كتاب الراية

من الواقع.. خطاب سمو الأمير في الأمم المتحدة

خطابُ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة -في دورتها الثامنة والسبعين- في مدينة نيويورك، وبحضور أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والفخامة رؤساء الدول والحكومات ورؤساء الوفود والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، جاء شاملًا غطى جوانب كثيرة من الأحداث والموضوعات ذات الأهمية، خليجيًا وعربيًا ودوليًا. حيث تقدّم في بداية خطابه، بالتعزية إلى ملك وشعب المغرب الشقيق، في ضحايا الزلزال المدمر، كما تقدم بالتعازي لدولة ليبيا الشقيقة، حكومة وشعبًا في ضحايا الفيضانات هناك، داعيًا الله تعالى، الشفاء العاجل للمصابين وأن يتغمد الراحلين بواسع رحمته، كما أكد على تضامن دولة قطر الكامل معهم في هذا المصاب.

ونوه سمو الأمير المفدى، بأننا نعيش في عصر التقدم المتسارع الذي لم يسبق له مثيل، وتسود فيه روح الابتكار في مجالات الطب والتكنولوجيا والعلوم عمومًا، وتتضاعف فيه قدرة البشر على تسخير الموارد التي تمكّن من توفير حياة كريمة للبشرية جمعاء. لقد أتاحت الابتكارات المتواترة إنتاجية ورفاهية ودرجة تواصل بين البشر تكاد تحقق رؤى الخيال العلمي. حيث ارتفع معدل الأعمار، ومستوى المعيشة لغالبية الإنسانية وظهر ذلك بوضوح في التكاثر السكاني. ولكن معدلات الفقر والبطالة ارتفعت أيضًا، وازداد الوعي بغياب العدالة في توزيع الثروات، فضلًا عن التبعات الخطيرة على البيئة.

وفي مجالات مثل علم الجينات والذكاء الاصطناعي تزداد الإمكانيات لتحقيق الرفاه للبشرية جمعاء. لكن الفجوة بين المُمكن والواقع تزداد أيضًا. ففي نفس العصر الذي تظهر فيه هذه الإمكانيات تعاني فيه شعوب من عمالة الأطفال والجوع والبطالة والحروب الأهلية، وتدافع فيه دول متطورة عن حدودها أمام تدفق اللاجئين الهاربين من تلك المعاناة، وكأن شعوب الكرة الأرضية تعيش في عصرين مختلفين.

وأن العلم والتكنولوجيا هما المفتاح لزيادة الإنتاجية وتحسين نوعية حياة البشر، ولكن الاحتفاء بالوسائل من دون التفكير المسؤول بالغايات التي تستخدم من أجلها أدى إلى كوارث كبرى مثل استخدام السلاح النووي، وإجراء التجارب الخطيرة على البشر، والإبادة الجماعية في معسكرات الاعتقال. وشدد سمو الأمير المفدى على تجديد الدعوة لتوحيد الجهود لمنع إساءة استخدام الفضاء السيبراني وتنظيم هذا الجانب الحيوي استنادًا لأحكام القانون الدولي، وفي هذا السياق ستنعقد في الدوحة «قمة الويب 2024»، ويشكل انعقادها فرصة هامة لاستعراض التطور في مجال التكنولوجيا، وخلق فرص تعاون جديدة في عالم التكنولوجيا لصالح البشرية جمعاء. ولم ينس سمو الأمير المفدى، حفظه الله، القضية الفلسطينية، حيث قال في خطابه، بأنه لا يجوز أن يبقى الشعب الفلسطيني أسير تعسف الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، ورفض الحكومات الإسرائيلية المُتعاقبة أيَّ حلٍ سياسي عادل وفق مبادئ الشرعية الدولية. تبنت دولة قطر طريقًا لحل النزاعات بالطرق السلمية، وهو طريق طويل وشاق، لكنه أقل كلفة من الحروب، والتزامنا بمواصلة جهودنا في تيسير وصناعة السلام هو التزام مبدئي، وهو في صلب سياستنا الخارجية.

حفظ الله قطر، وسمو الأمير، وشعبها من كل مكروه وشَرِّ وضُر.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X