كتاب الراية

نافذة على الإبداع.. الأدب بين معضلة الرقمنة والذكاء الاصطناعي

جامعة براغ تستعد لعقد حلقة بحثية أغسطس المُقبل

في إطار التحديات التي يواجهها الأدب خاصة والإبداع عامة، وفي ظل الطفرة التكنولوجية والمعلوماتية ووجود بدائل اصطناعية لتأطير المُنتج الفكري، تستعد جامعة براغ في شهر أغسطس المقبل لعقد حلقة بحثية كبيرة تستمر لمدة 12 يومًا، تستضيف فيها الأدباء والمفكرين من جميع أنحاء أوروبا في محاولة لفهم طبيعة الأدب وآليات السرد وأيضًا لبحث مخاطر وفوائد الذكاء الاصطناعي في هذا الإطار ضمن افتراضية تأثر الأدب سلبًا أو حتى خطورة اختفائه بشكل كليّ ربما في خلال أربعة عقود قادمة.

في الحقيقة تعتبر فرضية اختفاء الأدب في مواجهة تقنية الاختزال وإعادة التشكيل ضمن محاولات الذكاء الاصطناعي لإثبات فرضية أنه قادر على أن يحل محل العقل الإبداعي هي فرضية مطروحة ولو بشكل نظري، ومن ثم قامت عدة مؤسسات مثل بروهلفتيا السويسرية ومجموعة من الجامعات الأوروبية في عقد عدة لقاءات وحلقات بحثية لإثبات أنه مهما تطورت نظم الذكاء الاصطناعي فإنها غير قادرة بالمرة على إنتاج ما يمكن أن نُعرّفه بالإبداع، وفي هذا الصدد يقول هاينريش نُولده أستاذ الأدب والنقد بجامعة درسدن أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع خلط المُعطيات الفكرية ليكون منها طرازًا إبداعيًا سواء في مجال السرد أو الشعر أو المسرح ويستند نولده على فرضيتين، أولاهما: افتقاد هذا النظام من أهم معطيات العقل والروح البشرية وهي المشاعر والتي تشكل في الإبداع العنصر الرئيسي لخلط المعطيات الفكرية، وفيوض الذاكرة بشكل يجعل من هذه الحالة إبداعًا إنسانيًا خالصًا، أما الفرضية الثانية أن الذكاء الاصطناعي تنقصه التجربة العاطفية التي تجعل من كل عمل إبداعي عملًا فرديًا مستندًا على التماهي الإنساني دون غيره.

وبالرغم من ذلك هناك فريق في جامعات أمريكية مثل ستانفورد وكولومبيا يؤكد أن الذكاء الاصطناعي يستطيع بالتدريب الاقتراب من الحالة الإبداعية البشرية، دون مطابقتها بالطبع، ودليلهم على ذلك هو أن الأساس في الذكاء الاصطناعي كان منهج الترميز والتشفير اللُغوي الذي بدأه الفيلسوف والناقد الأمريكي دوجلاس هوفيستاتر صاحب كتاب – الجديلة الذهبية – في أوائل ثمانينيات القرن العشرين ما جعله الرائد الأول في هذا المجال، ومن ثم يرُدّ هذا الفريق طفرة الذكاء الاصطناعي وأسسه لفكرة التلقين الإبداعي في خامة التواصل اللغوي، لكنهم على أي حال يتفقون مع نولده في فكرة – خلوّ العاطفة – التي تجعل المُنتج الاصطناعي باردًا إلى حد ما.

يبقى أن نقول إن الذكاء الاصطناعي رسب في تجارب أولية للرد على أسئلة ثقافية من معطيات أدخلت إليه بنسبة 67 بالمئة، ما يجعل الحلقة البحثية التي تستعد لها جامعة براغ من أهم الأحداث على الخريطة الثقافية والأكاديمية في أجندة العام الحالي.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X