كتاب الراية

ما بين السطور.. حمدة وفسيكرة

هذه القصةُ التراثيةُ التي توارثتها الأجيال في بعض مناطق الخليج العربي، تُعيدنا دائمًا إلى سندريلا، التي تمت روايتها وحبكها في كل مُجتمع من مُجتمعات العالم بأسماء مُختلفة، وبيئة مُختلفة عن بيئتنا التراثية،

فقد حظيت مُجتمعات العالم من شرقه لغربه، ومن شماله لجنوبه، بهذه الحكاية التي أسرت قلوب السامعين والمُتتبعين لأحداثها المشوقة.

فبينما رست حكايتنا المحلية على شاطئ البحر، والأسماك التي تعيش فيه، التي يتغذى عليها سكان المِنطقة، فقد اختلفت بقية الثقافات في طرح حكايتها الخاصة بها، ودمغها بالبيئة التي ينتمون إليها،

ففي سندريلا، تطغى البيئة الغربية القديمة، بكل معاييرها القديمة، من (الفيري تيل) الساحرة الجميلة، والقصور الفخمة، والعربات الخاصة بكل أسرة وكل بيت.

بينما تظهر سندريلا الصين، والروس، ترفل بين أكوام الثلوج البيضاء التي تُغطي الشوارع والسهول والجبال، وكذلك وجود أسراب البط والإوز التي يتم تربيتها في بعض المزارع المُنتشرة في تلك المناطق.

وفي إفريقيا، تُطالعنا السندريلا الإفريقية، بما تحمله من شجاعة وقوة، تعلو كأشجار الغابة، وتُحارب كحيواناتها الجسورة، وتحب وتعشق كامرأة من ألف ليلة وليلة،

كل أمم العالم منذ عصور طويلة، روت حكاياتها حول زوجة الأب الظالمة، واليتيمة المظلومة والمقهورة، والأب الغائب الذي لا يعي ما يحدث لطفلته الصغيرة،

كل ذلك نوعًا ما، كان سمة لا تتجزأ من الطبيعة الإنسانية التي ولد الإنسان بها، ثم تطبع بما تطبعه به بيئته، بيته، وجيرانه، ومُجتمعه، ثم تمت صياغة كل تلك السمات وما يتبعها من أحداث، في حكايات شفاهية، انتقلت من جيل لآخر، ومن عصر لما يليه.

لكن السؤال الغريب هنا، كيف تشابهت تلك الحكايات في مضمونها وأهدافها، رغم اختلاف الأمكنة، والثقافات، والتقاليد، والمناخ، والتضاريس الجغرافية..؟ وكيف اتفقت جميعها من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب في الحكم على الزوجة الثانية، وفي الحبكة المُشتركة في كل المرويات، وفي النهاية التي أصبحت مألوفةً لمُعظم القصص القديمة، والمُتناقلة عبر الأجيال والبحار والمُحيطات ؟

وقد كان لكل تلك الحكايات المُتمثلة في سندريلا، أو حمدة، أو فريشكا، أو أيًا ما كان اسمها، مثال في اليتم والقهر، الذي انتهى بحدوث المعجزة غير المُتوقعة، بحصولها على الأمير أو ابن الشيخ، أو ابن سيد القبيلة، أو…..

في النهاية تُعطي القصةُ مثالًا حالمًا للفتيات أو الفتيان من نفس الفئة المظلومة، بانتصارهم على الظلم وتحقيق الأحلام.. ويا ليت الواقع كالأحلام….. !

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X