كتاب الراية

قضايا وطنية.. تأملات حول الرقابة الدستوريَّة في النظام القانوني القطري

القانون يحدد الجهة القضائيَّة التي تختصّ بالفصل في دستورية القوانين واللوائح

تستلزمُ الرقابةُ الدستوريةُ، في أيِ نظامٍ قانونيّ، وجودَ دستور بالدولة، وأن تتمتعَ قواعده بالسمو على غيرِها من القواعدِ القانونيَّة، وأن تحدد الدولة شكلَ وآلية الرقابة الدستورية بها التي قد تتنوعُ ما بين الرقابة السياسيَّة أو الرقابة القضائية أو رقابة الامتناع.

ودولةُ قطر لديها دستورُها الدائمُ، القائمُ على ركائزَ أساسيةٍ في شأن الرقابة الدستوريَّة، بأن قطر دولة دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، وأن القانون هو من يحدد الجهة القضائيَّة التي تختصّ بالفصل في المنازعات المتعلّقة بدستورية القوانين واللوائح، وتتمتع أحكام هذا الدستور بالسمو والإلزام في مواجهة السلطات الثلاث، وفي مواجهة ما يصدر عنها من مخرجات وأعمالٍ قانونية وتشريعية: (قانون، تشريع لائحي، قرار إداري)، بحيث لا يجوز أن تنطوي هذه الأعمالُ على ما يخالف القواعدَ والوثيقة الدستورية.

ولقد عَرَفت دولةُ قطرَ رقابة الامتناع عن تطبيق النصوص المُخالفة للدستور قبل وبعد إقرار الدولة فكرةَ الرقابة القضائيَّة على دستوريَّة القوانين واللوائح بموجب القانون رقْم (6) لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الدستورية (إنشاء الدائرة الدستوريَّة بمحكمة التمييز) أو القانون رقْم (12) لسنة 2008 بإنشاء المحكمة الدستوريَّة العُليا، حيث التزمت السلطةُ التشريعيةُ بالدولة بضوابط التشريع بألا تخالف الشريعةَ الإسلاميةَ التي تعد مصدرًا رئيسيًا للتشريع بالدولة، وامتناع المحاكم بكافة درجاتها عن تطبيق النصّ المخالف للشريعة الإسلامية التي تعتبر أحكامها القطعية قواعد تعلو النصوص والوثيقة الدستورية، تقيد المشرّع قبل صدور التشريع، وتلزم السلطة القضائية بها في كل نزاع، وقد كان لمحكمة التمييز باع كبير في ترجيح وتطبيق الأحكام القطعية في الشريعة الإسلامية على ما عداها من نصوص تشريعية، خاصة في مجال الحدود والقصاص، وقواعد التعويض، ومجال الفوائد والمعاملات التجاريَّة.

ويُستظهر من القانون رقْم (12) لسنة 2008 بإنشاء المحكمة الدستورية، أن سبل اتصال المحكمة الدستورية بالنزاع الدستوري إما أن يكون بطريقة التصدي أو الدفع أمام محكمة الموضوع، وإن كنا نأمل من السلطة التشريعية قبل صدور الأمر الأميري بتعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية أن تضيف طريقة أخرى لاتصال المحكمة الدستوريَّة بالنزاع، وهي طريقة الدعوى المباشرة التي تمكّن الفرد من إقامة دعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية يطلب فيها نظر مدى دستورية قانون أو لائحة بضوابط دستورية معينة منها الصفة والمصلحة وجدية الطعن وإيداع كفالة مالية، وعرض الطعن المباشر على المحكمة في غرفة مشورة لتقرير مدى اتصاله بها من حيث الاختصاص وجدية أسبابه، وشروط قبوله، وهو اتجاه المحاكم الدستورية الألمانية والإيطالية.

@jathnanalhajri

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X