المنبر الحر
التشاؤُم والتفاؤل عادةٌ مُكتسبة

إذا أردت أن تحيا عليك أن تصنع سعادتك

بقلم/ هبة إبراهيم مطاوع:

إنَّ السعادةَ عادةٌ، كما أنَّ التشاؤُمَ والتفاؤل عادةٌ مُكتسبة، فكل تلك الأمور هي عادات مكتسبة، لم نُخلق ولم نُولد بها من بطون أمهاتنا، بل نحن من اتخذناها نبراسًا ومنهاجًا، فمنَّا من جعل الرضا نُصب عينَيه وسارَ به في طريقه يذلل له كل العقبات، ومنَّا من يئس سريعًا، وجعل التشاؤم والإحباط عنوانًا لحياته، وإذا تأملنا حولنا وجدنا لكل منا في يومه أربعًا وعشرين ساعة، وثلاثمئة وخمسة وستين يومًا في السنة، ومع ذلك هناك من نجحَ وحقَّق أمنياته، وهناك من تقاعس وفشل وعلَّق خيباته على شمّاعة الضغوط ومشاكل الحياة، فما الاختلاف؟ وكيف نحيا بسعادة؟ وكيف نصنع السعادة إذا لم نجدها؟

إن لكل إنسان بصمته الخاصة التي يتفرد بها عن غيره، وكما أننا مختلفون في الطباع والشخصيات والملامح أيضًا، فنحن مختلفون كذلك في الخبرات والتصورات، طبقًا لما مررنا به من مواقف على مدار الحياة، فنحن لن نتحكّم في تلك المواقف، فهي مصيرٌ وقدرٌ، وسواء كان الرضا أم السخط من ردود أفعالنا على تلك المواقف فلن تتغير، أما المتغير فهي أفكارنا وتصرفاتنا تجاه تلك المواقف، فهناك ما يسمى بنظام التفعيل الشبكي «RAS»، فنتساءل وما هذا؟ وما علاقته بالسعادة؟ فالرد سيكون بأنهما مترابطان ودعني أشرح لك المقصود فالكلمة اختصار « Reticular Activating System»، وهذا يعني أن المخّ يقوم من خلال خلاياه بفلترة الموضوعات من حيث الأهمية، فإذا أردت الالتحاق بكُلية معينة ستجد عقلك يركز على كل معلومة أو دعاية تروّج لها، ويفلتر باقي المعلومات عن أي كلية أخرى، وكذلك إذا ركز الإنسان على مسببات السعادة، سيبحث عنها ويحيا بها، أما إذا حزن فسيجذب كل ما هو حزين له.

وختامًا؛ فإذا لم تجد السعادة فلا تنتظرها من أحد بل اصنعها لنفسك بالرضا، والدليل على ذلك ما مر به الأنبياء من ابتلاءات فكانوا خير قدوة، وكان لنا في قصة سيدنا يوسف عليه السلام خير عظة؛ تعرض لجميع أنواع الابتلاءات والإحباطات والضغوطات، من بئر إلى سجن وعندما ضرب بسيف الرضا كل أنواع الابتلاءات جاءته السعادة راغبة، فابدأ بنفسك واصنع سعادتك وانشرها لمن حولك حتى إن بدأت بابتسامة، ومن هنا ستكون السعادة عادة وبالنيَّة الصالحة تتحوُّل إلى عبادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X