التغافل ذكاء اجتماعي ومنهج تربوي

بقلم / أحمد عبدالصبور حسن
لست ممن يدعي الحكمة، أو أسير فوق السحاب، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا ما فطن الإنسان إلى طبيعة المكان أو البيئة التي تحيط به، أدرك بحسه العقلي كيف يتغافل عن أمور قد تورثه الشقاء أو الخزي والخسران بين الناس، فالتغافل ذكاء اجتماعي بمعنى أنك تدرك ولا تدرك، فإذا ما أردت أن تنجح بين الآخرين فلا تحقر من شأنهم وكن مُتغافلًا بأفعالهم، ولا تظن أنك المُلهم من بينهم، فهذا قد يجعل حبل المودة قصيرًا جدًا، يوشك أن ينصرم إن لم يكن اليوم، فبعد غد. إذن القضية تكمن في ثقافة وطبيعة المكان فشتان بين امرئ يعيش في جزيرة نائية أو عاصمة أوروبية. فمتى يكون التغافل ذكاءً اجتماعيًا؟ يكون التغافل ذكاءً اجتماعيًا إذا ما استشعر الآخرون بأنك مثلهم، أما أن تتعالى، فسوف تنبت الضغينة في الصدور ومن بعدها تزول المودة وتعكر صفو الماء الراكد، فالتغافل: كل ما يشمل سبل الحياة، ليس مقرونًا بسبيل واحد، لكنَّ هناك أمورًا لا يمكن التغافل عنها، هذه الأمور هي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يمكن أبدًا أن نرى سارقًا ونتركه، أو رجلًا يدنس شرف فتاة، أو ظلمًا يقع على شخص، فالمرء الفطن هو الذي يدرك ما له وما عليه من الأمور الدنيوية والدينية، والتغافل يصحبه رقي أخلاقي وحضاري، فهو من شيم الكرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان من خلقه التغافل والدليل على التغافل قال تعالى: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثًا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير) التحريم، أي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة حفصة (رضي الله عنهما) ما أخبرت به عائشة مُعاتبًا لها ولم يخبرها بجميع ما حصل منها كرمًا في خلق التغافل.