همسات قانونية.. إجراء الاستدلال
قانون الإجراءات الجنائية أجاز لمأمور الضبط القضائي استيقاف كل من يضع نفسه في موضعٍ للشك

إنَّ تحقيق الأمن والأمان من أسمى الغايات التي تسعى إليها الدول، وفي سبيل تحقيق تلك الغاية يتم مكافحة الجريمة بكافة صورها، سواء قبل وقوعها عن طريق اتخاذ إجراءات وقائية تحول دون وقوع الجريمة، أو بعد وقوعها عن طريق البحث عن المجرم وضبطه لينال نصيبه من العقاب، ويُعدُ إجراء الاستدلال من أهم الإجراءات التي يُبنى عليها صرح الدعوى الجنائية، ويُعرف إجراء الاستدلال وفقًا لنص المادة (29) من قانون الإجراءات الجنائية رقم (23) لسنة 2004 بأنهُ البحث والتقصي باستخدام السُبل القانونية المشروعة لجمعِ البيانات والمعلومات الخاصة بالجريمة وتحقيق كافة عناصرها للبدء في التحقيق فيها.
ونظرًا للأهمية القُصوى لإجراء الاستدلال فإن المشرّع القطري قد أحاطهُ بسياجٍ من الضمانات والضوابط حتى لا يُساء استعماله، فيجبُ أولًا أنْ يكون الشخص القائم بإجراء الاستدلال من مأموري الضبط القضائي وذلك وفقًا لنص المادة (29) من قانون الإجراءات الجنائية، كما أجازت المادة (30) من ذات القانون لمأمور الضبط القضائي أنْ يستعين برجال السلطة العامة لمعاونتهِ في إجراء الاستدلال.
أمَّا عن المادة (31) من ذات القانون فقد أوجبت على مأمور الضبط القضائي أنْ يُثبت في محضرٍ رسمي كل ما يقوم بهِ من إجراءات استدلالية في سبيل التقصي وجمع المعلومات والبيانات عن الدعاوى المُبلغ عنها أو التي وصلت إلى علمهم بأي طريقة كانت، شريطة أن يُبين في المحضر وقت وتاريخ كل إجراء، إذ لا يُعتد بأي إجراء غير مُثبت في المحضر، كما يجبُ أنْ يُوقّع على المحضر كل من مأموري الضبط والمتهمين والشهود والخبراء، وفي حال رفض أحدهم التوقيع يتم إثبات ذلك في المحضر.
كما قضت المادة (34) من قانون الإجراءات الجنائية بحظر تحليف الشهود أو الخبراء اليمين القانونية، إلَّا إذا كان من المتعذر تحليفهم فيما بعد، وإنْ كانت ذات المادة قد أباحت لهم إجراء المعاينة وسماع الشهود وجمع الأدلة وحفظها من التشويه والتلاعب ومواجهة المتهم بما هو منسوبٌ إليه وأخذ أقواله، على أن يكون ذلك على سبيل الاستدلال والاستيضاح وليس على سبيل التحقيق، حيث إنَّ إجراء التحقيق اختصاصٌ أصيل للنيابة العامة لا يجوز لها أنْ تُقِيم مقامها من يمارسهُ بدلًا عنها.
أمَّا عن المادة (35) من ذات القانون فقد نصت على اقتصار سلطات مأمور الضبط القضائي على منطقة جغرافية أو نطاق إقليمي معين، وإن كانت قد أباحت له على سبيل الاستثناء الاستدلال خارج نطاق دائرته الاستدلالية إذا كان ذلك لازمًا لتقصي واقعة معينة يختص بها، إلا أن الأصل العام أنه لا يجوز لهُ أن يمارس سلطاته خارج دائرة اختصاصه.
ونختم مقالنا بالإشارة إلى إجراء الاستيقاف الذي أشارت إليه المادة (36) من قانون الإجراءات الجنائية، حيث أجازت لمأمور الضبط القضائي أن يستوقف كل من يضع نفسه في موضعٍ للشك أو الريبة، بغية التثبت من هويته واستيضاح وجهته ومحل إقامته وسبب تواجده في هذا المكان أو ذاك الزمان.