
فكرت كثيرًا في كتابة هذا المقال «من القلب إلى القلب» وأسأل الله أن أكون قد وصلت إلى قلوبكم العطرة عبر هذه المقالات القصيرة، في هذه المرة حديثي لكم من القلب، عن القلب الذي لم أجد له أنا – وغيري أكيد – بديلًا، لم أجد حنانًا ولا طيبة ولا قلبًا كبيرًا كقلبها، إنها الأم.
عن التي سهرت لنرتاح، واجتهدت لنكبر ونتعلم، عن التي أعطت دون مُقابل، ومَن أحبت بإخلاص، مَن كانت رفيقة الدرب لكل ابن، من كانت تبتسم رغم التحديات، من كانت تحتوي رغم المرض والتعب، من علمتنا الحب، والكرم، والعطاء، والإخلاص في العمل، من كانت الحِضن الذي احتضننا كلنا دون تفرقة، دون تذمّر أو نقد، هي أمي، هي التي يكون الجلوس معها راحةً والبُعد عنها ألمًا، هي من تسمع بقلبها وروحها وفكرها، دون أن تقاطع ودون أن تتذمّر، هي استراحة المتعب وأمل كل ضعيف، يدها ممدودة سندًا لك لا تخذلك، لا تجرحك، هي أمي. من تعرف أخطاءك ولكن لديها ذكاء خارق يعرف كيف يُحاسبك بحب، يتعامل معك بتربية، كيف يجذبك كيف يجعلك تعتذر بحب وسعادة، لأن من تعتذر له هو قلب القلب هو الروح التي همُّها أن تكون بخير. هي أمي، حليمة، حكيمة، صادقة، تتحدث معك بحُب، تخاف عليك، ولكن تثق بك، تشعرك أنك مميز عن غيرك، والحقيقة، كلنا مُميزون لديها. تشعرك أنك الوحيد من تحب، والحقيقة، كلنا من تُحب، تشعرك أنك أنت الوحيد من تسمعه، ولكنها في الواقع تسمع الجميع، تعرف كيف تتعامل مع صغارها، تعرف كيف تعاتب بحب، تعرف كيف تزرع الثقة فيك، هي أمي، قلب محب صادق تحبه، شخصيتها الذكية وأسلوبها المُميز في التعامل مع من حولها جعلها قريبة من الجميع، أسلوبها في الحديث يجعلك تعشق الحديث معها، تعرف أنها مُميزة في كل شيء، من طريقتها، أسلوبها، اهتمامها، مشاعرها، لم تُدرب عليها بل هي ربانية سبحان الله. لا تعرفُ الفشلَ أو الخمول أو الكسل تُحفّزك بدعاء، تحفزك بنظرة، بأسلوب، هي أمي.
الأم التي ضحت، أحبت، ساندت، ربت بفطرتها، أعطت من قلب صادق للجميع دون أن تتردد.
هل تعلمون أحدًا يفعل هذا؟ تدرون ما هو الحب والتسامح؟ يفهمه البعض من الأبناء أنه ضعف، أنه تهاون، فيتمادون دون رحمة أو رفق، بمن أعطى مساحة حب وثقة، هناك من يستغل الحب الوالدي المُتدفق بالحنان والحب غير المشروط، للتمادي وعمل ما يحق أو لا يحق لهم ظنًا منهم أنه حق وعلى الوالدين احترامه.
لا أريد أن أخرج عن موضوعنا الأساسي وهو حب قلب القلب فهو يتحدث عن كل أم أعطت حبًا بلا مُقابل.
إن المشاعر التي تسكن قلب الأم قد لا يفهمها الأبناء ولا يشعرون بها حتى يمرّوا بالدور ذاته، قد يكون مُتأخرًا أحيانًا لأن البعض لا يتعلم إلا إذا كان في هذا الموقف، يتعلم حينما يخوض التجربة بنفسه، للأسف هذه الطريقة أحيانًا تأخذ سنوات، لأنها قد لا تكون بشكل مُباشر، وعادة ما يكون فيها ندمٌ أنَّه تأخر، ندم أنه لم يُعط ولم يُحب ولم يُقدّر كما كانت هي تفعل له، وهناك من لا يحتاج لكل هذا لأنه مُحب عطوفٌ يشعر ويستشعر حبها فتراه مُطيعًا صادقًا مُحبًا، لا يزعجها، لا يقلقها، لا يكون مصدر تعب لها.
رفقًا بقلبها فإنه ينبض بحبك، رفقًا بدموعها فإنها تُذرف بسببك ومن أجلك، رفقًا بها، لا تجعل الخوفَ يسيطر عليها تحسبًا لفقدك أو فقد حبك لها.
بطاقة إرشادية:
رفقًا بقلب من أحبّتك، لا تجرحها لأنك ستندم حين لا ينفع الندم.
دكتوراه في الإرشاد النفسي