المحليات
الشيخ عبدالله النعمة خلال خطبة الجمعة بجامع الشيوخ:

بلوغ رمضان نعمة كبرى

شهر الصيام مضمار عظيم يتسابق فيه المحسنون

الدوحة- الراية:

أكَّدَ فضيلةُ الشَّيخ عبدالله محمد النعمة أنَّ بلوغ رمضان نعمة كُبرى على من أدركه في أمن وعافية، فقام بحقه وتاب إلى الله فيه وأناب وصلى وصام وسابق إلى الأعمال الصالحة وابتعد عن الخطايا والأمور المُحرَّمة.

وقالَ في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الشيوخ: إن الله تعالى جعل شهر رمضان مضمارًا عظيمًا يتسابق فيه المُحسنون بإحسانهم وطاعاتهم، وميدانًا فسيحًا يتنافس فيه الصالحون بأعمالهم واجتهادهم، فهو شهر الصيام والقيام، شهر الإحسان والصدقات، شهر التزكية والتربية، شهر الإنفاق وتلاوة القرآن.

وأوضحَ الخطيب أن رمضان موسم التجارة الرابحة مع الله، من ضيَّعها فقد أشقى نفسه، جاءَ في الحديث الذي يرويه الترمذي عن أبي هريرة- رضي الله عنه-، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له»، أي خاب وخسر وذلّ وعجز ولصق أنفه بالتراب كل من أدرك شهر رمضان فكسل عن العبادة ولم يجتهد ويشمّر حتى انتهى الشهر فلم يظفر ببركته ولم يغفر له.

وأضافَ: إنَّ شهر رمضان هو شهر الطاعات والقربات بأنواعها، فهو شهر الجود والخير، ولنا في النبي- صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة «فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المُرسلة» حديث متفق عليه.

وذكر الشَّيخ عبدالله النعمة أن رمضان هو شهر القرآن نزل فيه على النبي- صلى الله عليه وسلم-، وكان يتفرغ فيه لمُدارسته مع جبريل، وقد ارتبط القرآن بشهر رمضان ارتباطًا وثيقًا، كيف وقد أنزل في رمضان، قال تعالى: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان»، وقال بعض السلف: «ما من كتاب أنزله الله على نبي من الأنبياء إلا كان في هذا الشهر المُبارك»، ويقول سبحانه: «إنا أنزلناه في ليلة القدر».

الصيام والقرآن

وأشارَ إلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- بيّن هذا الارتباط بين الصيام والقرآن، فقد جاء عند أحمد والحاكم عن عبدالله بن عمرو- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام، أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان».

ونوهَ الخطيب إلى أن في تلاوة القرآن وتدبره الأجر العظيم والثواب الجزيل والخير العميم، وعليك- يا عبد الله- أن تستحضرَ هذه الأجور وأنت تقرأ القرآن وتعيش في أكنافه وتتلو آياته، أخرج الترمذي من حديث عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه- قال، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف»، ولفت إلى أنه قد صحَّ عند مسلم من حديث أبي أمامة- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه»، وفي هذا دليل على فضل قراءة القرآن وعظيم ثوابه، وأنه شفيع لأصحابه يوم القيامة، فاتقوا الله تعالى واعلموا رحمكم الله أن رمضان شهر القرآن أنزل فيه من السماء السابعة إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم ابتدأ نزوله في رمضان مفرقًا على النبي- صلى الله عليه وسلم-، ولذا كانت عناية النبي- صلى الله عليه وسلم- بالقرآن في رمضان عظيمة مضاعفة، وكانت قراءته- صلى الله عليه وسلم- في رمضان وغيره تدبرًا وخشوعًا.

قراءة القرآن

وأشارَ الخطيب إلى قول ابن القيم رحمه الله «وكان صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته ويقف عند كل آية»، وذكر الإمام الزهراوي رحمه الله أن قراءة النبي- صلى الله عليه وسلم- كانت آية آية، وهكذا كان سلف هذه الأمة يعكفون في شهر رمضان على تلاوة القرآن وتدبر معانيه والعيش في رِياضِه والعمل بما فيه، همهم فهم القرآن وتدبره وثبوت الأجر بالإخلاص والمُتابعة لهدي النبي- صلى الله عليه وسلم- في تلاوة القرآن، حيث أمره الله تعالى بقوله: «ورتل القرآن ترتيلًا»، قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: «لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إليَّ من أن أقرأ القرآن كله»، كانوا يعيشون مع القرآن في رمضان، قال الإمام الزهري- رحمه الله-: «إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام»، وكان الإمام مالك- رحمه الله- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث وأقبل على قراءة القرآن من المصحف.

وحثَّ الخطيب كل مُسلم بقوله: ينبغي عباد الله أن تكون عناية المُسلم بالقرآن في رمضان مُضاعفة، قراءةً وحفظًا واستماعًا وتدبرًا وفهمًا مصحوبة بالخشوع وتحريك القلوب والوقوف عند عجائبه ومعانيه، وينبغي للمُسلم الموفق ألا يجفو فيمضي عليه الشهر ولم يختم كتاب الله وألا يغلو فيتحدى هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X