د.عائشة سلمان آل ثاني
وظُلمُ ذوي القربى أشد مضاضةً.. على المرء من وقع الحسامِ المهنّدِ. – طرفة بن العبد
يظلمك أقربُ الناس إليك، أهلك، من تحبهم ويُفترض أنهم يحبونك، هل هو ظلم أم حسد وغَيْرَة وتمني زوال النعم؟، هل هو ظلم أم كراهية؟.
يتحمل الإنسان ظلم الآخرين له، ولكن ظلم القريب يُعذبك لأن سقف التوقعات عالٍ، وهذه هي الحياة.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) التغابن:15.
الصفح والتسامح مطلوبان، لكن قد تجد نفسك غير قادر أو تحتاج وقتًا لتستوعب ما حدث لك من أعز الناس: أولاد، أو أزواج.
والتسامح يعني حدودًا، العفو يعني تقبل الآخر، لكن في حدود عدم التجريح، والألم الذي قد يؤثر على علاقتك بهم، إن فكرة الألم تأتي من أنك لا تتوقع الخداع والكذب، ممن أحببت أو رُبيت معه، من قريب ظننته السند. ظننته الداعم المُساند، أعرف أنه مؤلم ومُحزن، ولكن هذا هو الواقع، قد يكون ابنك عدوك أو زوجك عدوك أنت، يتغيّر، ينقلب، يطعنك، يجرحك، كله في عالم الأقارب وارد، قصة قابيل وهابيل أيضًا دليل على العداوة والقتل، أخ يقتل أخاه لأسباب قد تكون بسيطة، ولكن الحب تحوّل، أصبح سُّمًا قاتلًا، المشاعر تحوّلت أيضًا.
قد يتساءل البعض إن كان كل هذا، إذَنْ فالبُعد أفضل، البعد ليس الحل السحري للعلاقة، ولكن ممكن أن تكون هناك حلول أخرى مُساعدة تحمينا وتحميهم، ابعد ولكن لا تقطع، تعامل بإحسان ولا تجرح، لا تضغط نفسك وادفع بالتي هي أحسن، لا تكُن كما كنت، ولكن لا تقطع، كلنا قد نتعرض لهذا الظلم، وقد يصعب علينا أن نعفو أو نتسامح، الغضب مساحته فاقت التوقعات لأننا سامحنا كثيرًا ولكن لا حياة لمن تنادي.
تحملنا كثيرًا ولا حياة لمن تنادي، نحن نتحمل، كيف جعلناهم يتعاملون معنا، وكيف عودناهم على أننا مُتاحون، مُتسامحون، متقبلون لأخطائهم، وأسلوبهم، وطريقتهم في التعامل معنا، لا أقول لا بد من جلد الذات، ولكن أقول نحن بحاجة فقط لوقفة شجاعة مع الذات، تعديل مسار وليس تحويله.
بطاقة إرشادية:
العفو عند المقدرة إن قدرت، وإن لم تقدر يكفيك أن تعاملهم بما يقربك من الله، لا منهم، تغنم.
دكتوراه في الإرشاد النفسي