كلمات من القلب.. إلا أنت..

هناك – ولا أدري إن كنتُ أنت منهم – من يَقول لك: إلا أنت.. لا أتحمّل.. لا أستطيع.. كلمات لا تفهمُها، ولكن مع الوقت تعرف أن هذا الشخص يوصلُ لك رسالةً غريبةً، فيها شيءٌ من الأنانية وحب الذات، فهو يقول لك لا تُدخِّن، لا تعمل هذا، لا تعمل ذاك، أحبك، أخاف عليك، هناك من يُحرِّض ابنه على الكسل بحُجة الخوف عليه من الفشل، وهناك من يعمل المعقول وغير المعقول، بحُجة أنَّه أكبر منك أو أنه مرَّ بتجربة، ولكن أنت لا، لأنك لطيف، عفوي، بريءٌ، لم تمرّ بتجرِبة، لا يُريدك أن تتألم.
أو يخدعك الآخر، هذا هو تفكيره، نحترمه، لكن هذه وجهات نظر، طريقة تفكير، هنا لا نُحاكم أو نُجادل أو ننتقد، ولكن نريد أن نفهم سؤال هذا الشخص، هل أنت مُقتنع أنك أسوة حسنة لغيرك؟ أنت تريد من الآخر أن يسير بمُخطط الحماية والرعاية، وهو ما صنعت ولكنك أيضًا تمتع نفسك بأمور قد تحرّمها على غيرك، لا نُبرّر الأخطاء ولا نُشجعها ولا نُقارن.
لماذا لا يكون هناك عدل وإنصاف لطريقة التعامل مع الموقف، حتى لا نخسر من نحب، لماذا لا تُغيّر أنت أيضًا سلوكك، لنفسك، لحياتك، لراحة أكبر، لماذا لا تُصلح من ذاتك أنت أيضًا، جميل، أن نخاف على الآخر ونحترمه ونحبه، لكن لا بد أن يعكسَ سلوكُنا ما تقولُه أفواهُنا، فكرة «أنا أخطئ لا يهم» أنت لا.. لأني أحبك.
سؤال: لا تحب نفسك؟ هل فعلًا لا تحبها؟ لأنك تقول أنا أخاف عليك، وأنت لا تخاف على نفسك، صحتك، مالك، أنت تهتم بالآخر لتُسيطر عليه أم أنك تفعل به ما تتمنى أن تفعله لنفسك، ولكن غرقت في تجاربك السامة، نصيحتي: عدِّل من طريقتك ليقتنع بك الآخر، أحِبّ نفسك ليحبّوك، غيّر من طريقة تفكيرك ليُحاورك، استفِد من أخطائك ليرحموك، لا تعش دورَ المُنقذ وأنت تغرق، أهم علامات تدل عليك أنك تقول: أنا أكره نفسي، طيب.. إن كنت كذلك، نحن ما لنا بك؟ اذهب إلى نفسك، صادقها افهمها، أحِبَّها، ارحمها، بعدها ارجع بفكر مُتصالح مع الذات لتفهمك أكثر.
دعني أقُل لك من واقع خبرات حياة شاهدتها في استشاراتي، لا تكُن من يُصلح حال الآخرين وينسى نفسه، لأنك ستجد أن كلَّ شيء خرج عن سيطرته، لأنك لم تُبادر بتقديم نماذج حية لسلوكك، بل تُبادر بالنهي والتحذير، بالخوف والترهيب، هل تعلم، قد يفهم الابن خوف الأب عليه حرمانًا، قد تفهم البنت قلق الأم ظلمًا، قد يفهمك من يحبك أنك أناني، قد يتحول اهتمامك للتسلط.. للسيطرة.
قد تحرمك محبة من أحبك، الموضوع بسيط جدًا، ابدأ بنفسك أولًا؛ لأنها بحاجة إليك، وبحاجة لتغيير في داخلك، لنفسك أولًا، ثم الآخر، التغيير الإيجابي بداخلك سينعكس على نفسك، سلوكك، ومن حولك، ويجعل تأثيره أحلى وأجمل، يُحوّلك إلى شخص غير مُتناقض، مع ذاته، مع أفكاره، مع ما يُحيط به، فرصتك في إعادة حسابك ونظرتك لدورك مع نفسك أولًا، تمتع بالتعديل، بالتغيير، واجعله واقعًا تعيشه لا حلمًا تفكر به.
بطاقة إرشادية:
عزيزي.. من غير زعل وبهمسة في أذنك لا يسمعها غيرُك:
لا تُحوِّل حرصك لسيطرة وأنانية.
أصلح نفسك ينصلح ما حولك.
دمتم بِوُد.
دكتوراه في الإرشاد النفسي