همسة ود.. أي صِنف من الناس أنت؟
يرفضون تحمّل المسؤولية عن تصرفاتهم ويقومون بلوم الآخرين على فشلهم

وَفقًا للفيلسوف نيتشه: العالم ينقسم إلى نوعين من الأشخاص، الصِنف الأول، هم هؤلاء الذين يتبعون إرادتهم الخاصة.
والصنف الثاني هم الذين يتبعون إرادة الآخرين، الأولون أقوياء ولا يسمحون لأحد بالتحكم فيهم، بينما الصنف الثاني من الأشخاص ضعفاء ويقومون بإعادة إنتاج ما يفعله الآخرون وما يقولونه.
في اعتقادي بأن الصنف الأول من الناس يرون أن نجاح الإنسان في امتحان التفكر يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، وهذا يعتمد على التدبّر والاعتبار من الدروس والتحذيرات التي يستخلصها أثناء تفكره، ولذلك فإنه من الضرورة بمكان أن يتفكرَ الإنسان بصدق دائمًا، ويؤمن بقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا – وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ)، فالله يدعو الإنسان إلى التفكّر في خلقه، ويدعوه إلى التفكر في خلق الكون: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)، ويدعوهم الى التفكر بالطبيعة الفانية لهذه الحياة الدنيا، «إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ- نَبَاتُ ٱلْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلْأَنْعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَٰدِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَىٰهَآ أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَٰهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلْأَمْسِ – كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلْآيَٰتِ لِقَوْمٍ- يَتَفَكَّرُونَ» .
ويدعو الناس إلى التفكر في أنفسهم، وإلى التفكر في الآخرة، والساعة ويوم الحساب، فالإنسان الذي يتفكر يحيط بأسرار الخلق وبحقيقة هذه الحياة الدنيا، ونتيجة لذلك فإنه يستمتع بالجمال أكثر بكثير مما يستمتع به غيره، ولا تُسبّب له المخاوف والأطماع الدنيوية الاكتئابَ والقلق، فعندما يفشل الإنسان في السيطرة على أفكاره السلبية، فإنه لا يشعر بالتخوف من شرور مُرتقبة ولا يتعامل مع الأحداث التي لم تحصل وكأنها حصلت بالفعل، فلا يقوده ذلك إلى الحزن والخوف والقلق.
أما الصنف الثاني الذي تحدث عنهم نيتشة فهم الذين يتبعون إرادة الآخرين. فهم الذين يتصفون بعدم الثبات، حيث إن هنالك العديد من الناس الذين يتعرضون للفشل ليس بسبب افتقارهم للموهبة أو المعرفة، ولكنهم يفتقرون للمُثابرة ويفتقرون للرغبة في الاستمرار وفي بذل الجهود نفسها في كل مرة. حيث إن أغلب الناس لا ينجحون في مهامهم من المرة الأولى، وحينها يقومون بالبحث عن الأعذار المُختلفة، بدلًا من مُحاولة وضع الجهد المُناسب والتعلم من الأخطاء. فالمطلوب حقًا للحصول على النجاح هو التعلم من الماضي، وتحديد المُشكلة الحقيقية والتفكير في الإجراءات المُناسبة لتحويل الفشل إلى نجاح. وهذا الصنف من الناس يتصف بعدم الانضباط، فلا يمكن تحقيق إنجاز ما بدون العمل على ضبط النفس والتضحية والبُعد عن مُشتّتات الانتباه، وأهم انضباط هو الانضباط في تقدير قيمة الوقت، ومعرفة كيفية استغلاله بالشكل المُناسب لتحقيق النجاح، كما يجب احترام الذات، حيث يُعد ضعف تقدير الذات وعدم تقدير القيمة الذاتية من أكثر الأمور التي يمكن أن تُسبّب الفشل.
إن بعض الناس يرفضون تحمّل المسؤولية عن تصرفاتهم، ويقومون بلوم الآخرين على فشلهم في الحياة، ويدعّون معرفة كل شيء، وعدم الاهتمام بضرورة تعلم كيفية القيام بالأشياء بشكل سليم للوصول إلى النجاح، كما يُحاولون بلوغ المثالية وتحقيق الكمال المُستحيل، فتصبح لديهم مخاوف داخلية تؤثر على إدراك النجاح والوصول إليه، والخوف من فقدان المحبة والدعم من الآخرين.