المنتدى

على الزيرو!

بقلم/ سليم عزوز:

 أعرف الفنان شريف منير، من خلال ما قدمه من أدوار في الدراما المصرية، لكني لا أذكر أي أدوار فنية لابنته، ولهذا لا أعرف سبب تكريمها في مهرجان فني إلا إذا كان الأمر له علاقة «بحق الشُفعة» !

لقد أثارت «أسما شريف منير» ضجةً وتعرضت للهجوم الكاسح عبر منصات التواصل، ولم يكن الأمر احتجاجًا على عدم جدارتها بالتكريم، فمثل هذا الأمر يستدعي متابعة لأعمالها، ومن ثم القرار بأن التكريم كان مجاملة للوالد، ولكن الضجة سببها هذا المشهد الذي ظهرت به، فقد حلقت شعرها على الزيرو، لكن الهجوم كان سببًا في إرباكها وإرباك والدها، فلم يقرأ أحد الرسالة من هذا الظهور، ولم تشرحها هي، فقد سبق السيفُ العَذَل!

ودائمًا فإن الكفَّ السابقَ سابقٌ، ويبدو أنها لم تهتم بمن يطلق الطلقة الأولى عن ظهورها بهذا الشكل، اعتقادًا منها أن الرسالة ستصل حالًا للمشاهد، فيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ، لكن دلالات الصورة ضاعت، ومن ثم لم يكن الأمر بحاجة إلى المزيد من التداعيات في مهرجان السخرية المنصوب ضدها!

لقد أرادت الفنانة الشابة أن تذكر بما فعلت بفرعونية مصر، مع هذا الجدل الدائر عن الهوية، والذي يعد من معارك أوقات الفراغ، التي فرضتها حالة الاستقطاب السياسي، وكأن الفرعونية موجهة لفصيل ديني بعينه، وكأنها لا تمثل أزمة مع الديانات الأخرى، فأزمة فرعون لم تكن مع شيخ الإسلام ابن تيمية، ولكن مع نبي الله موسى عليه السلام، وهو نبي بني إسرائيل، ويؤمن به المسيحيون وبما نسب إليه ويسمّونه ب «العهد القديم» فليس المسلمون وحدهم الذين يؤمنون بنبوة موسى ويفرحون لانتصاره على فرعون!

اللافت أن لباس الفنانة الشابة وهيئتها لا يمثلان المرأة في الحضارة المصرية القديمة، ولكنهما يشبهان زي وهيئة الكهنة في هذه العصور المتقدمة قبل الميلاد، لاسيما في ظهورهم حليقي الرأس تمامًا، فللمرأة شكلها وهندامها، وهو يظهر أكثر وضوحًا في صورتي «نفرتيتي» و»كليو باترا» !

وواحدة منهما استخدمها حزب سياسي رمزًا انتخابيًا، لكن اختلط عليه الأمر فنشر الصورة الأخرى، ما كان مثارًا للسخرية، وتهوين المُعلقين من الأمر بأنهما ليستا أكثر من اسم علبة سجائر، وهناك صنف من السجائر يسمى «نفرتيتي» وآخر يسمى «كليو باترا» لكنها المكايدة بالجهل!

وهذا يقودنا إلى جهل مركب عندما نعلم أن الرمز المختار لم تكن سيدة مصرية فاضلة، ولكنها أجنبية غازية، وأنها لم تكن في سلوكها فوق مستوى الشبهات، وقد تآمرت على زوجها، وتخلصت منه، فنعم الاختيار!

حديث «نحن فراعنة» ليس حديثًا جديدًا، لكنه مرتبط بفترات الانحطاط، وقد ارتفع شعارًا من جانب البعض هجومًا على من رفضوا كامب ديفيد، بأن قالوا إنهم فراعنة وليسوا عربًا، لكن السادات كان أذكى منهم فنفى هذا السلوك وقال بل نحن أصل العرب!

وقبل سنوات ظهرت بالزي الفرعوني في محفل عام كاتبة متواضعة الكفاءة، لذا فإنها تلفت الانتباه بمثل هذه الطلعات الجوية، وبالحديث عن أنها فرعونية، ضمن نغمة الغزو العربي لمصر، لكنه كان زيًا نسائيًا لا يخص الإله رع، كما الفنانة المجهولة إلا من نسبها!

الجهل هو ما يقود البعض إلى اعتبار أن الفرعونية سلالة، وأن مصر لم تعرف الغزو إلا بعد الفتح الإسلامي، وكأنهم هم من السلالة النقية للمصريين!

لقد أثير جدل واسع عن «الفرعونية» هل هي سلالة أم وظيفة، وجرى خلاف بين فريقين، انتهى فريق منهم بأن «فرعون» بمعنى الحاكم، وقبل أيام ذكر باحث عراقي في الآثار أن فرعونَ موسى في اليمن، وقال عالم المصريات وسيم السيسي إن المصريين القدماء ليسوا فراعنة، وبينما الجدل محتدم جاء صوت من الجنوب يصر على أن فرعون موسى سوداني.. لا مانع لدينا!

وسواء كان المصريون القدماء فراعنة أم لا، فإنهم لا يمثلون سلالة نقية مُنغلقة، ذلك بأن مصر تعرضت لغزوات كثيرة وقبل آلاف السنين من ظهور الإسلام، وبعض الطفرات هذه حكمت لأكثر من قرنين، ومن السودان إلى ليبيا، ومن البطالمة إلى الهكسوس إلى الرومان، فاختلطت فيها الأعراق، والدماء، الأمر الذي يتعذر معه الحديث عن الجنس المصري، أو السلالة المصرية!

وددت لو أن كل ناعق، أظهر اسم جده الخامس لكي يمكننا من خلاله تتبع شجرة العائلة بغرض التوصل إلى «أصل الأنواع» ليلزم كل واحد حدوده!

عمومًا، حسنًا أن من ظهرت حليقة الرأس خسرت شعر رأسها وفشلت في إرسال الرسالة!

كاتب وصحفي مصري

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X