فيض الخاطر.. الشباب ثروة.. يَكْبُرُ بها المستقبل
يحتفي العالمُ باليوم العالميّ للشباب في الثاني عشر من شهر أغسطس من كلِّ عام، للتوعية بدور الشباب في التنمية، وتهيئة الظروف المُناسبة لتمكين الشباب من القيام بدورهم التنموي من خلال المُبادرات البنّاءة الهادفة لدفع عجلة التطوّر والازدهار في البلاد، إذا توفرت العوامل والظروف المُحفّزة ليأخذ الشباب فرصته في إبراز ما يتمتع به من مهارات ومُبادرات خلّاقة، تعودُ فائدتُها عليه وعلى أسرته، ومُجتمعه، ووطنه، وأمته.
على مَرّ العصور كان للشباب مُبادرات أسهمت في تغيير مجرى التاريخ، بعد أن توفرت البيئة المُحفزة والمُناخ الداعم لرعاية وإبراز تلك المُبادرات، والمُحافظة عليها وتطويرها فيما يخدم الناسَ جميعًا، وليس هناك ما هو أخطر على الشباب من الإحباط والقمع والرفض لأي مُبادرة شبابية بحُجة أنها لم تنضج بعد، أو أي رأي بذريعة خروجه عن المألوف والسائد بين الناس، وكذلك إهمال الشباب وعدم العناية بهم سواء من قِبل آبائهم، أو من قِبل المؤسسات المعنية بشؤونهم، وفي هذا الإهمال هدر لطاقات قادرة على البناء، وتحطيم لنفوس توّاقة للطموح بأن يكون لها شأنها في المُستقبل.
ويُخطئ من يَسِم شبابَ اليوم بالاتكالية والإهمال وعدم التفكير في المُستقبل، فما زال الخير باقيًا في نفوس شبابنا، وما زالت طموحاتهم أكبر من أي عثرات فرضتها طبيعة العصر وتقنياته الحديثة، ومُغرياته العديدة التي تخلب لُبَّ بعض الشباب، ويقعون في حبائلها دون وعي أو إدراك للنتائج، وهنا يأتي دور أولياء الأمور والمؤسسات التعليمية والتربوية، لتحقيق التوازن في التربية السليمة التي تصقل شخصية الشاب، وتُقوّي عزيمته ليتجاوز العقبات ويتخطى العراقيل، والتربية السليمة تبدأ منذ الصغر، بالتوجيه السليم، والتدخل الإيجابي عند ارتكاب الخطأ من قِبل الأبناء أو البنات، دون تنفير أو تحقير، فالمُراد هو الإصلاح، والإصلاح له أساليبه التربوية المعروفة، ما يعني التخلّي عن تلك الأساليب التربوية القديمة التي تُلغي شخصية الأبناء والبنات، إما بالتدليل الزائد أو بالعنف المرفوض، ومن الخطأ الفادح أن نُعامل أبناءنا -بنين وبنات- بما كان يُعاملنا به آباؤنا، من أساليب تربوية في الماضي تصطدم بالحاضر، وبُعنف مع واقع المُجتمع، ومُتطلبات الحياة، ولا بد من الحرص الشديد على القيم والثوابت الدينية التي لا يمكن التخلّي عنها، أو التهاون في التقيّد بها، لأنها تُشكّل هُويتنا التي لا يمكن اختراقها، مهما بلغت حدة التحديات، أو شراسة من يتبناها لزعزعة الإيمان بالأصالة، ودون التخلي عما في الحداثة من خير، ومُكتسبات علمية وإنجازات تقنية هي في النهاية مكاسب إنسانية عامة تهدف لازدهار البشرية وتقدّمها، وليعمَّ السلامُ والرخاء. وللشباب دوره الذي لا يُنكر في تحقيق هذه الأهداف العظيمة، ونقول للكبار: كنتم صغارًا فكبرتم وكبر بكم الواقع، وهؤلاء شباب اليوم سيكبرون، ويكبر بهم المُستقبل، بإذن الله.