قيام الليل .. دأب الصالحين
د. نور الدين الخادمي: يعمق الإيمان والإخلاص في نفس المُسلم
الشيخ جاسم المفتاح: باب للتقرب إلى المولى عز وجل والفوز بمحبته
د. عايش القحطاني: الأطباء أكدوا أن قيام الليل يقلل الجُلطات الدماغية

الدوحة – نشأت أمين:
أكد عددٌ من الدعاة أن قيام الليل هو دأب الصالحين، وأنه سُنة نبوية رغبت فيها الشريعة الإسلامية كثيرًا، لافتين إلى أنه فضيلة تعمق الإيمان والإخلاص والصدق في نفس العبد لأنه عبادة تتم في خلوة بين العبد وربه.
وقال العلماءُ والدعاة الذين تحدثوا لـ الراية : يكفينا شرفًا أن قيام الليل من السنن التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، لافتين إلى أنه ليس له عدد ركعات معين وأن كل إنسان يمكنه القيام بحسب قدراته وإمكانياته، المهم أن تكون صلاته مثنى، مثنى.
وقالوا إن من ثمار صلاة قيام الليل أنها باب للتقرب إلى الله عزَّ وجل والفوز بمحبته وأنه يمكن للإنسان أن يواظب على أدائها لكن دون الاعتقاد بوجوبها وألا تؤدي إلى خلل في واجب لأن الواجب مقدَّم على السنة ومقدَّم على المندوب.
سُنة نبوية
وقال فضيلة د. نور الدين الخادمي أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة قطر: إن قيام الليل هو سنة نبوية وهو دأب الصالحين بمعنى أنه من الصفات والعادات التي تُميز سلوكهم وهو فضيلة تعمق الإيمان والإخلاص والصدق في نفس العبد لأنه عبادة تتم في خلوة بين العبد وربه وهو بخلاف الصلوات الأخرى كصلاة الفروض التي تكون في جماعة على سبيل المثال، وأضاف: يكفينا شرفًا أن قيام الليل من السنن التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشمل الاستغفار والذكر والدعاء.
وقال إن كل إنسان يمكنه القيام بحسب قدراته وإمكانياته، وليس هناك عدد معين لعدد ركعات قيام الليل، المهم أن تكون مثنى، مثنى، لافتًا إلى أنه يمكن للإنسان أن يواظب على أداء قيام الليل لكن دون أن يعتقد بوجوبه أو انتظامه، ولكنه يقيمه بحسب ما أتاحه الشارع مع ملاحظة ضرورة ألا يؤدي إلى خلل في عبادة أو في معاملة كأن يقيم الإنسان الليل إلى منتصفه ثم ينام عن أداء صلاة الفجر مثلًا ولا يصليها حاضرًا، أو أن يؤثر ذلك على عمله أو دراسته أو سعيه في الأرض، لأن الواجب مقدم على السنة والواجب مقدَّم على المندوب، مُضيفًا أن الموازنة مطلوبة بين قيام الليل وهو سُنة وفضيلة وبين الأعمال الأخرى الواجبة.
ونوه بأن وقت قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء وحتى قبل طلوع الفجر، وكلما كان وقته متأخرًا وهو الوقت المسمى بالثلث الأخير كان أفضل وهي صلاة لها فضل عظيم عند الله تبارك وتعالى، لافتًا إلى أن القرآن الكريم رغّب كثيرًا في قيام الليل ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى «وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا» وقوله عز وجل: «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا» وغير ذلك من الآيات الكريمة.
العشاء والفجر
وأوضح أن صلاتي العشاء والفجر في جماعة هما ضرب من ضروب قيام الليل، لافتًا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله» .
من جانبه قال فضيلة الشيخ جاسم المفتاح إن هناك ثمارًا عديدة لقيام الليل، مضيفًا بأنه يكفينا شرفًا أن قيام الليل من السنن المؤكدة، التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ووصى بها؛ ولذلك سنقتفي خطاه صلى الله عليه وسلم، ونسير على نهجه في قيام الليل، فهو قدوتنا وأسوتنا، يقولُ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.
وأوضح أن من ثماره أيضًا أنه باب للتقرب إلى الله، وهذه هي الجائزة الكبرى، تخيل أنك تكون أقرب إلى الله من أي وقتٍ آخر، وما أحلى قرب الله، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أقربُ مَا يكونُ العبدُ من الرَّبِّ في جوفِ اللَّيلِ الأخيرِ، فإنِ استطعتَ أنْ تكونَ مِمَّنْ يذكرُ اللهَ فِي تلكَ السَّاعةِ فكُنْ» .
محبة الله
ولفت إلى أن من ثماره أيضًا الفوز بمحبة الله: وهذه هي منح لا تنتهي، فالله عز وجل مالك هذا الكون وخالقه، الغني عنك وعن عبادتك، وعن كل ما في الكون، يضحك لك ويستبشر بك، فيا لها من مكانة عظيمة؛ فعن أبي الدَّرداء أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثةٌ يحبُّهمُ اللهُ، ويضحكُ إليهمْ ويستبشرُ بِهِمْ: الذِي إذَا انكشفتْ فئةٌ قاتلَ وراءَهَا بنفسِهِ للهِ عز وجل، فإمَّا أنْ يُقتَلَ، وإمَّا أنْ ينصرَهُ الله عز وجلّ ويكفيهِ، فيقولُ: انظُرُوا إلَى عبدِي هذَا كيفَ صبرَ لِي بنفسِهِ، والَّذِي لهُ امرأةٌ حَسَنَةٌ وفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فيقومُ مِنَ اللَّيلِ فيقولُ: «يَذَرُ (يترك) شهوتَهُ ويذكُرُنِي، ولوْ شاءَ رَقَدَ (نام). والَّذِي إذَا كانَ فِي سفرٍ، وكانَ معهُ ركبٌ فسهرُوا ثُمَّ هَجَعُوا فقامَ في السَّحَرِ فِي ضَرَّاءَ وسَرَّاءَ» .
وأكد أن من ثمار قيام الليل تحقيق الإخلاص: فقيام الليل ينقي القلب ويطهره، ويملؤه بحب الطاعة، ومن يستحضر عظمة الله في تلك اللحظات يجد أن الدنيا كلها هيّنة ضئيلة في عينيه، فأنت تترك كل الدنيا وتناجي مالكها، فيكون هذا دافعًا للخشوع في الصلاة، والإخلاص.
ثلاث فوائد
إلى ذلك قال فضيلة د. عايش القحطاني إن هناك ثلاث فوائد تعود على العبد من قيام الليل، الأولى: وهي فائدة دينية وذلك بالتقرب إلى المولى عز وجل ونيل محبته ورضوانه، أما الثانية فهي فائدة نفسية وتتحقق من خلال شعور الإنسان بالراحة النفسية، وأما الفائدة الثالثة فهي فائدة صحية، ولفت إلى أن الفائدة الصحية كشف عنها الطب الحديث حيث ثبت أن أغلب حالات الوفاة الناجمة عن الإصابة بالجلطات القلبية والدماغية تحدث بين منتصف الليل وحتى الساعة الثامنة صباحًا نظرًا للانخفاض الشديد في ضغط الدم.
ولذلك فإن بعض الأطباء ينصحون بضرورة قيام الإنسان بالليل وأداء بعض الحركات لتنشيط الدورة الدموية حيث ينخفض ضغط دم الإنسان في هذا الوقت بشدة.