الصج.. ينقال.. الرجل العظيم يصنع نفسه

لم يبيّنْ لنا صاحبُ المقولة الشهيرة والمعروفة للعالم أجمع : (وراء كل رجل عظيم امرأة) من تكونُ هذه المرأة، هل هي الأم، الزوجة، الأخت، أم أنها الحبيبة؟، وبِغَض النظر عمن تكون تلك الشخصيَّة النسائية المقصودة بالتحديد، إلا أنَّ هناك من يتفق مع صاحبها، وهناك لا ريبَ من يختلفُ معه، فكثيرات هنَّ في حقيقة الأمر، النساء اللاتي يشهد لهنَّ التاريخ ويذكرهن جيلًا بعد جيل على أنهنّ صنعنَ من أزواجهنّ أو أبنائهنّ أو من إخوانهنّ رجالًا عظماء، هذا صحيح ولا أحدَ يستطيعُ أن ينكر عليهنَّ ذلك أو أن يبخسهنَّ حقهنَّ هذا. ولكي نكونَ منصفين وعادلين في حكمنا ونعطي كلَّ ذي حقٍ حقّه، لا بد من الاعترافِ بأنَّ الكثيرَ من الرجال العظماء (قديمًا وحديثًا) خلقوا من أنفسهم رجالًا عظماء بأنفسهم، ولم يكن للمرأة أي دور في ذلك لا من قريب ولا من بعيد، بل على العكس من ذلك، فالكثيرُ من النساء «وبصفة خاصة في زماننا هذا» كنَّ السبب وراء فشل الرجل، ونورد هنا بعض الأمثلة:
– هل بإمكان الأم التي تختار لأبنائها مستقبلهم العلمي رغمًا عن إرادتهم، أن تخلق منهم رجالًا عظماء؟ بالطبع لا.. بل سوف تخلق منهم بأنانيتها رجالًا فاشلين، لأنَّها اختارت لهم مستقبلهم كما أرادته هي، وليس كما تمنَّوْه ورغبوا فيه بأنفسهم وبملء إرادتهم، فعلى الأم معرفة أنَّ حبها لأبنائها لا يعني أبدًا السيطرة الكاملة عليهم، فلكل جيل بطبيعة الحال ظروفه وحياته ورغباته، وما يختاره ويراه مناسبًا له، فلا داعي أن تقف الأم حجر عثرة في طريق ابنها، لأنها بهذا العمل تجعل منه رجلًا فاشلًا وليس رجلًا عظيمًا.
– الأم التي ترضع ابنها الدلع والدلال والميوعة، ولا تتأخر في أن تلبِّي له طلباته -التي لا تنتهي دون اعتراض منها- بدلًا من إرضاعه القيم الرفيعة والتمسك بتعاليم الإسلام والاقتداء بأخلاق المصطفى- صلى الله عليه وسلم-، وأن تغرس فيه معنى الشجاعة والرجولة الحقة، والاعتماد على النفس، هل تستطيع أن تخلق منه رجلًا عظيمًا؟ إطلاقًا.. بل ستخلق منه رجلًا فاشلًا «مهزوزًا» بلا هُوية أو عنوان.
– الأمّ التي تعتمدُ على خادمتها في تربية أبنائها بشكل مطلق وتسلمها «الخيط والمخيط»، هل تستطيع أن تخلق من ابنها رجلًا عظيمًا؟ مستحيل، والله لن تخلق منه إلا رجلًا عظيمًا في «هزّ الرقبة» فقط.
– الأم التي لا تهتمُ بمتابعة تحصيل ابنها الدراسي، لا في البيت ولا حتى السؤال عنه في المدرسة، وقد لا تدري أيضًا في أي مرحلة دراسية هو «لانشغالها» عنه بمسؤولياتها الوظيفية أو شؤونها وأمورها الخاصة، هل تستطيع أن تخلق من ابنها رجلًا عظيمًا؟ بالتأكيد لا.. وألف لا. في عصرنا الآن.. الرجل العظيم هو من يخلق من نفسه رجلًا عظيمًا، ولا دور للمرأة في ذلك إلا فيما ندر.