فيض الخاطر.. الذكاء الاصطناعي.. نعمة العصر أم نقمته ؟
تصور قارئي العزيز أنك فوجئت يومًا بأن شخصًا قد انتحل شخصيتك.. وهو يتمتع بكامل صفاتك: صوتك ولونك وما تملكه من معلومات وأسرار لا أحد يعلمها غيرك، حصل عليها بوسائل إلكترونية لا علم لك بها! لا شك أنك ستذهل أمام هذه الشخصية المُزيّفة التي تُفاجئك وتقضّ مضجعك وتُدخلك في دوامة من القلق لا نهاية لها. لا شك أن هذا الوضع الكارثي سيدفعك للتساؤل: كيف تم ذلك؟ ليأتيك الجواب:
إنه الذكاء الاصطناعي الذي لا تزال آفاقه مفتوحة للمزيد من التطور بما لا يعلم مداه إلا الله وحده.
وتتوالى الأنباء المُذهلة والمُخيفة عن مُنجزات الذكاء الاصطناعي، بما تعنيه من إمكانات هائلة تُحيّر العقول لما تنطوي عليه من دِلالاتٍ تفوق الخيال، وتدفع للتساؤل عن استخداماتها وما تنطوي على هذه الاستخدامات من نتائج سلبية أو إيجابية، والمعروف أن الإنجازات البشرية عملة ذات وجهين، حسن وقبيح: حسن إذا استخدمت من أجل خير البشرية وتقدم العالم وازدهاره، وصولًا إلى حياة هانئة مُستقرة وسعيدة، وقبيح إذا استخدمت في الإضرار بالناس، والإساءة إليهم وتحويل حياتهم إلى جحيم في خضم حقائق ليست حقائق، تثير الخصومة وتزرع الأحقاد وتُشوّه الحياة وصولًا إلى حياة قلقة وتعيسة وغير مُستقرة. إذن الإنجاز البشري إذا تولى أمره أفراد أو حكومات تريد الخير، فتلك هي الغاية منه كأي وسيلة يُراد بها الإصلاح، أما إذا تولى أمره أفراد أو حكومات تريد به الإضرار فهو سلاح تدميري فتاك، ليس في المجال الصناعي أو التِجاري أو الاقتصادي فقط، ولكن في المجال القِيمي والأخلاقي والعَلاقات بين الأفراد والحكومات، عندما يستغل الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف مشبوهة، وغايات مُشوّهة لا يُراد بها الخير، لتُتاح الفرص أكثر للمُحتالين والمُتآمرين، وأعداء الأمن والسلام وازدهار العالم واستقراره. والطامة الكُبرى أن الأبواب مُشرعة أمام هذا التطور فهو لا يقف عند حد، ولكنه يتنامى مع الأيام ليُقدّم المزيد من المُفاجآت غير المحدودة، فهذا المارد الذي انطلق من قمقم التطور العلمي يقتضي بالضرورة وسائل الوقاية من أضراره المُحتملة، في إطار القوانين والأنظمة المُتعلقة بالجرائم الإلكترونية، أو من خلال استحداث قوانين وأنظمة تحدّ من الاستخدام العشوائي لهذا المُنجز الذي يعتبر من أخطر مُنجزات العصر وأكثرها أهمية وفاعلية من حيث التأثير المُباشر على حياة الناس. إن مثل هذه المُنجزات تُشير إلى احتمالات فاجعة يتعرض لها كوكب الأرض، ما لم تتضافر كل الجهود لدرء مثل هذه الأخطار المُحتملة، الأمر الذي يدعو المُنظمات الدولية المعنية بحماية الإنسان من الفناء، – وبمُساندة كل الدول – لاتخاذ الإجراءات التي تحد من التأثيرات السلبية لأي مُنجز علمي قد يقود إلى الإضرار بالحياة وإرباك مسيرتها الطبيعية لسلامة العالم وأمنه، حتى لا يفنى هذا العالم!