المنبر الحر
أوقفوا الحرب في السودان

مفارقات القصر الجمهوري السوداني

بقلم/ المستشار فيصل علي الدابي:

يقعُ القصرُ الجمهوري السوداني – مقر الرؤساء والشاهد على رفع علم استقلال السودان عام 1956 – بالقرب من النيل الأزرق ومُلتقى النيلين في مساحة قدرها 74 ألف متر مربع، وقد اكتسب سمعة عالمية كبرى بعد أن رددت اسمه -بكثرة- جميعُ محطات التلفزة العالمية بسبب استهدافه المُستمر من قِبل المُتظاهرين السودانيين المُطالبين بالديمقراطية والحكم المدني.

بعد احتلالهم السودان واختيارهم الخرطوم عاصمة لهم، شيّد الأتراك القصر الجمهوري بالطين عام 1925 كمقر للحاكم ثم أعادوا تشييده بالطوب الأحمر، وبعد تحرير الخرطوم من الأتراك على يد أنصار الثورة المهدية عام 1885، وقتل الحاكم غوردون باشا في القصر الجمهوري وهو إنجليزي كان يعمل مع الأتراك وقد عمل سابقًا في الصين وقتل أعدادًا كبيرة من الثوار الصينيين، نقل الأنصار العاصمة ومقر الحكم لمدينة أم درمان، بعد هزيمة قوات المهدية من قِبل الاستعمار الإنجليزي المصري، نقل أول حاكم عام للسودان (الإنجليزي كتشنر) العاصمة للخرطوم، وشرع سنة 1899 ببناء القصر الجمهوري على الطراز الغربي بالطوب الأحمر على الأساس الحجري للقصر التركي المهدم واكتمل البناء عام 1906، وفي عام 2015، قام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير بإضافة مبنى آخر هو القصر الرئاسي بتكلفة مالية ضخمة، وبنتْه الحكومة الصينية على الطراز الشرقي، فالقصر الجمهوري السوداني «قصران في فناء واحد».

نلاحظ أن الولايات المُتحدة الأمريكية، تملك قصرًا جمهوريًا واحدًا هو البيت الأبيض، بينما يمتلك السودان، المُصنف من بين أفقر دول العالم، قصرين جمهوريين، ونلاحظ أن بعض مباني البيت الأبيض الأمريكي تكون مفتوحةً للجمهور مُعظم أيام الأسبوع بينما يُمنع الجمهور من مجرد الاقتراب من القصر الجمهوري السوداني، أما أكبر المُفارقات والتي أدهشت الخبراء العسكريين العالميين مفادها أن هناك معارك عنيفة تدور بمحيط القصر الجمهوري السوداني في منطقة خالية من السكان منذ عدة أسابيع ومع ذلك لم تحسم المعركة ولم تنقل أي صور لتهدم القصر وكأن المُتحاربين يتراشقون بالورود والأزهار، لا بالصواريخ وقنابل الدمار، على أي حال نتمنّى انتهاء الحرب السودانية، وأن يصبح القصر الجمهوري مقرًا للحاكم السوداني المدني القادم، وأن يتم فتح بعض مبانيه للجمهور.

[email protected]

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X