كتاب الراية

ماذا لو عاد العيد معتذرًا ؟!

السؤال الوجودي قبل رمضان والأعياد .. هل ستنزل الرواتب مبكرًا؟

أصحاب الدخل المحدود أكثر الغارمين عوزًا ومع ذلك يلتزمون بالسداد

العيد سيصادف 21 أبريل.. والراتب يودع في العادة ال 28 من كل شهر

الرواتب لدينا من أعلى الرواتب.. ولكن التضخم لم يبقِ لنا شيئًا

الحل في توظيف الذكاء الاصطناعي ليجد لنا مخرجًا يرضي الجميع

قهر الرجال في ألا يجد المرء في جيبه سوى قصاصات من الورق والفواتير

فِي البدايةِ أحبُ أنْ أهنّئَكم بقرب حلول عيد الفِطر المُبارك، وكل عام وأنتم بخير.

قد يقولُ قائلٌ: ما بالك يا هذا فما زال في رمضان بقيةُ! والله إن هو إلا تأثير الصيام الذي قد بلغَ مبلغه معكَ!

قد يكون الكلامُ صحيحًا بأنَّها هلوسة صائمٍ! لكن إذا نظرت حولك ستجد المساجد التي كانت مُمتلئةً بالمصلين- وبالكاد تجد لك مكانًا في الصفوف الأولى بل كنت تصلي في العراء على الرصيف- ليست كما كانت، وستجد نفسَك في هذه الأيام خلفَ الإمام مباشرةً!

حتّى سفرة الإفطار بعد أن كانت تعجُ بما لذَّ وطابَ من أصناف المأكولات والحلويات والمشروبات، أصبحت خاويةً إلا من التمر والماء، وإذا كنت محظوظًا فسيتم إكرامك بصحن سمبوسة!

كل هذه مُقدّمات تقول لك إن رمضان قد غادرنا سريعًا كعادته كل عامٍ، وهلَّ هلال العيد السعيد لكن هذه المرَّة عاد العيد مُعتذرًا!

إنَّ العيد كما نعرفه فرحةٌ، وأجمل فرحة تجمع شملَ قريبٍ وبعيدٍ.. لكن كيف نفرح بالعيد والجيب يصفر ! أنا أتحدث عن أصحاب الدخل «المقرود» الذين لا يملكون من متاع الحياة سوى الراتب! الذين يعدون الأيام التي تمضي من أعمارهم في انتظار الراتب، ويتمنونه اليوم قبل الغدِ! تخيل شخصًا يتمنى أن يمضي عمرُه سريعًا!

هذه الفئة دائمًا لا ينظر إليها ولا لمعاناتهم في الحياةِ، وفي المُقابل هناك هوامير عندما يعجزون عن دفع فاتورة مطعم قد تقام لهم حملات على غرار هذا وَلدُنا!

نعود لموضوعنا أو خيبتنا..

بحسبةٍ بسيطةٍ، العيدُ سيصادف يوم الجمعة تاريخ 21 أبريل، والراتب يُودع في العادة يوم 28 من كل شهر، أي أمامك أسبوعٌ كاملٌ قبل أن يتم إيداع الراتب في حسابك البنكي الذي يشكو من سوء المُنقلب، فالرصيدُ ليس صفرًا فقط بل هو مكشوف! ويكون العيد قد انتهى وانتهت معه الفرحة التي أصبحت يتيمة.

أنا هنا لستُ بصدد الحديث عن كيفية إنقاذ العيد بأن تصرف مثلًا مكافأةٌ مُفاجِئة، أو راتبٌ إضافي أو حتى «شرهة تدسم الشارب»، أو سداد المستحقات أو أقل الإيمان أن نستطيع بيع الإجازة السنوية!

لا .. لا .. كل هذا لستُ بصدد طرحه لأنه أشبه بأحلام العصر بالنسبة للصائمِ!

فوالله إن أصحاب الدخل المحدود هم أكثر الغارمين عوزًا ومع ذلك يلتزمون بسداد ما عليهم، ولم يفكروا يومًا في مشروع بالملايين، ثم يطرقون أبواب الجمعيات الخيرية، والله يكون في عون الجميعِ.

تجدُهم صابرين ومُحتسبين، وأنا أعرف منهم الكثيرَ.. أقسم بالله إنه لولا لطف الله، ومن ثم رحمة البشر لكانوا في هلاكٍ عظيمٍ.. يرددون دائمًا مقولة: الحمد لله على كل حالٍ؟

أعود إلى موضوع العيد الذي عاد مُعتذرًا! وكيف يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذُه ؟ قلت الحل في توظيف الذكاء الاصطناعي ليجد لنا مخرجًا يُرضي الجميع، فكانت هذه النتيجة:

إيداع الراتب مُبكرًا هذا الشهر ؟ قد يقول قائلٌ: المشكلة ستكون في الشهر المُقبل حيث ستزيد الأيام ؟ كلامه أيضًا صحيح، لكن الذكاء الاصطناعي لا يترك شيئًا للصدفِ..

الرواتب تودع أصلًا في الحساب البنكي قبل تاريخ الاستحقاق في 28 من كل شهر، ولكن لا تستطيع التصرف فيها إلا في تاريخ الاستحقاق !، نحن لم نطالب البنوك بفوائد هذه الأيام، لكنْ هناك طلب بسيط هو إيداع الراتب قبل موعده بأسبوعٍ! وفي الشهر التالي يودع أيضًا قبل موعده ب 3 أيام، وفي الشهر الثالث تعود الرواتب لموعدها الأصلي، بذلك نحن لم نرهق ميزانية الدولة، ولم نطالب بمبالغ إضافية، فقط نطالب بتطبيق روح القانون.

والله إن قهر الرجال في أن يمد المرء يده إلى جيبه ولا يجد سوى قصاصات من الورق والفواتير!

قد يقول قائلٌ هذا سوء تدبير !

أي سوء تدبير، وهل توجد لدى هذا العبد الفقير الذي يسترحمُ الله، ثم يطالع الراتب فرصة لحُسن التدبير والتدبر.

هذه المقالةُ ليست لأصحاب الملايين وندعو لهم بالزيادة، ولكن هي موجهة لأصحاب الدخل «المقرود» كما يقال لأصحاب الطبقة المتوسطة الذين مع الوقت قد ينقرضون ولا تجد في المُجتمع سوى الأغنياء والفقراء.

نحن نعترفُ بأن الرواتب من أعلى الرواتب ولكن التضخم لم يبقِ لنا شيئًا.. المواطن العادي يعيش عيشة عادية من مأكل ومشرب وفواتير وأقساط ليست موجهة للكماليات، ولكن للضروريات، ومع ذلك لا يستطيع أن يدخر مبلغًا ليعينه على بقية الشهر.

قضيتي ليست قضية إيداع راتب قبل أو بعد، بل هي أكبر من ذلك ! هي قضية تضخم واضح وغلاء فاحش باعتراف المسؤولين، والذي بدأ يأكل الأخضر واليابس !!

قد يقول قائلٌ: كلامك لن يلقى صدى لأنه يلامس الطبقة التي لا صوتَ لها، ولا أحد يشعر بمعاناتها بل قد لا تكون لها معاناة !

الوصف في مكانه، فهم أنفسهم عندما يشكون الحال يتندّرون على حالهم وجلوسهم على الحديدة ! بل حتى الحديدة باعوها.

هم فئة من فئات كثيرة في المُجتمع، قد لا نعلم عنهم شيئًا في ظل انشغالنا بزخرف الحياة.

في الختام ونحن في العشر الأواخر من رمضان تذكروا أن لكم دعوةً لا تُردُ.

هذا رجاء خاص، لا تدعُوا بأن تمطر السماء ذهبًا لأن السماء لا تمطر ذهبًا! ولا تقولوا كافحوا في هذه الحياة لكي ترزقوا بالذهب، واللهِ كافحنا وفي المقابل كانت النتيجة أن الحياة «كفختنا كفخًا»!

وقبل أن أودعكم قد يقول قائلٌ ما حاجتنا إلى كشخة العيد والمخاسير، ما دام أن الكل سيكون نائمًا في العيد بعد أن واصلوا الليل بالنهار للتجهيز للعيد ! أو سيدخلون في غيبوبة ما بعد وجبة غداء العيد، وسيحل ثاني العيد وينتهي كل شيء..

وكل عام وأنتم بخير وكل «وكسة» وأنتم بصحة.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X