مجرد رأي.. هل نحن مستعدون؟
بعض المحللين يرون أن جميع الحلول لن تقوم إلا «بتأجيل المحتوم»

بعد الانهيارات الأخيرة للمؤسسات المصرفية في الغرب بدءًا من بنك «أس في بي» على شواطئ كاليفورنيا الذهبية إلى
بنك «كريدي سويس» الذي كان يعرف بالساعة السويسرية في العقود الماضية، والارتفاعات الجنونية لأسعار الفائدة، نجد أن العالم يتأرجح اليوم بين الركود والانهيار.
ومع تدخل المصارف المركزية والبنوك العالمية لتفادي ما يحدث الآن إلا أن بعض المُحللين يرون أن جميع الحلول لن تقومَ
إلا «بتأجيل المحتوم»، فيرى البعض (وأنا منهم عزيزي القارئ) بأن الصدع القادم في جدار الاقتصاد العالمي سيأتي من سوق
العقار «مرة أخرى»، حيث إنه مع التراجعات الأخيرة في الاقتصاد العالمي والزيادة الجنونية في أسعار الفائدة من المصرف
المركزي الأمريكي أصبحنا على ما يبدو على شفا حفرة من أزمة مالية عقارية جديدة، فتلك الزيادات في نسب الفائدة سيكون
لها بالغ الأثر في اقتصادات عالمية كثيرة خاصة تلك المتعلقة بما يعرف «باليورو دولار» ولن تقف عند بنوك وادي السيليكون
وجبال الألب. وهنا نجد سؤالًا واحدًا يتكرر .. ما فائدة الملاءة دون سيولة؟
فكثير من البنوك قد تتحول دون قصد منها من مؤسسات مالية إلى مؤسسات عقارية، فمع التعثر المحتمل والناتج عن
ارتفاع نسب الفائدة تلك، وفي ظل الغموض الحالي في عالم المصارف قد نرى أن كثيرًا من القروض العقارية لن تستوفى، ما سيضطر البنوك للاستيلاء على تلك العقارات المرهونة في أغلب الأحيان مُقابل عدم استيفاء القرض وتعثر المُقترض، وهو المعتاد في الإجراءات المصرفية في هذه الحالات، فما الجديد إذَنْ؟.
الجديد هنا أنه ولما كانت المؤسسات المالية تستطيع في الأوقات الطبيعية إما مباشرة أو عن طريق القضاء بيع تلك
العقارات والتي آلت ملكيتها للبنوك، فقد نجد أنه في الوضع الراهن وإذا ما استمر التدهور المالي والاقتصادي قد تتعثر تلك
البنوك أيضًا لأنها لن تستطيعَ بيع كل تلك العقارات المُتدهورة لعدم وجود السيولة في السوق، وهنا يتوقع المُراقبون أن تسقطَ
قطع الدومينو تباعًا لوجود أزمة سيولة مُصاحبة لأزمة ثقة في المؤسسات المالية في آن، ما سيؤدي بالطبع إلى تعثر البنوك نفسها وطلب النجدة من الحكومات.
نعم قد يقول لك أي خبير في النظام المصرفي العالمي أن الطريقة المُثلى للحد من التضخم هي رفع نسبة الفائدة إلى ما هو مساوٍ أو أكبر من مُعدل التضخم، وذلك بسحب السيولة الإضافية من السوق للحد من ذلك التضخم. ولكن قد ينسى من يُكرر هذه النظرية الأكاديمية البحتة، أن أي إجراء مالي من المصارف المركزية يجب ألا يقع في فراغ مما يحدث من حولنا من واقع، بل يجب أن تضع تلك المصارف هذا الواقع نصب أعينها لكي لا يحدث ما يتوقعه البعض من فشل للسياسات المصرفية الحالية وبدء انهيار للاقتصاد العالمي الذي سيكون عبئًا على تلك الحكومات والشعوب… فهل نحن مُستعدون؟
(وظيفة البنك المركزي هي القلق)
إلى اللقاء في «رأي آخر» …
كاتب شؤون دولية وقانوني قطري