدوا أن ارتفاع نفقات الزواج يرتبط بزيادة نسبة العزوبة.
وبخصوص الأدوار التقليدية على مستوى الأُسرة، لفتَ المُشاركون في هذا البحث إلى أنَّ المُحافظة على الأدوار التقليدية للمرأة ما زالت قائمة على مستوى المنزل والأُسرة ورعاية الأطفال، وفي نفس الوقت، أصبح هناك استقلال اقتصادي للمرأة من خلال التعليم والالتحاق بسوق العمل.
وأكَّدوا أنه لهذا يلجأ عددٌ كبير من النساء العاملات إلى الاستعانة بالمُساعِدات المنزليات، بسبب انشغال رب الأُسرة وعدم قدرته على مُشاركة هذه الأدوار داخل المنزل، كما أن التأخر في الزواج بالنسبة للنساء يُقلل فرص العثور على زوج مُناسب.
وقد ناقشَ المُشاركون مدى تأثير الزواج المُبكر على الاستقلال المادي والتطوُّر الوظيفي والأمان المُستقبلي وتحقيق الذات؛ نظرًا لأنها كلها عوامل تعيق إقبالَ الشريكَين على الزواج في سن مُبكرة وتؤدي إلى تأخر سن الزواج.
سياسة وطنيَّة
وفي سعي الورقة البحثية إلى وضع إطار لسياسة وطنية للزواج، لفتت نتائج الدراسة، إلى أنَّ هناك بعضَ السياسات العامة التي يمكن اقتراحها لتشجيع نمط الزواج في سن مُبكرة من خلال: دعم صندوق الزواج الممنوح من الدولة وإعادة هيكلة توزيع الأدوار في الأُسرة.
وأوضحت أنَّ دعم صندوق الزواج الممنوح من الدولة يُعد أداة فعَّالة في الحد من نفقات الزواج، وذلك بأن تقوم الجهات المعنية بإصدار التشريعات اللازمة للحد من العبء الاقتصادي للزواج وغلاء المهور. كما تُقدم المؤسسات المعنية قروضَ الزواج والإسكان للمواطنين المُقبلين على الزواج.
وشدَّدت على ضرورة مُشاركة المُقبلين على الزواج في الاستشارات والبرامج التأهيلية كشرط للحصول على منحة الزواج، مؤكدةً أن هناك آراءً مُختلفة حول علاقة دعم صندوق الزواج وتأخر سن الزواج.
وفيما يتعلق بإعادة هيكلة توزيع الأدوار في الأُسرة، أوضحت الدراسة أن المرأة العاملة تقوم بمسؤوليات تجاه أُسرتها بشكل فعَّال، ولكن متطلبات العمل واحتياجات الأُسرة جعلت تحقيق التوازن المطلوب بين المسؤوليات غير كافٍ، الأمر الذي دفع العديد من النساء فعلًا إلى تأخير سن الزواج حتى يتحقق تطوُّرهنّ الوظيفي.
دور الأُسرة
ونوَّهت الدراسةُ بأنَّ السياسات الوطنية تؤكّد على أهمية تعزيز دور الأُسرة جنبًا إلى جنب مع تمكين المرأة، مُشددة على ضرورة تقديم مُقترح سياسات فعَّالة؛ لسد الفجوة بين توزيع الأدوار في الأُسرة من خلال الأدوات والمناهج التعليمية وبرامج التوعية في رفع مستوى الوعي بين الأفراد بأهمية تحقيق التوازن بين المسؤوليات.
واختتمت د. نورة لاري الدراسة بقولها: يتصف المُجتمعُ القطري بنسيج ثقافي مُميز ما يجعل تحليل الأسباب الرئيسية لتأخر سن الزواج أكثر صعوبة على المستوى الفردي، فقد أثَّرت العادات والتقاليد كنوع الزواج، ونفقات العبء المالي، والفروق بين الجنسَين، على توقيت الزواج، بالإضافة إلى ارتفاع إقبال النساء على التعليم والانخراط في سوق العمل والذي يلعب دورًا في تأخير سن الزواج لدى المرأة.