المنتدى

خطورة صناعة وتجارة الكبتاغون في سوريا

كارثة تهدد الأجيال الصاعدة ينبغي التصدي لها بقوة

بقلم/ رندة تقي الدين:

فرضَ الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع عقوبات جديدة على أقرباء الرئيس السوري بشار الأسد وهم: سامر كمال الأسد ووسيم بادي الأسد ومدر رفعت الأسد وعدد من رجال أعمال سوريين متورطين معهم بتجارة المخدرات. أبرز ما أشار إليه الأستاذ جان بيير فيليو الدبلوماسي الفرنسي السابق وأستاذ في معهد العلوم السياسية الفرنسي في صحيفة لو موند أن إنتاج المخدرات والانفيتامين الذي يسبب الإدمان يعطي عائدات بمليارات الدولارات سنويًا للنظام السوري. فيقول فيليو إن صناعة الكبتاغون لا تكلف سوريا كثيرًا إذ إن سوريا استطاعت إعادة تدريب علماء العقاقير في صناعة الأدوية التي كانت قائمة على تصنيع الأمفيتامينات وإنشاء شبكات سرية في مناطق عسكرية تقع تحت حماية شقيق الرئيس ماهر الأسد. تهريب الكبتاغون ينتقل إلى لبنان والأردن وإلى الدول الخليجية. وصرحت الدبلوماسية الفرنسية بريجيت كورمي المسؤولة عن الملف السوري في الخارجية لموقع أوريان ٢١ بأن القرار الأوروبي يطبق في جميع أنحاء العالم.

في السنة الماضية أقر الكونجرس الأمريكي قانون الكبتاغون طالبًا من الرئيس جو بايدن تطوير استراتيجية لإيقاف تجارة هذه المخدرات، التي وصفها بأنها تهديد أمني عابر للحدود. تجارة الكبتاغون في سوريا تقدر بعائدات سنوية تبلغ ٥٧ مليار دولار. فهي عائدات لزيادة ثروة المُقربين من النظام السوري. إن إدخال وانتشار الكبتاغون من سوريا إلى دول المنطقة أخطر ما يجري لأبناء وبنات المنطقة المجاورة لسوريا. إنه فعلًا خطر كارثي على الأجيال الصاعدة في الدول العربية وينبغي التصدي له بقوة. وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن عدة أنواع من الكبتاغون منتشرة في عدد من دول الشرق الأوسط لإعطاء مُستخدمي هذا المخدر الذي يؤدي إلى الإدمان شعورًا بالغبطة المصطنعة. وصفت الصحيفة سوريا بأنها أصبحت دولة تجارة المخدرات ناعتةً البلدَ بأنه .narco state ، ووصفت الخزانة الفيدرالية الأمريكية سوريا «بأنها رائدة عالمية في إنتاج الكبتاغون المُخدر الذي يهرّب عبر لبنان» وكانت الولايات المتحدة عاقبت قبل الاتحاد الأوروبي المُقربين من الأسد لتجارة الكبتاغون. لكن طالما عائدات الكبتاغون تقدر ب 57 مليار دولار سنويًا لجيوب النظام والمقربين منه، فمن الصعب التصدي لهذا الخطر الكارثي على مجتمعات عدد من الدول العربية. وخلال أكثر من عشر سنوات حربًا في سوريا ملأت صناعة الكبتاغون جيوب النظام. وقال الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد: أصبحت تجارة الإمفيتامين نموذجًا تجاريًا يقوده النظام السوري ويؤدي إلى إثراء الدائرة المُقربة من النظام ويزوّده بعائدات تُساهم في قدرته على الاستمرار في تطبيق سياسته القمعية بحق المدنيين».

إن خطورة هذه المُخدرات المُنتشرة في الشرق الأوسط تكمن في أنها تجذب الأثرياء والفقراء بالتساوي وأنها مدمرة للمجتمعات. العقوبات الأمريكية والأوروبية على المستفيدين من هذه الصناعة قد لا تمثل حلًا لهذه المشكلة الكارثية لأن الأموال العائدة منها ستبقى دافعًا لهؤلاء الذين يستفيدون من إنتاج وانتشار هذا المخدر الخطير. فالحل هو في اتخاذ الدول العربية خطوات حازمة إزاء هذا الإنتاج والتهريب من سوريا. حتى الآن فشلت الدول في ذلك. لقد حاول الأردن التحاور حول الموضوع مع النظام ولكنه فشل في التصدّي للتهريب من سوريا عبر حدوده. فلا شك أن المستفيدين من أموال الكبتاغون لن يوقفوا صناعتهم رغم العقوبات والتطبيع غير المُجدي لهذا الهدف مع النظام.

صحفية لبنانية

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X