كتاب الراية

حديث الاقتصاد ….إكسبو الدوحة 2023 والزراعة الحديثة ( 1 )

قبل بَدء فعاليات معرض الدوحة الدولي للبستنة الذي سيُقام بإذن الله تعالى تحت شعار «صحراء خضراء بيئة أفضل» لمدة ستة أشهر مُمتدة خلال (2 أكتوبر 2023 حتى 28 مارس 2024)، ونظرًا لما لهذا الحدث النوعي التنموي من أبعاد اقتصادية واجتماعية وصحية وبيئية محليًا وإقليميًا، ارتأينا أن نُدلي بدَلوِنا الاقتصادي في هذه البئر القريبة من الصحراء الخضراء المنشودة. وهذه الشعارات الضمنية لفعاليات المعرض تحوي عناصر تنموية عديدة أهمها: الزراعة الحديثة، والتكنولوجيا والابتكار، والوعي البيئي ثم الاستدامة.

ونبدأ اليوم بمفهوم الزراعة الحديثة، حيث المزرعة العمودية (vertical farm) التي تعتبر أحد أنواع الزراعة الحديثة، فهي تُعنى بزراعة محاصيل كثيرة -خاصة الورقية والخفيفة منها- على مساحة مُحددة في طبقات تراتبية عموديًا أو على أسطح مائلة عموديًا، داخل بيئة مُراقبة بنظام مُغلق يتم فيه التحكم الدقيق بالماء والمناخ والتربة، بحيث تنتظم أوتوماتيكيًا درجات الحرارة والرطوبة والإضاءة ونظام الري ومُستويات العناصر الغذائية الضرورية للنبات، ما يسهل إمكانية زراعة المحاصيل على مدار العام في ظروف مُناخية داخلية بغضّ النظر عن الظروف الخارجية وتغيّراتها.

كيف يتم ذلك على أرض الواقع؟ يقول خبراء الزراعة وأدبيات التنمية الزراعية إنه يتم فعليًا باستخدام أحد النظامين، إما نظام بدون تربة Hydroponics حيث يستعاض عنها باستخدام ماء غني بالعناصر الغذائية الضرورية للنبات. والآخر بالري بالتنقيط بواسطة الندى أو الرطوبة (تكثيف الهواء الجوي) ويُسمَّى علميًا: (Aeroponics).

نظام المزرعة العمودية هذا حتمًا سيُقلل من الحاجة إلى مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية أو القابلة للزراعة مُقارنة بالزراعة الأفقية، وهذا بلا ريب من صالح الدول الصحراوية خاصة ونحن هنا في قطر ودول الخليج عامة نعاني من ندرة الأراضي الصالحة للزراعة والمُستصلحة ناهيك عن ندرة المياه من مصدريها المطر والمخزون الجوفي على السواء.

من المزايا الاقتصادية للمزرعة العمودية إمكانية تواجدها قرب المراكز الحضرية المأهولة بكثافة سكانية عالية، ما يُقلل من تكاليف النقل والتوزيع واللوجستيات. كما أنها بنظام التحكم والمُراقبة المُستمرة يمكنها تحقيق كفاءة الموارد المُستخدمة وتوسيع الإنتاج وتقليل هدر المياه والأسمدة.

يبقى هناك بعض التحديات المُحتملة التي يمكن أن تواجه هذا النوع من الزراعة الحديثة تتمثل في تكاليف الإعداد الأوَّلي العالية، ثم استهلاك الطاقة المتواصل لغرض توفير الإضاءة الصناعية وآلية مُراقبة الإنتاج، ثم إن هناك حاجة ماسة للمعرفة التكنولوجية النوعية والكوادر الزراعية المُتخصصة.

لا شك أن فعاليات المعرض في أكتوبر القادم ستُشكّل لدولة قطر والمنطقة الخليجية عامة، إضافةً نوعيةً جديدةً على مسار التقدم الحضاري والبناء التنموي، والتطوّر البيئي والترويح الاجتماعي والتنشيط السياحي، ثم تحقيق الصيت والسُمعة العالية، والمكانة الدولية في مضمار التنمية الزراعية الحديثة، التي ستُهيئ بلا شك تدريجيًا لتطوير الاقتصاد الزراعي النوعي لمُستقبل الأجيال القادمة.

خبير اقتصادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X